في كل يوم يظهر جديدٌ في ملفّ ما أصبح يُعرَف بـ"فضيحة بينيلوبي"، وما أن ينجح فرانسوا فيون في إطفاء نار حتى تشتعل أخرى، في متوالية لا يعرف أحدٌ منتهاها ولا نتائجها، وإن كانت ظروف ونفسيّة فيون في وضعية تثير الشفقة، اضطر معها إلى تأجيل زياراته الخارجية والبقاء في فرنسا، والاستمرار في حملاته الانتخابية، مع أنصاره والأوفياء، ومحاولة تنظيم استراتيجيته الدفاعية.
ولكن العقبات لا تتوقف عن الظهور، مكسّرة الخطة الدفاعية للمرشح فيون؛ ففي الوقت الذي كان يشدد فيه على أن زوجته اشتغلت معه باعتبارها ملحقة برلمانية، تنشر بعض الصحف صُوَرا لعقد الشغل، يعود لشهر أبريل/نيسان 1998، ويُظهر عنوان سابلي سور سارت، مقر السكن الزوجي لفيون، ولا يتضمن عنوان البرلمان، وهو ما يدعم أطروحة فرانسوا فيون التي تقول إن زوجته كانت تشتغل في البلدة التي يمثلها وليس في البرلمان، إلا أن العقد يتضمن، أيضا، عنوانا في مدينة "لُو مَان"، وهو عنوان مقر الحزب.
وثيقة الشغل، التي تدعم تصريحات فرانسوا فيون أمام الصحافة والقضاء، تتناقض مع ما صرحت به "بينيلوبي فيون" لصحيفة بريطانية قبل سنوات؛ فقد استطاع برنامج "مبعوث خاص" في القناة الفرنسية الثانية الوصول إلى فيديو يتضمن حوارا لـزوجة فيون مع صحيفة "ديلي تليغراف" البريطانية، سنة 2007، تقول فيه: "لم أكن أبدا مساعدة لزوجي فرانسوا فيون، ولم أهتمّ، أيضا، بالاتصال".
ورغم كل هذا، فلا يزال فرانسوا فيون صامدا، أو يحاول الظهور كذلك. وفي هذا الصدد نَاشَد، معتمدا على ما تبقى من أمله وصبره، بعد أن قضى، خلال الأسبوعين الأخيرين، أسوأ اللحظات في تاريخ حياته السياسية الطويلة، نوّاب حزبه أن يصبروا معه 15 يوما، أي الفترة التي يمكن للقضاء الفرنسي أن يقول رأيه فيها، حتى تنتهي هذه الزوبعة التي تحيط به ويعود لحملته الانتخابية ويشرح للفرنسيين، أخيرا، برنامجه الانتخابي المثير للجدل.
وهي دعوة تلقّفها بعض أنصاره، فوقّع 17 نائبا من حزبي "الجمهوريون" و"الاتحاد الديمقراطي" المستقل، من بينهم ناثالي كوسيسكو موريزي وفرانسوا باروان وكزافيي برتراند وغيرهم، بياناً حمل اسم "من أجل شرف رجل ومستقبل فرنسا"، ونشر في صحيفة "لوفيغارو"، يظهرون فيه "دفاعا كاملا" عن فرانسوا فيون، ولا يرون غيره مرشحا لليمين، ويدينون ما يقوم به خصومه من "محاولة قتل فيون سياسيا".
ولكن فرانسوا فيون يدرك أن هذا الدعم ليس كافيا، وأن الظروف صعبة، حقا، وهذا ما أظهر بعض جوانبه، استطلاعٌ جديد للرأي، نشر اليوم الخميس، كشف أن 69 في المائة من الفرنسيين يريدون انسحاب المُرشَّح فيون من الانتخابات الرئاسية. كما كشف أن 50 في المائة من الناخبين اليمينيين أيضا يتقاسمون هذه الرغبة، كما يأمل 37 في المائة من الفرنسيين رؤية ألان جوبيه مرشحا لليمين، في حين أن 42 في المائة من المتعاطفين مع اليمين والوسط يريدون جوبيه مرشحا، بديلا لفيون.
هذا في الوقت الذي تنتشر فيه عريضة توقيعات لمقربين من المرشح السابق ألان جوبيه، يطالبونه بالتقدم لتدارك ما يمكن تداركه.
وفي الوقت الذي تجرّأ فيه النائب جورج فينيش، عن حزب "الجمهوريون"، والمقرب من نيكولا ساركوزي، فطالَبَ، صراحة، بالبحث عن بديل لفرانسوا فيون، وإلا فإن اليمين سيخسر لا محالة، مُعترِفا بأن كثيرا من نواب الحزب يشاطرونه الموقف، وسيخرجون عن صمتهم.
والغريب، حقا، أن القوانين الداخلية لحزب "المحافظون" لم تفكر في مثل هذه الاحتمالات، أي احتمال ظهور فضيحةٍ ما، أو مَرَض المرشح أو حتى وفاته.