ويرى اللاعبان أن إعاقتهما الحركية لم تمنعهما من ممارسة هوايتهما المفضلة، إذ قاما إلى جانب الفريق الخاص بـكرة القدم للمبتورين، بالتدريب والتجهيز، أملاً في المشاركة بالمباريات المحلية والدولية والعالمية.
ويندرج فريق كرة القدم هذا، ضمن فرق نادي السلام الرياضي، وهو أول نادٍ رياضي للأشخاص ذوي الإعاقة في غزة، إلى جانب فرق أخرى، مثل تنس الطاولة، كرة السلة (إناث وذكور)، ألعاب القوى، كرة الطائرة الجلوس، السباحة، وكرة هدف للمكفوفين.
ويقول صاحب فكرة تأسيس النادي محمد العربي، إن الفكرة بدأت عام 2004، لإيجاد أول ناد على مستوى فلسطين للأشخاص ذوي الاعاقة، مبيناً أن جميع أعضاء مجلس الإدارة هم من الأشخاص ذوي الإعاقة، حتى يتفهموا جيداً احتياجات اللاعبين.
ويوضح لـ"العربي الجديد"، أن النادي بات يضم 200 لاعب ولاعبة في مختلف التخصصات، ومن محافظات قطاع غزة، وإلى جواره مدرسة خاصة للأطفال ذوي الإعاقة الحركية والعقلية، تضم نحو 120 طالباً وطالبة، يتلقون كذلك التربية الرياضية.
ويتابع "هدفنا بشكل أساسي هو التأكيد على أن الرياضة هي بوابة الدمج المجتمعي، والتي من شأنها كسر عزلة الأشخاص ذوي الإعاقة، ومن ثم استكمال العملية التعليمية، وتوفير المنح المناسبة، والدورات التدريبية، إلى جانب توفير فرص العمل عبر المشاريع الصغيرة".
وتتوزع الإعاقات التي يضمها النادي بين الإعاقة الحركية، السمعية، والبصرية، بمختلف درجات الإعاقة، وقد خرجت من النادي العديد من قصص النجاح، إذ تمكنت سيدة من فتح بقالة وتطويرها إلى سوبر ماركت، إلى جانب عدد من الشبان الذين التحقوا بالعمل في الاستراحة البحرية الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة.
وتحدى اللاعبون إعاقاتهم عبر المشاركة في العديد من الأنشطة المحلية والدولية، إذ شاركوا في دوري كرة السلة الذي أقامته اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وحصلوا على المركز الأول عبر 12 فريق من الذكور والإناث، كذلك شارك أعضاء فريق تنس الطاولة في عدد من المباريات التي أقامها الاتحاد الفلسطيني، وحصلوا على مراكز متقدمة، كذلك فريق السباحة، الذي شارك مع الاتحاد الفلسطيني للسباحة وحصل على ميداليات تقديرية.
ولم تغفل فِرق نادي السلام، المكونة من الأشخاص ذوي الإعاقة من المشاركة الدولية، إذ شاركت في بطولة كرة السلة للكراسي المتحركة في لبنان، وفي بطولة تنس الطاولة في السعودية، ويعمل النادي على التنسيق لمشاركة الفرق في عدد من البطولات في الكويت.
وتدمج فِرق النادي أصحاب الإعاقات الجديدة، والتي نتجت عن مسيرات كسر الحصار في المناطق الشرقية لقطاع غزة، عبر تدريبهم ومشاركتهم في الأنشطة الرياضية. ويرى القائمون على الفكرة أنها عملت على تكوين الصداقات، وكسر جو العزلة، من خلال إثبات أصحاب الإعاقة ذاتهم وقدرتهم على العطاء والتميز.
من جهته، يوضح مدرب فريق تنس الطاولة حسين صبح، الحاصل على لقب بطل فلسطين في تنس الطاولة عامي 1966 و1977، أن تكوين فرقة تنس طاولة من الأشخاص ذوي الإعاقة من شأنه تحسين حالتهم النفسية ودمجهم في المجتمع بطريقة جيدة.
ويبين أن الفريق يضم أعضاء (يجلسون على الكراسي)، تراوح درجة إعاقتهم بين 1 و5، كذلك أعضاء (يلعبون وقوفا) تراوح درجات إعاقتهم بين 6 و11، موضحاً أن قوانين تنس الطاولة تختلف بين الجلوس والوقوف، مضيفاً: "يتطور أداء اللاعبين لحظة بعد الأخرى، بخاصة بعد مشاركتهم في عدد من الأنشطة الدولية، وحصولهم على مراكز وميداليات".
ويوافقه في الرأي طارق حمادة مُدرب كرة القدم للمبتورين والذي يضم 12 فرداً، يشكلون مزيجاً من الكُرة الخُماسية، وكرة القدم الرسمية المكونة من 11 لاعباً، مبيناً أن قوانين تلك الرياضة تختلف عن قوانين كرة قدم الأسوياء، حتى تتناسب مع حالات الإعاقة الموجودة.
وتختلف رياضة كرة القدم للمبتورين عن غيرها في عدة أمور، من بينها حجم الملعب، كذلك حجم المرمى 6 أمتار بدلا 9 أمتار، إلى جانب اختلاف وقت اللعب، إذ يتم تخصيص 25 دقيقة للشوط الواحد بدلاً عن 45 دقيقة، ويتخلل الشوط وقت مستقطع لمدة دقيقة لراحة اللاعبين، ويتعين على حارس المرمى أن تكون إحدى يديه مبتورة.
ويقول اللاعب أحمد قويدر (37 عاماً)، من حي الدرج، شرقي مدينة غزة، ويعاني من شلل نصفي كامل جراء سقوطه عن الطابق الرابع عام 2000، إن إعاقته لم تمنعه من ممارسة الرياضة التي كان يمارسها قبل إصابته.
ويوضح قويدر، وهو المتيم بمختلف أنواع الرياضات، لـ"العربي الجديد"، أنه التحق بالنادي عام 2003، وتنقل بين عدد من الألعاب، من بينها كرة السلة، تنس الطاولة، ألعاب القوى، إلى أن استقر على لعبة تنس الطاولة، وشارك ضمن الفريق في مباريات دولية، وحصل على ميداليتين فضية وأخرى برونزية.
الإعاقة وكبر السن لم يمنعا اللاعب إياد أبو غبن (50 عاماً)، ولديه أسرة مكونة من 8 أفراد، عن مواصلة مسيرته الرياضية والتي بدأها قبل 30 عاماً، على الرغم من تعرضه لإصابة خلال اللعب تسببت في انحناء في العمود الفقري، وضعف في القدمين، ولا يزال مقتنعاً بأن الرياضة "كل حياته وتسري بدمه".