فريق ترامب يلعب آخر أوراقه قبل إطاحة روزنستاين ومولر

20 مايو 2018
يعرف فريق ترامب أن مسار تحقيقات مولر يتقدّم(ألكس وانغ/Getty)
+ الخط -

تقترب التحقيقات الأميركية في التدخّل الروسي بالانتخابات الرئاسية من محطة فاصلة، ومن إشارات ذلك أن الفريق القانوني الجديد للرئيس الأميركي دونالد ترامب قد انتقل بقيادة محاميه الجديد رودي جولياني، عمدة نيويورك السابق وأحد المقربين من ترامب، من الدفاع إلى الهجوم المضاد لإحباط العملية، من خلال التقليل من أهمية مهمة المحقق الخاص روبرت مولر وإثارة الشكوك حول جدارتها وشرعيتها، ومحاولة تفريغها من صدقيتها.

فمع مرور عام على تعيين مولر كمحقق خاص في القضية، قام فريق ترامب بحملة مركّزة في هذا الاتجاه من باب أن "هذه المدة تكفي"، كما قال نائب الرئيس مايك بانس، خصوصاً أن التحقيقات لم تثبت بعد كل هذا الوقت حصول أي تواطؤ بين حملة ترامب الانتخابية والروس، أو تقديم أي دليل على قيام الرئيس بخطوات لعرقلة سير العدالة. ونجح هذا المسعى إلى حدّ ملحوظ، مستفيداً من تحسّن رصيد ترامب الشعبي الذي يقترب من 45 في المائة، على قاعدة الوضع الاقتصادي المنتعش. كما استفاد هذا الخطاب من "حالة التعب" العام من هذا الموضوع الذي تحوّلت سيرته إلى محطة يومية لا تخلو من الرتابة، على الرغم من أهمية الخفايا التي توصّل مولر إلى نبشها في هذه القضية حتى الآن، والتي أدت إلى اتهام خمسة من معاوني ترامب، ومحاكمة واحد، مع توجيه التهمة إلى 13 روسياً وثلاث شركات روسية. وكان آخر قرارات مولر إصدار مذكرة استدعاء بحق جون كاكانيس، وهو مساعد رئيسي لروجر ستون الذي عمل مستشاراً لترامب لفترة طويلة.


ومن المحاولات الأخيرة للطعن في شرعية التحقيقات، أن مكتب التحقيقات الفيدرالي "إف بي آي"، كان قد قام "بزرع مخبر" في حملة ترامب الانتخابية للتجسس عليها، وذلك يشكّل فضيحة "تهون أمامها ووترغيت"، حسب جولياني. وعليه، فإن ما يقوم به مولر مبني على تآمر رسمي ضد الرئيس، بما يجعل القضية ضده باطلة في الأساس.
أثار كلام جولياني ضجة شحنت أوساط ترامب بالمزيد من الزخم. لكن هذه الحجة لا تستقيم، حسب القانونيين، لأن من "واجب" مكتب التحقيقات التغلغل لجمع المعلومات عندما حامت الشبهات حول التدخّل الروسي في الانتخابات. مع ذلك، يحاول فريق الرئيس استغلال هذه الذريعة "للإطاحة" بنائب وزير العدل رود روزنستاين، والمجيء ببديل يقوم بإقالة المحقق مولر وبالتالي إقفال الملف. يؤازره في ذلك الجمهوريون في مجلس النواب الذين دعا قسم منهم إلى قيام الكونغرس بعزل روزنستاين.

الواضح أن فريق البيت الأبيض مستعجل لإغلاق هذا الملف، ولا تُخفى خشيته من النتيجة، فيما زعمه بأن التحقيقات طالت، يعكس مخاوفه. فهو يدرك أن السوابق في مثل هذه الحالة امتدت لسنوات، فتحقيقات "ووترغيت" بقيت أكثر من سنتين، و"وايت ووتر" مع فضيحة مونيكا لوينسكي استمرت أكثر من خمس سنوات. استعجال فريق ترامب يعود إلى معرفته بأن مسار مولر يتقدّم. وفي الآونة الأخيرة، تزايد الحديث والجدل حول ما إذا كان بإمكان هذا الأخير "استدعاء" الرئيس لاستجوابه أو تسطير "إدانة" ضده. لا نص في الدستور حول هذين الأمرين، ولهذا لا يتوفر إجماع بشأنهما. المحكمة العليا سبق وأجازت استدعاء الرئيس، مع ذلك قال جولياني إن مشاغل الرئيس تعفيه من هذا الإجراء. كذلك حال الإدانة التي تتنّوع الاجتهادات بشأنها، فالبعض يقول بجوازها إذا توفرت شروط معينة، مثل السيناتور الديمقراطي ريتشارد بلومنتول وأستاذ القانون الدستوري في جامعة هارفرد، لورانس ترايب. ومنهم من يشدد على أنه لا يحق للمحقق إدانة الرئيس، مثل جولياني. وآخرون يرون أن الإدانة ممكنة مع تأجيل تنفيذها إلى ما بعد نهاية ولاية الرئيس.

السجال في هذه الأمور يؤشر إلى تطورات كبيرة مقبلة، وكذلك التوجس الذي يبديه البيت الأبيض في هذا الخصوص والذي يطغى على كل ما عداه من مشاغل ترامب المحلية والخارجية. فظلّ التحقيقات حاضر في كل القرارات. وعلى الرغم من تنوّع الاهتمامات، بين كوريا وإيران والقتل العشوائي في مدرسة قبل يومين، إلا أن كل هذه المواضيع الهامة لم تحجب التحقيقات ومتفرعاتها، ليبدو أن ترامب يخوض معركة مع وزارة العدل.

المساهمون