فن الحضور في مسرح مغلق

19 مايو 2016
بيات يحاضر في "معهد واتسون" في أميركا، 2015،
+ الخط -

إن فكرة وجود شرق أوسط له ظروف استثنائية ليست فكرة جديدة. فالمحقَّق أن التغيّر في مجتمعات الشرق الأوسط قد جرت مقاربته لفترات طويلة عبر النظرة الاستشراقية الغربية، والتي يرجع تاريخها إلى القرن الثامن عشر، إن لم يكن أسبق من ذلك.

ولقد مال التيار الرئيسي في النزعة الاستشراقية إلى وصف الجزء المسلم من الشرق الأوسط على أنّه يميل إلى الحكم الأحادي، وهو في جوهره ساكن أو آسن، ومن ثم فإنه يشكّل كياناً خاصاً. وبالتركيز على فكرة ضيّقةٍ (استاتيكية) للثقافة – وهي فكرة تعمّم على الإسلام – يتمّ تصوير مجتمعات الشرق الأوسط في ضوء فكرة الصيروة التاريخية (الديمومة)، وليس في ضوء فكرة التغيّر.

ومن وجهة النظر هذه فإن التغيّر، على الرغم أنه غير شائع، فإنه من الممكن أن يظهر عبر النخب الفردية ورجال الجيش أو الحروب والقوى الخارجية. ويمثّل مذهب إدارة جورج بوش حول "تغيير النظم السياسية"، كما يتمثّل على سبيل المثال بغزو العراق أو الميل إلى شنّ حرب ضد إيران، ويمثّل هذا المذهب كيف يمكن أن يتحقق التغيّر في المنطقة. وبالتالي فإن المصادر الداخلية للتحوّل السياسي، مثل جماعات المصالح والحركات الاجتماعية والاقتصاديات السياسية قد أُهملت جميعها إلى حد كبير.

ولكن الشرق الأوسط كان في الحقيقة مسرحاً لسلسلة من الانتفاضات والثورات، والحركات الاجتماعية (مثل الحركة الإسلامية) التي سرت في الأمّة بأسرها كما شهد خطوات واسعة نحو التغيّر. ولقد ظهرت في المنطقة إلى جانب هذه التغييرات بعض الصور المتميّزة وغير التقليدية من الفعل والنشاط السياسي، وهي أنشطة لم تحظ بانتباه كبير، لأنها لا تتلاءم مع المقولات النظرية والتخيّلات التصوّرية السائدة.

لقد وقع الكثير من المراقبين أسرى للنظرة التي تقوم على فكرة الاستثناء، ومن ثم فإنهم يميلون إلى استبعاد دراسة الشرق الأوسط من منظورات علم الاجتماع الأكثر انتشاراً، وعلى سبيل المثال، فإن كثيراً من النظريات حول النزعة الإسلامية عالجتها في ضوء فكرة الإحياء الديني أو بوصفها تعبيراً عن الانتماءات (الولاءات) الفطرية، أو الأفعال الجمعية غير العقلانية، أو أنها ظاهرة ذات خصوصية معيّنة، أي ظاهرة لا يمكن تحليلها بواسطة النظريات الاجتماعية السائدة في علم الاجتماع حتى وقت قريب، عندما حاول عدد قليل من الباحثين دراسة الحركة الإسلامية السياسية في إطار نظرية الحركة الاجتماعية، ولقد كان تطوّراً مرحّباً به.

ومع ذلك، فإن هؤلاء الباحثين يميلون إلى الاستعارة من نظرية الحركة الاجتماعية أكثر مما يساهمون به في هذه النظرية بالنقد والإضافة. ولذلك فسوف يظلّ السؤال قائماً حول ما إذا كانت نظرية الحركة الاجتماعية السائدة الآن قادرة على أن تفسّر التعقيدات المرتبطة بالحركات الاجتماعية الدينية في المجتمعات الإسلامية المعاصرة، خاصة عندما ترتبط هذه التوجّهات في هذه النظرية بجذور تاريخية تتصل بالمجتمعات الغربية المفتوحة سياسياً والمتباينة اجتماعياً، حيث تتطوّر الحركات الاجتماعية في الغالب إلى كيانات متجانسة ومنظّمة.

المساهمون