فقراء مصر يدفعون ضريبة فقرهم

27 يوليو 2014
+ الخط -


صدق نابليون عندما قال لجنوده عن مصر، وهم على وشك دخولها: "أنتم، الآن، أمام أكثر البلاد ثراءً، وأشد الشعوب بؤساً". فكلما احتاجت دولة الاستكبار إيرادات جديدة، لا يعلم أحد إلى أين تذهب، بسبب بند الميزانية الأحمر الشهير، والخاص بجهات سيادية، ذهبت هذه الدولة، ممثلةً فى أغنيائها ووزرائها إلى الفقراء، لتأخذ منهم عنوة ما تريد لتُعظم معيشتها.

في زمن الإنقلاب، أصبح الفقير فى ذمة الله، بعد أن سقطت عنه آخر ورقة توت، كانت تستره، والمتمثلة فى رفع الدعم عنه، وإذا ما علمنا أن نسبة من يعملون فى مصر، من التسعين مليون، هم جملة تعداد سكان المحروسة، حوالي 26 مليوناً، أي أن الفرد المصري الواحد يُعيل أربعة أفراد، وإذا ما علمنا ذلك، فهمنا حجم الكارثة التى تنتظر مستقبل مصر مع جياعها، بعد قرار الحكومة إسقاط الدعم للأبد. والمستغرب، بعد هذا القرار، أن نرى الوزراء، بعد توقيعهم على الوثيقة الجماعية لإعدام الفقراء، يضحكون ويبررون فعلتهم المشينة، على أنها واجب وطني، يصب فى مصلحة الفقير، وأي فائدة تعود على المقتول من القاتل!

لا تنتهي القسوة في التعامل مع فقراء مصر، عند حدود إبطال مفعول الدعم، بل فى محاربتهم، أيضاً، بالتضييق عليهم في معيشتهم. يومياً، تقوم أجهزة الدولة بحملات دهم واسعة، لإزاحة الباعة الجوالين من على الأرصفة، من دون إيجاد بديل مكاني لهم، وهذا ما دفعهم، على حد تعبير بائع صحف يومية، لإعلانها ثورة بوعزيزية حارقة، تأكل الأخضر واليابس فى مصر، طالما أنه لا أحد فى هذا الوطن يستمع لآهاتهم أو يستجيب لها. على الرغم من أن علاج الميزانية، المتهمة بالعجز الدائم، يكمن فى قصور أجهزة الدولة عن تحصيل مديونياتها من الأغنياء المتغاضى عنهم، وليس عند الفقراء والجوعى، إلا أن الذهاب إلى بيوت أو شركات الكبار للتحصيل، أو الحجز، في حالة تحريم وتجريم. 
ويبدو صعباً، بل ومحظوراً، على جميع الموظفين، بسبب عمولات عدم التنفيذ التي سبق ودُفعت لأشخاص بعينهم، في مقابل السكوت وعدم المطالبة، فلا عجب، بعد هذا كله، أن نجدهم يرفضون أي مشروع للنهضة والتطوير، وينفقون من أجل عدم إتمام هذا، منذ بدايات ثورة 25 يناير، مليارات الجنيهات. ولنا فى قصة الانقلاب خير دليل على أنهم لا يسمحون لأحد بمجرد الاقتراب من منظومتهم الفاسدة، طالما أنه ليس من عصابتهم.

avata
avata
إبراهيم صالح (مصر)
إبراهيم صالح (مصر)