في ذاكرة كارثة هيلزبروه.. اليوم الأسود بتفاصيله الدموية

15 ابريل 2015
صور اليوم الدموي لكارثة هيلزبروه (العربي الجديد)
+ الخط -
كان صباحاً جميلاً خرجت فيه جماهير ليفربول، من أجل متابعة نصف نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي. وضع الجميع الشالات الحمراء، وأحضر القسم الآخر الأعلام الحمراء، تمهيداً لغزو الشوارع والملعب. لم يعرف ذلك الجمهور أن يوم النهائي سيتحول إلى يوم دموي بألوان علم "الريدز".

إنه صباح 15 أبريل/نيسان 1989 يوم نصف نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي بين ليفربول ونوتينجهام فوريست في ملعب "شيفيلد يونايتد". وصلت جماهير ليفربول قبل ساعات من المباراة، لكن قسما كبيرا من الجمهور لم يدخل مدرجات الملعب، كون الوقت ما زال باكراً، ليحول الجمهور "الأحمر" الغفير الباحات الخارجية للملعب إلى مهرجان كروي واحتفالات صاخبة.

دخلت جماهير ليفربول المكان المخصص لها في المدرجات الذي كان مكتظاً، رغم عدم دخول عدد كبير من جماهير "الريدز" في الخارج. بدأ المشجعون بالدخول من نفق خاص يؤدي إلى المدرج الكبير. هناك المشهد كان يُنذر بكارثة كروية ستقع خلال المباراة، مشجع يسير وإلى جانبه مشجع آخر والكتف على الكتف، حيثُ إن مرور الهواء أصبح عملية صعبة بسبب الضغط البشري الرهيب. لم يعرف عندها ذلك الشرطي الذي فتح النفق المؤدي إلى الملعب أنه فتح باب الجحيم لجماهير ليفربول المندفعة بأعداد هائلة.

بدأت جماهير ليفربول بغزو المدرج، حتى تكدست الناس فوق بعضها بطريقة مرعبة ومخيفة، وصولاً إلى مكان وجود السياج "الأزرق" المشؤوم، (الملاعب الإنجليزية كانت تضع سياجا يفصل الملعب عن المدرجات منذ عام 1970 للسيطرة على غزو الجماهير للملعب). وعند الساعة 2:50، أي قبل عشر دقائق من انطلاق المباراة، بدأت ملامح الفوضى تظهر في المدرجات، بسبب التدافع الكبير للجماهير. والأمر الكارثي أن هذا المدرج يتسع لحوالى 2200 متفرج، ليتم اكتشاف لاحقاً أن هناك حوالى 1600 مشجع دخلوا المدرج كعدد إضافي.

قبل سبع دقائق من بداية المباراة، ارتكب أحد عناصر الشرطة الخطأ الكارثي وفتح باب المدرج، ليخفف من التدافع الكبير خارج الملعب، ولم يعرف حينها أنه فتح أبواب الجحيم، ليتجه عدد ضخم من جماهير ليفربول نحو المدرج بدون أي علم ماذا سيحصل لاحقاً، وعندها بدأت كارثة "هيلزبروه"، ليلاحظ بعض المشجعين أن هناك مشكلة ستحصل، حتى بدأ البعض منهم الصعود إلى المدرج الأعلى رقم 1 و5، لأن القسمين 3 و4 أصبحا خارج السيطرة، لينتشر الهلع في صفوف الجماهير المحاصرة بين المدرج والنفق المكتظ، بالإضافة إلى الجماهير المتواجدة في الخارج وتُحارب من أجل الدخول.

انطلقت المباراة ومعها صافرة الإنذار التي حولت ملعب "شيفيليد" إلى جحيم لجماهير ليفربول. بعد خمس دقائق فقط، دخل شرطي إلى أرض الملعب وأمر الحكم بإيقاف اللقاء فوراً، لأن جماهير ليفربول في المدرج الشمالي خلف المرمى بدأت تقفز من فوق المدرجات هرباً من الكارثة. مشاهد مؤثرة لا يمكن وصفها، مشجع محتجز بين السياج يصارع من أجل التنفس، مشجعون في الأعلى يحاولون الهرب إلى المدرج الأعلى، هرباً من الحشر البشري، صراخ وتضارب من أجل كسر السياج والدخول إلى أرض الملعب.

كلها صور تُعبر عن الكارثة الدموية التي تعرض لها جمهور ليفربول، بسبب التدافع البشري الكبير، لتتحول أرض الملعب إلى مساحة كبيرة لوضع الجثث ومعالجة المصابين، أصوات الإسعاف لم تتمكن من كسر صراخ الجماهير المحتشدة بين السياج والملعب، سيارات الإسعاف لم تتمكن من دخول أرض الملعب بسهولة، وعملية الإنقاذ كانت في قمة الفشل، الأمر الذي أدى إلى سقوط الكثير من الوفيات. ومن أصل 96 شخصاً لقوا حتفهم بسبب الحادثة، 14 شخصاً فقط تم نقلهم إلى المستشفيات، رغم أنهم لم ينجوا.

يوم كان مليئا بالفرح والسعادة تحول إلى يوم دموي لن تنساه جماهير الكرة الإنجليزية، خصوصاً جماهير "الريدز". ومن عاش تلك اللحظات المرعبة ونجا، لن ينسى تلك الصور المخيفة عن الجماهير المكتظة ورائحة الموت التي غزت المدرجات من دون استئذان، نهاية مأساوية لمباراة كروية لم يتوقع أحد أنها ستقضي على 96 مشجعاً من ليفربول بطريقة مؤسفة.
المساهمون