ويقام الاستعراض العسكري هذا العام على وقع أول عملية عسكرية نفذتها روسيا خارج نطاق الاتحاد السوفييتي السابق منذ تفككه في عام 1991، وبمشاركة المعدات التي استخدمت في سورية، بما فيها قاذفات "سو-24" و"سو-34" وطائرات الهجوم "سو-25".
ومن المعدات التي اختبرت في سورية في ظروف قتالية لأول مرة وتشارك في الاستعراض، أحدث المقاتلات "سو-35" من جيل "4++"، ولا يزال بعض منها مترابط بقاعدة حميميم حتى الآن، والقاذفة الاستراتيجية "تو-160" المعروفة باسم "البجعة البيضاء"، التي تعتبر أكبر طائرة تفوق سرعتها سرعة الصوت في تاريخ الطيران الحربي، وأرسلت إلى سورية، بعد اكتشاف آثار مادة متفجرة في حطام طائرة "إيرباص-321" الروسية المنكوبة.
ومن المقرر أيضاً أن تظهر خلال الاستعراض، مروحيات "كا-52" (التمساح) و"مي-28 إن" (صياد الليل)، التي شاركت في عمليات تدمر، بعد سحب الجزء الأساسي من القوات الروسية في منتصف مارس/آذار الماضي.
وخلال بروفة الاستعراض، ظهرت في الساحة الحمراء منظومة "إس-400" ("تريومف") للدفاع الجوي التي نشرتها روسيا في قاعدة حميميم، بعد إسقاط قاذفة "سوخوي-24" من قبل سلاح الجو التركي في 24 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
احتفال "النصر" أقل مشاركة
تعتبر احتفالات هذا العام أقل نطاقاً من العام الماضي، إذ صادفت حينها الذكرى الـ70 للنصر، وأقيمت بمشاركة 16 ألف فرد ونحو 200 قطعة برية و143 طائرة ومروحية، وذلك مقابل 10 آلاف فرد و100 قطعة برية و71 طائرة هذا العام.
وحضر احتفالات العام الماضي قادة أكثر من 20 بلداً، من بين بلدان رابطة الدول المستقلة والدول الأجنبية، كما كان العالم العربي ممثلاً بمصر وفلسطين، بينما غابت دول "حلف شمال الأطلسي" (الناتو)، والحلفاء عن الاستعراض، وسط استمرار التوترات بسبب الوضع في أوكرانيا.
وفي هذا العام، قررت روسيا عدم توجيه دعوات رسمية إلى رؤساء أجانب، ولكن ذلك لا يعني غياب الضيوف الأجانب، وفق ما صرّح به مساعد الرئيس الروسي، يوري أوشاكوف.
وتعود تقاليد إقامة الاستعراضات العسكرية في الساحة الحمراء لإحياء ذكرى "النصر"، إلى 24 يونيو/حزيران 1945، وكانت تقام في الأعوام اليوبيلية فقط خلال الحقبة السوفييتية، ولكنها بدأت تنظم سنوياً منذ عام 1996، لارتباط هذه الذكرى بكل عائلة روسية شارك أجدادها في الحرب.
وليل 9 مايو/أيار 1945، دخل صك استسلام ألمانيا حيز التنفيذ، وذلك بعد أسبوع من سيطرة الجيش السوفييتي على برلين، بينما انتهت الحرب العالمية الثانية بشكل نهائي بالتوقيع على استسلام اليابان في 2 سبتمبر/أيلول 1945.
ودفع العالم ثمناً باهظاً للتخلص من النازية، إذ قدر عدد الضحايا بعشرات الملايين، وقتل خلالها نحو 9 ملايين عسكري سوفييتي، بحسب البيانات المدققة لوزارة الدفاع الروسية، بالإضافة إلى ملايين الضحايا بين المدنيين.
إلا أن ذلك لم يؤد إلى توحيد العالم الذي سرعان ما تحول إلى عالم ذي قطبين ودخل مرحلة الحرب الباردة بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة، وشهدت هذه الفترة سباقاً غير مسبوق للتسلح، ووقوع أزمات مثل أزمة الكاريبي دون الدخول في مواجهة مباشرة.
وبعد مرور أكثر من 70 عاماً على انتهاء الحرب، لا تزال أجواء الخلاف تخيم على مشهد العلاقات الدولية، لكن مع انتقالها إلى سورية وأوكرانيا هذه الأيام.