في بيوتنا لمبات سامة قاتلة

22 فبراير 2015
تختلف كميات الزئبق من لمبة إلى أخرى، والضرر واحد(Getty)
+ الخط -

عندما راح المعنيّون يسوّقون للمبات توفير الطاقة، لم يفيدونا بأنها مضرّة للبيئة وكذلك لصحة الإنسان. فالزئبق الذي تحتويه سيلحق في حال انكساره وانتشاره، الأذى بالجهاز التنفسي لا سيّما الرئتَين. والأطفال هم الفئة الأكثر تضرراً. 

وللحؤول دون ذلك الضرر، كان توجّه من قبل دول العالم نحو منع استخدام لمبات توفير الطاقة بحلول عام 2020، وذلك من ضمن "اتفاقية ميناماتا" التي تشمل نحو 140 بلداً، تشدّد على منع استخدام الزئبق والحدّ من انبعاثاته.

تجدر الإشارة إلى أن الاتفاقية تحمل اسم المدينة اليابانيّة، ميناماتا التي شهدت أسوأ تسمّم بهذا المعدن الشديد السميّة.

ويهدف الاتفاق الذي عقد بين الدول، إلى خفض انبعاثات الزئبق السام جداً للصحة والبيئة على مستوى العالم، وكذلك إنتاجه واستخدامه خصوصاً في خلال التصنيع. وتنصّ الاتفاقية على إزالة كل المعدات التي تستخدم الزئبق، بما فيها ميزان الحرارة بحلول 2020.

ويبقى السؤال: هل من خطة بيئيّة طارئة تتخذها الدولة اللبنانيّة، للحدّ من تداعيات سوء استخدام لمبات توفير الطاقة التي تحتوي على الزئبق السام؟

فلنتخلّص من الزئبق

بهدف شرح هذا الواقع الدقيق، كان حديث لـ "العربي الجديد" مع الخبير البيئي، الدكتور ناجي قديح الذي أوضح قائلاً: "تبيّن أن لمبات توفير الطاقة تحتوي على مادة الزئبق السام.

والتخلص منه بات أمراً صعباً، وعلى لبنان الالتزام باتفاقية ميناماتا الدوليّة، التي تشدّد على التخلّص من كل المعدات التي تستخدم الزئبق بحلول عام 2020".

يضيف أن "كل لمبة توفير للطاقة تحتوي على كميّة من الزئبق لا بأس بها، ولها آثار سامة على البيئة في حال أسيء استخدامها. لكن لبنان وللأسف، غائب عن السمع في ما يخصّ وضع حلول لهذه المشكلة البيئيّة الخطيرة، بعكس مصر على سبيل المثال، التي أنشأت معملاً خاصاً كلفته 25 ألف دولار أميركي، لسحب الزئبق في اللمبات المرميّة عشوائياً والتي تحتوي على تلك المادة. فقسم منها يُعاد تدويره وقسم آخر يُتلف".

ويتمنى قديح على "الدولة اللبنانيّة العمل على التخلص من الزئبق السام، على غرار مصر من ضمن سياسة استراتيجيّة فاعلة، مثل البلدان الاسكندنافيّة التي تبحث اليوم، في إيجاد لمبات توفير لا تحتوي على الزئبق، حفاظاً على البيئة".

سموم في الهواء

إلى ذلك ونظراً لشدّة خطورة الزئبق الموجود في تلك اللمبات، يحذّر قديح من تبعات انتشاره السلبيّة في داخل الغرف. يقول: "من المهم أن نعلم بصعوبة اختفاء الزئبق. فهو ينشر سمومه من مكان إلى آخر، ومن الصعب التخلص منه بسهولة. لذا علينا قدر المستطاع تجنّب كسر لمبات توفير الطاقة في داخل المنزل، كي لا نلحق الأذى بالأطفال بمجرّد تسرّبه. فأبخرته تلوّث الهواء. وإذا حدث وانكسرت لمبة، من الضروري تهوئة الغرفة لمدّة 24 ساعة. والأمر ذاته في حال انكسر ميزان الحرارة في غرف المستشفيات. فثمّة احتمال بأن يلحق الأذى بالرئتَين لدى المرضى، لأن نسبة الزئبق تكون مرتفعة في الهواء".

ويوضح قديح أن كل لمبة توفير تحتوي على كميّة مختلفة من الزئبق، (من 3 مليغرامات إلى 13 مليغراماً) بحسب حجمها. في حال كسرها في غرفة ما، لا بدّ من تهوئتها أقله أربع ساعات وفقاً لكميّة الزئبق فيها. كذلك، لا يجوز التخلص من اللمبات في المحارق، لأن من شأن ذلك أن يزيد السموم في الجوّ".

الوزارة تنتظر النواب

وأمام خطورة استخدام لمبات توفير الطاقة التي تحتوي على الزئبق السام، والتي تنتشر في بيوتنا ومؤسساتنا، قرّر مجلس الوزراء الموافقة على مشروع قانون، يرمي إلى الموافقة على الانضمام إلى اتفاقية ميناماتا حول الزئبق، وعلى مشروع مرسوم يرعاه يُحال إلى مجلس النواب.

وفي هذا السياق، أوضحت المسؤولة عن قسم الإلكترونيات في وزارة البيئة، الدكتورة سابين بركات لـ "العربي الجديد"، أن وزراة البيئة تعمل جاهدة للتخلص من الزئبق السام، سواء في لمبات التوفير أو في النفايات الإلكترونيّة، أو حتى في حشوات الأسنان المستخدمة في عيادات طب الأسنان. فتأثيره مباشر على الدماغ خصوصاً لدى الأطفال، بالإضافة إلى الضرر الذي قد يلحق بالثروة المائيّة والبحريّة". تضيف أن "حرق أي من النفايات الطبيّة التي تحتوي على الزئبق، سيكون له أثر مضرّ جداً على صحة الإنسان، ومن شأنه أن يساهم في تزايد الأمراض السرطانيّة".
المساهمون