فصام الإسلاموفوبيا

في فيديو منتشر على الإنترنت، يموِّه شابان هولنديان الكتاب المقدّس في غلاف يحمل عنوان القرآن، ثم يستوقفون المارة لإسماعهم مقاطع منه تحكم بقتل مثليّي الجنس، ومنع المرأة من التعليم ولزوم خضوعها للرجل، وذلك باعتبارها مقاطع من القرآن.

يعبّر المارة عن صدمتهم واستهجانهم. وردّاً على سؤال الشابين، يجيبون بكل ثقة بأن الكتاب المقدّس مسالم ولا يتضمّن مقاطع كهذه.

هنا، يواجههم هذان بحقيقة أن الكتاب المقدّس هو مصدر المقاطع. يقول الفيديو إنه يريد تفنيد الخطاب الذي يجمع بين "داعش" والإسلام. ولكن هل هذا يعني بأن ممارسات "داعش" تقف على مسافة متساوية من الإسلام والمسيحية؟

يصحّ ذلك فقط حيال الموروث النصّي القديم للإسلام والمسيحية. لكنه لن يصحّ لو قاربنا الأديان كمحصّلات تاريخية وعنينا بالإسلام والمسيحية فسيفساء الإسلامات والمسيحيات الأهلية والمؤسساتية الراهنة.

هو فارق ليس بالهين ألا يكون سبق للمارّة الهولنديين أن سمعوا بهذه المقاطع من الكتاب المقدس، وبعضهم قال إنه تلقّى تربية مسيحية، في حين أنك لو تلوت مقاطع شبيهة من القرآن على مسامع المارة في القاهرة أو دمشق، فلن تفاجئهم على الأرجح.

ذلك أن الكنائس هُزمت واضطرت لمواءمة خطابها مع المبادئ التي تمخّضت عنها ثورة الأنوار، في حين أن الجوامع تطالب أو تمسك اليوم بسلطة لم تتأمّن لها طوال التاريخ الإسلامي.


اقرأ أيضاً: اعترافان تاريخيّان