في مواجهة الثورة السورية التي انطلقت شرارتها في مثل هذا اليوم قبل 6 أعوام، عمد نظام الأسد عبر إعلامه وأزلامه إلى الأكاذيب، بدءاً من إنكار حدوثها أصلاً، وصولاً إلى تشويهها عبر إلصاق شتى التهم بمن خرج مطالباً بالحرية والكرامة.
وجنّد النظام السوري لصناعة تلك الأكاذيب مؤسساته الإعلامية، من "التلفزيون السوري العام"، و"الإخبارية السورية"، وحتى القنوات الخاصة مثل قناة "الدنيا"، التي حولت استديوهاتها إلى معامل تجري فيها صناعة الدعاية الكاذبة، عبر شبيحة بصفة إعلاميين وضيوف مرتزقة وممثلين فاشلين.
وفي الوقت الذي غاب فيه عن النظام السوري، أن حقيقة ما يجري ما عاد محصوراً بكاميرا يشرف عليها أمنيون في فروعه، يختارون بأنفسهم ما يشاؤون لتمريره إلى المشاهد، استطاع ناشطون سوريون وخبراء إعلاميون إثبات كذبه، بما أتاحت لهم المنصات الحرة للإعلام. "العربي الجديد" يرصد لكم بعضها:
الجماعات المسلحة في درعا:
أول ما خطر للنظام السوري، الذي ما عاد بإمكانه إخفاء حقيقة التظاهرات الحاشدة التي خرجت في درعا مطالبة بالحرية والكرامة، أن يعلن عن وجود مندسّين مسلحين بين صفوف المتظاهرين، وأنهم المسؤولون عن قتل المتظاهرين. كما سعى، منذ بداية الثورة، إلى الإعلان عن موت عديد من أفراد الشرطة والجيش على أيديهم، متغافلاً عن ذكر الضحايا المدنيين الذين سقطوا برصاص أمنه.
الرد على فيديو لمسلحين من درعا وإثبات فبركته:
لفت أحد المخرجين السوريين إلى أن تصوير الفيديو لم يكن سوى تمثيلية هزلية، جرت على يد مصوّر محترف، حيث جرى الإعداد له جيداً، من حيث اختيار موقع التصوير وزمانه، ولفت إلى أن التصوير جرى عبر كاميرا مثبتة على حامل، إضافة إلى أن دقتها وحركة الزوم فيها تعني أنها ليست كاميرا هاتف جوال، كما اعتاد الناشطون نقل مظاهراتهم التي صوروها بأيديهم.
أهالي درعا كان لهم رأي مساند أيضاً، إذ أكدوا أن مكان التصوير الذي اختاره النظام السوري لبث دعايته الكاذبة، كان من أمام منزل مدير فرع الأمن السياسي في درعا.
إذلال شباب قرية البيضا.. وكذبة فدائيي صدام
كان أهالي قرية البيضا في بانياس من أوائل الذين خرجوا في تظاهرات الثورة، ما جعل النظام يوقع أقسى العقوبات على شبابها ورجالها، إذ جرى تجميعهم في ساحة القرية وتقييدهم، ومن ثم طرحهم أرضاً والدوس عليهم.
عناصر الأمن المتباهون بعملياتهم التشبيحية، صوروا أنفسهم وهم يمارسون الإذلال على مواطنيهم، مفتخرين بقائدهم بشار، وعندما تم تسريب مقاطع الفيديو هذه وبثّها على قنوات التلفزة العالمية، سعى النظام السوري إلى إنكارها، مجنداً إعلامه وضيوفه للقول بأن هذا الفيديو جرى في العراق وليس في سورية، مكتفياً بنشر الفيديو من دون صوت، حتى لا تظهر فيه هتافات الشبيحة للأسد.
أحد المواطنين الذين جرت إهانتهم واسمه أحمد البياسي، قرر إثبات كذب الإعلام السوري، فصور فيديو أثبت فيه أنه سوري الجنسية، وأن التعذيب الجماعي ذاك جرى في قرية البيضا السورية... فاعتقله النظام.
مذيعة المطر
بعض أكاذيب الإعلام السوري لم تخل من الطرافة والسذاجة، وهذا ما جرى مع مذيعة الإخبارية، فتون عباسي، التي حاولت إنكار خروج تظاهرة في حي الميدان الدمشقي مثلما تبث بعض القنوات "المغرضة"، بحسب وصفها، وعزت تجمع الأهالي إلى نزول المطر، حيث خرج الأهالي يحمدون الله على نعمته... فأطلق عليها السوريون لقب "مذيعة المطر" .
الأسد حبيب الملايين
إحدى أهم الدعايات التي سعى إعلام الأسد إلى تكريسها، هي شعبية بشار الأسد، ولذلك سعت معامل صناعة الأكاذيب إلى إظهار إحدى المسيرات التي حشد لها النظام في السنة الأولى للثورة السورية، بأنها مليونية، عبر اختيار زوايا تصوير وهمية تظهر الحشد القليل وكأنه كثير، إضافة إلى سرقة لقطات من تظاهرات سابقة ودمجها فيها.
عبر مبنى الإذاعة والتلفزيون، المطلّ على ساحة الأمويين، تمكّن أحد العاملين في المبنى من تسريب تصوير يظهر الساحة يوم المسيرة التي قال النظام "إنها مليونية" لتظهر كاميرته حقيقة خلو معظم الساحة، بينما جرى ضغط الحشود وهم لا يتجاوزون بضعة آلاف، في زاوية صغيرة.
فبركة اغتصاب شابة سورية من قبل عناصر في الجيش الحر
في هذا الفيديو، يتحول استديو قناة الدنيا إلى شريك في جريمة الأسد، ليس عبر بث أكاذيبه وحسب، وإنما بسوْق شاب بريء، أجبر على الاعتراف بأنه من الجيش الحر، وأنه كان أحد المشاركين في اغتصاب شابة، أثبت التسريب المسرب أنها لم تكن سوى ممثلة كومبارس يجري تلقينها قصة كاذبة.
الكذب مهنة كبار النظام... وليد المعلم نموذجاً
لم تتوقف صناعة الأكاذيب على الإعلام فحسب، بل شارك فيها كبار المسؤولين في النظام، لتشويه صورة الثورة السورية ونبل أهدافها، وللتستر على الجرائم الشنيعة التي قام بها النظام ضد معارضيه، أو لتبرير قسوتها.
ففي مؤتمر صحافي عقده في دمشق في العام الأول لقيام الثورة السورية، عرض وليد المعلم شريط فيديو يظهر "الانتهاكات التي قام بها الثائرون" ويثبت أنهم "مسلحون". وبعد أقل من ساعات، تكشّفت الحقائق بأن ما حاول المعلم إلصاقه بالثورة، إنما جرى في لبنان قبل أعوام، الأولى كانت لجريمة قتل مروعة جرت في كترمايا، والثانية لمسلحين من باب التبانة.
بشار الجعفري وقلب الحقائق في الأمم المتحدة
يصف سوريون تصريحات مندوب نظام الأسد في الأمم المتحدة، بشار الجعفري، بـ"الوقحة"، حيث لا يتوانى عن قلب الحقائق كاملة، واختلاق قصص كاذبة، واستغلال صور كثير من الضحايا الذين سقطوا على يد بشار الأسد، للقول بأنهم سقطوا على يد من قاموا بالثورة السورية.