في الأصل كانت فلسطين

10 فبراير 2016
نبدأ بالحديث عن المعوّقين في فلسطين المحتلة (Getty)
+ الخط -

نبدأ بالحديث عن المعوّقين في فلسطين المحتلة، وتحديداً من الأراضي المحتلة عام 1948. الأرقام المتداولة تشير إلى مئات آلاف المعوّقين، ما يزيد عن نصفهم في سنّ العمل (18 - 64 عاماً). وتقدّر نسبة هؤلاء بنحو 24 % من السكان العرب، وهي نسبة مرتفعة عموماً، لا سيما قياساً بعدد السكان العرب في الأراضي المحتلة. مع ذلك نشير إلى أن هؤلاء، وبحسب ما يقول ناشطون في العمل الاجتماعي، يعانون من تمييز مزدوج.

الأول: لأنهم فلسطينيون. يُمارَس عليهم ما يُمارَس على أبناء قوميتهم عموماً: الاضطهاد العنصري الصهيوني في مختلف المجالات. والثاني: لأنهم معوقون. وهنا تتوسع دائرة التمييز ضدهم، أي أن المعوق العربي يعاني لأنه معوّق من تمييز يتشارك فيه العربي واليهودي في الوقت ذاته.

ثمّة نمط ثالث من التمييز لا يلحظه ما سبق، وهو التمييز بين المعوّقين الفلسطينيين وبين المعوّقين اليهود الذين يحظون بصنوف وأشكال من الرعاية والتقديمات وانفتاح المجالات. وهذا التمييز يبدأ من المهد ويصل الى اللحد، كما يقال.

في سوق العمل، يحق للمعوّقين اليهود الحصول على نسبة 3% من الوظائف في الدوائر الحكومية والقطاع الخاص. أما العربي، فليس له مثل هذا الحق بطبيعة الحال. ولما كانت الدولة الإسرائيلية بما تملكه من قطاعات، هي أكبر مشغِّل لليد العاملة، لنا أن نتصور مدى ما يتيحه ذلك من فرص للمعوّق اليهودي يفتقد مثلها الفلسطيني المعوّق. وعلى مستوى القطاع الخاص، لا يملك العرب الرساميل لتوظيفها في الإنتاج، ما يفقد المعوّق العربي أيضاً فرصة عمل. وهذا كله ينعكس على مستوى المشاركة في الإنتاج والدخل.

العاملون من المعوقين الفلسطينيين لا تتعدى نسبتهم 30% في أحسن الأحوال، في مقابل نحو 60% تقريباً لليهود، أي ضعفَي النسبة. أكثر من ذلك، لا يقتصر التمييز على مجالات التشغيل المتاح والمقفل بين المعوقين اليهود والفلسطينيين، بل يتوسع النطاق ليطاول البرامج الخاصة بالمعوّقين أيضاً. ما يُتاح لليهود غير متاح للفلسطينيين، بما في ذلك فتح المدارس والجامعات أبوابها لاستقبالهم، وحتى الحصول على الكفاءات العلمية لتحسين ظروف وصولهم إلى فرصة عمل ملائمة.

أما على المستوى المعيشي، فمن يعمل من المعوّقين الفلسطينيين يتقاضى أجراً أدنى من أجر المعوّق اليهودي، بالتالي فإنه عاجز عن تغطية نفقاته اليومية. يزداد الوضع سوءاً في حال كان من معيلي الأسر، إلى جانب صعوبات تتعلق بالحصول على الخدمات الحكومية في المراكز المتخصصة وعلى صعيد تقديمات الصحة العامة.

*أستاذ في كلية التربية، الجامعة اللبنانية

اقرأ أيضاً: رقم مرعب
المساهمون