على الرغم من الانقسامات الداخلية والأزمات المتعددة التي يواجهها الاتحاد الأوروبي، أظهر القادة الأوروبيون كما المؤسسات الأوروبية، بمناسبة الاحتفالات بالذكرى الستين لمعاهدة روما المؤسسة للبناء الأوروبي، صورة تنم عن الوحدة، ووقع الزعماء على إعلان روما الذي يعكس ملامح التزام مشترك للسنوات العشر المقبلة.
وبعد أسابيع من المفاوضات دامت حتى اللحظة الأخيرة، وافق القادة الأوروبيون على مضمون إعلان روما، والذي يؤكد من جديد على الالتزام بالوحدة الأوروبية، فكما جاء في الإعلان أنه، "في مواجهة تحديات غير مسبوقة، سواء على الصعيد الدولي والداخلي، على أوروبا المستقبل أن تكون أكثر أمناً وازدهاراً ووعياً بضرورة التنمية المستدامة، ملتزمة بالحقوق الاجتماعية وأقوى على الساحة العالمية".
وكما أكد رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، خلال الكلمة التي ألقاها في الحفل "هناك التزام ثابت ودائم" من قبل الجميع، دولاً ومؤسسات، على ضرورة تعزيز البناء الأوروبي.
ويمزج إعلان روما، والذي تم اعتماده اليوم، بين تعابير تبرز رغبات مجموعة من الدول الأعضاء، دون تفادي إبراز مخاوف بلدان أخرى، فقد تجرأ على الإشارة بوضوح إلى مفهوم ''أوروبا بسرعات متفاوتة "، والذي تدافع عنه كل من ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا بدعم من دول مثل بلجيكا وهولندا ولوكسمبورغ.
وينصّ هذا السيناريو على الإبقاء على اتحاد بـ 27 عضواً، مع السماح للدول التي ترغب في المضي قدماً معاً في مشاريع محددة، والدول التي لا تشارك في هذه المبادرات في البداية يمكن أن تقرر الانضمام في وقت لاحق.
كذلك أكد الإعلان أيضا أن الاتحاد الأوروبي ''واحد لا يتجزأ"، في محاولة لطمأنة مجموعة من الدول، خاصة من أوروبا الوسطى والشرقية، والتي تشعر بالقلق من أن تصبح أعضاء من الدرجة الثانية في الاتحاد، إشارة تسعى أيضا إلى تجنب إحراج مؤسسات الاتحاد الأوروبي، والتي تشدد على أنها تخدم وتمثل المصلحة المشتركة لجميع الأوروبيين.
إعلان روما يشكل إذن خارطة طريق لمستقبل الاتحاد الأوروبي على مدى السنوات العشر المقبلة، في محاولة لتجاوز آني للانقسامات والخلافات المتزايدة بشأن العديد من الملفات.
وعلى الرغم من تأكيد المسؤولين الأوروبيين في خطاباتهم على الوحدة وتماسك الاتحاد، وتشديد جان كلود يونكر على أنه سيتم الاحتفال "بالذكرى المئوية للاتحاد الأوروبي"، فإن البيان سيظل إعلانا للنوايا، في انتظار تطبيقه على أرض الواقع.
روما تحت الحصار
وفي الوقت الذي كان فيه رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي يعقدون قمتهم الاستثنائية، كانت العاصمة الإيطالية تستقبل آلاف المتظاهرين في مظاهرات مختلفة، مسيرتان مواليتان للاتحاد الأوروبي، إحداهما من تنظيم الحركة الفدرالية الأوروبية والأخرى تجمع النقابات العمالية ومنظمات مدنية مختلفة، واثنتان معارضتان للبناء الأوروبي وحلف شمال الأطلسي واليورو.
ونظرا لخوف السلطات الإيطالية من مخاطر أعمال عنف واعتداءات، فقد رفعت من وتيرة المراقبة على الحدود وفي المطارات والمحطات، كذلك جرى حظر الطيران فوق روما خلال مدة وجود الزعماء الأوروبيين، إضافة إلى إرساء العديد من نقاط التفتيش في المدينة.