بدأت الحكومة التونسية برئاسة الحبيب الصيد، إنشاء مشروع "بنك الجهات" الذي يخصص لتمويل مشاريع الشباب ودعم المؤسسات الصغرى والمتوسطة، ضمن مساع للتخفيف من حدة البطالة التي كانت سببا رئيسا في اندلاع ثورة الياسمين قبل خمس سنوات.
ورغم فشل الجهود الرسمية المتعاقبة على تونس منذ الثورة، في الحد من البطالة، تبدو الحكومة الحالية أكثر عزما ورهانا على بنك التمويل الجديد، فقد أكد وزير المالية سليم شاكر، نهاية الأسبوع الماضي، أن هذا المشروع سيشمل جميع المحافظات وسيكون جاهزا خلال النصف الثاني من سنة 2016.
ويساعد المصرف الجديد الشباب العاطل عن العمل وخريجي الجامعات على إرساء مشاريعهم وإنشاء شركات جديدة، فضلا عن إعفاءات ضريبية لمدة 5 سنوات.
ورغم انقضاء خمس سنوات على ثورة يناير/كانون الثاني 2011 التي كان التشغيل أهم مطالبها، لا يزال هذا الملف يراوح مكانه، حيث سجلت نسبة البطالة وفق بيانات رسمية، بين الربعين الثاني والثالث من العام الجاري 2015، ارتفاعا طفيفا حيث بلغت 15.3% خلال الربع الثالث من العام الجاري مقابل 15.2% في الثلاثي الثاني من نفس السنة.
وحسب البيانات ذاتها، فقد بلغ عدد العاطلين عن العمل نهاية نوفمبر/تشرين الثاني أكثر من 600 شخص، من بينهم 233 ألفا من الحاصلين على شهادات عليا وهو ما يمثل 15% من إجمالي السكان القادرين على العمل، الذين بلغ عددهم 3.199 ملايين.
وتتفاقم أزمة التشغيل في تونس من سنة إلى أخرى في ظل العزوف الحاد للمستثمرين التونسيين والأجانب على بعث مشاريع ذات قدرة تشغيلية عالية في المحافظات الداخلية رغم الإغراءات الجبائية التي تقدمها الحكومة.
ويتذمر المستثمرون من التعقيدات الإدارية التي ترافق إنشاء المشاريع واستفحال الفساد والرشوة في الإدارة إلى جانب رداءة البنية التحتية، خاصة في المحافظات الغربية.
ويعتبر العامل الأمني وفق الخبير الاقتصادي معز الجودي، محددا مهما لمدى تدفق الاستثمارات المشغلة، لافتا إلى أن المحافظات الداخلية لا تحتاج إلى بنك مشاريع فقط بل إلى سياسة تنموية متكاملة تتدارك أخطاء خمسين عاما من التهميش.
ويرى الجودي، في تصريح لـ "العربي الجديد" أن كل الحكومات تبذل مجهودا في البحث عن الحلول الترقيعية لملف البطالة، لافتا إلى أن هذا الصنف من الحلول يستنزف جهود الدولة ولا يحقق نتائج طيبة.
وشدد الجودي على ضرورة إجراء مراجعات جذرية في القطاعات التعليمية، معتبرا أن السياسة الحالية أدت إلى إغراق سوق العمل بالعاطلين، بسبب عدم ملاءمة اختصاصات التعليم مع متطلبات المؤسسات الاقتصادية.
وتحاول الحكومة في سياستها التشغيلية دفع الشباب العاطل من العمل نحو المبادرات الفردية وبعث مشاريع خاصة عبر تمويلات مصرفية أو جمعيات مختصة، لا سيما في ظل تراجع قدرات الدولة على الانتداب في القطاع العام الذي يتحمل أكثر من احتياجاته الحقيقية، وفق تقرير البنك الدولي.
ويشير ذات التقرير إلى أن نسيج المؤسسات الصغرى والمتوسطة في تونس لا يزال محدودا مقارنة بالدول والأقاليم الأخرى، حيث لا يتجاوز إنشاء هذه المؤسسات في المعدل العام للسنوات الأخيرة 0.64 مؤسسة لكل ألف نسمة مقابل 19 في أميركا اللاتينية و29 في أوروبا الوسطى و45 في منطقة التعاون والتنمية الاقتصادية، وهو ما يستدعي دعم هذا الصنف من الاستثمارات عبر تشجيع الشباب على المبادرات الخاصة.
وبالرغم من الحوافز والامتيازات المالية والجبائية الممنوحة للمستثمرين ومنح الاستثمار ودعم الدولة، فإن إنشاء المؤسسات الصغرى والمتوسطة في تونس تعترضها العديد من الصعوبات على غرار صعوبة تسويق المنتجات أو الخدمات التي توفرها هذه المشاريع.
كما يواجه المستثمرون الشباب، صعوبة في إيجاد مصادر تمويل لمشروعاتهم، حيث تتجنب البنوك التجارية تمويل هذا النوع من المشاريع بسبب ارتفاع درجة المخاطرة المرتبطة بإقراض مؤسسات صغيرة وعدم قدرة هذه المؤسسات على تقديم الضمانات التقليدية إلى جانب تدخل البنوك التجارية لتمويل المشاريع الكبرى.
ويقتصر تدخل البنوك التجارية على 2.5% فقط من تمويل المشاريع الصغرى، بينما يتكفل البنك التونسي للتضامن (مصرف حكومي للمساعدة على بعث المشاريع الصغرى) بنسبة 97.5%.
ويواجه العديد من الراغبين في إنشاء المؤسسات صعوبات من شأنها أن تعرقل عملية إنجاز مشاريعهم، وخاصة منها المتعلقة بصعوبة تجميع مبلغ التمويل الذاتي وصعوبة توفير المال المتداول وتوفير ضامن أو كفيل، إلى جانب صعوبة إيجاد شريك من المؤسسات البنكية وشركات الاستثمار ذات رأس مال تنمية لاستكمال تمويل المشاريع المصادق عليها من قبل بنك تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة والتي تتراوح قيمة استثمارها بين 10 آلاف إلى 300 ألف دينار. (الدولار الأميركي يساوي نحو دينارين تونسيين).
وتوصلت دراسة حديثة أعدتها وزارة التكوين المهني والتشغيل حول "واقع التشغيل في تونس"، إلى غياب ثقافة المبادرة لدى الشباب وافتقار أغلب المستثمرين لمميزات المستثمر وعدم تدربه على إدارة المشروع الصغير وقلة توفر المؤهلات والتجربة الفنية والإدارية والتسويقية.
وأكدت الدراسة على أهمية تطوير قطاع التمويل الصغير، خاصة بوجود إمكانات مهمة في مجال التمويل الصغير في الزراعة والصيد البحري وتربية الماشية والصناعات التقليدية، وهي قطاعات قادرة على توفير موارد رزق وفرص عمل مهمة.
اقرأ أيضا: تونس تواجه العام الجديد بموازنة "حرب"
ورغم فشل الجهود الرسمية المتعاقبة على تونس منذ الثورة، في الحد من البطالة، تبدو الحكومة الحالية أكثر عزما ورهانا على بنك التمويل الجديد، فقد أكد وزير المالية سليم شاكر، نهاية الأسبوع الماضي، أن هذا المشروع سيشمل جميع المحافظات وسيكون جاهزا خلال النصف الثاني من سنة 2016.
ويساعد المصرف الجديد الشباب العاطل عن العمل وخريجي الجامعات على إرساء مشاريعهم وإنشاء شركات جديدة، فضلا عن إعفاءات ضريبية لمدة 5 سنوات.
ورغم انقضاء خمس سنوات على ثورة يناير/كانون الثاني 2011 التي كان التشغيل أهم مطالبها، لا يزال هذا الملف يراوح مكانه، حيث سجلت نسبة البطالة وفق بيانات رسمية، بين الربعين الثاني والثالث من العام الجاري 2015، ارتفاعا طفيفا حيث بلغت 15.3% خلال الربع الثالث من العام الجاري مقابل 15.2% في الثلاثي الثاني من نفس السنة.
وحسب البيانات ذاتها، فقد بلغ عدد العاطلين عن العمل نهاية نوفمبر/تشرين الثاني أكثر من 600 شخص، من بينهم 233 ألفا من الحاصلين على شهادات عليا وهو ما يمثل 15% من إجمالي السكان القادرين على العمل، الذين بلغ عددهم 3.199 ملايين.
وتتفاقم أزمة التشغيل في تونس من سنة إلى أخرى في ظل العزوف الحاد للمستثمرين التونسيين والأجانب على بعث مشاريع ذات قدرة تشغيلية عالية في المحافظات الداخلية رغم الإغراءات الجبائية التي تقدمها الحكومة.
ويتذمر المستثمرون من التعقيدات الإدارية التي ترافق إنشاء المشاريع واستفحال الفساد والرشوة في الإدارة إلى جانب رداءة البنية التحتية، خاصة في المحافظات الغربية.
ويعتبر العامل الأمني وفق الخبير الاقتصادي معز الجودي، محددا مهما لمدى تدفق الاستثمارات المشغلة، لافتا إلى أن المحافظات الداخلية لا تحتاج إلى بنك مشاريع فقط بل إلى سياسة تنموية متكاملة تتدارك أخطاء خمسين عاما من التهميش.
ويرى الجودي، في تصريح لـ "العربي الجديد" أن كل الحكومات تبذل مجهودا في البحث عن الحلول الترقيعية لملف البطالة، لافتا إلى أن هذا الصنف من الحلول يستنزف جهود الدولة ولا يحقق نتائج طيبة.
وشدد الجودي على ضرورة إجراء مراجعات جذرية في القطاعات التعليمية، معتبرا أن السياسة الحالية أدت إلى إغراق سوق العمل بالعاطلين، بسبب عدم ملاءمة اختصاصات التعليم مع متطلبات المؤسسات الاقتصادية.
وتحاول الحكومة في سياستها التشغيلية دفع الشباب العاطل من العمل نحو المبادرات الفردية وبعث مشاريع خاصة عبر تمويلات مصرفية أو جمعيات مختصة، لا سيما في ظل تراجع قدرات الدولة على الانتداب في القطاع العام الذي يتحمل أكثر من احتياجاته الحقيقية، وفق تقرير البنك الدولي.
ويشير ذات التقرير إلى أن نسيج المؤسسات الصغرى والمتوسطة في تونس لا يزال محدودا مقارنة بالدول والأقاليم الأخرى، حيث لا يتجاوز إنشاء هذه المؤسسات في المعدل العام للسنوات الأخيرة 0.64 مؤسسة لكل ألف نسمة مقابل 19 في أميركا اللاتينية و29 في أوروبا الوسطى و45 في منطقة التعاون والتنمية الاقتصادية، وهو ما يستدعي دعم هذا الصنف من الاستثمارات عبر تشجيع الشباب على المبادرات الخاصة.
وبالرغم من الحوافز والامتيازات المالية والجبائية الممنوحة للمستثمرين ومنح الاستثمار ودعم الدولة، فإن إنشاء المؤسسات الصغرى والمتوسطة في تونس تعترضها العديد من الصعوبات على غرار صعوبة تسويق المنتجات أو الخدمات التي توفرها هذه المشاريع.
كما يواجه المستثمرون الشباب، صعوبة في إيجاد مصادر تمويل لمشروعاتهم، حيث تتجنب البنوك التجارية تمويل هذا النوع من المشاريع بسبب ارتفاع درجة المخاطرة المرتبطة بإقراض مؤسسات صغيرة وعدم قدرة هذه المؤسسات على تقديم الضمانات التقليدية إلى جانب تدخل البنوك التجارية لتمويل المشاريع الكبرى.
ويقتصر تدخل البنوك التجارية على 2.5% فقط من تمويل المشاريع الصغرى، بينما يتكفل البنك التونسي للتضامن (مصرف حكومي للمساعدة على بعث المشاريع الصغرى) بنسبة 97.5%.
ويواجه العديد من الراغبين في إنشاء المؤسسات صعوبات من شأنها أن تعرقل عملية إنجاز مشاريعهم، وخاصة منها المتعلقة بصعوبة تجميع مبلغ التمويل الذاتي وصعوبة توفير المال المتداول وتوفير ضامن أو كفيل، إلى جانب صعوبة إيجاد شريك من المؤسسات البنكية وشركات الاستثمار ذات رأس مال تنمية لاستكمال تمويل المشاريع المصادق عليها من قبل بنك تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة والتي تتراوح قيمة استثمارها بين 10 آلاف إلى 300 ألف دينار. (الدولار الأميركي يساوي نحو دينارين تونسيين).
وتوصلت دراسة حديثة أعدتها وزارة التكوين المهني والتشغيل حول "واقع التشغيل في تونس"، إلى غياب ثقافة المبادرة لدى الشباب وافتقار أغلب المستثمرين لمميزات المستثمر وعدم تدربه على إدارة المشروع الصغير وقلة توفر المؤهلات والتجربة الفنية والإدارية والتسويقية.
وأكدت الدراسة على أهمية تطوير قطاع التمويل الصغير، خاصة بوجود إمكانات مهمة في مجال التمويل الصغير في الزراعة والصيد البحري وتربية الماشية والصناعات التقليدية، وهي قطاعات قادرة على توفير موارد رزق وفرص عمل مهمة.
اقرأ أيضا: تونس تواجه العام الجديد بموازنة "حرب"