فرنسا: 13 نائباً من أصولٍ عربية في البرلمان

26 يونيو 2017
منير محجوبي بعد إجتماعٍ وزاري في الإليزيه (أوريليان مونييه/Getty)
+ الخط -

حملت الانتخابات التشريعية الفرنسية رقماً جديداً بالنسبة للنواب من أصل عربي، الذين نجح منهم 13 شخصاً في سابقة هي الأولى من نوعها في فرنسا، ليتم بالتالي تجاوز العدد السابق وهو 5 نواب. وسابقاً، كان يُعتبر عدد النواب ضئيلاً قياساً على وجود جالية عربية وإسلامية كبيرة، يتجاوز عدد أفرادها 6 ملايين شخص، أكثر من ثلاثة ملايين ونصف المليون منهم يمتلكون الجنسية الفرنسية، وبالتالي يستطيعون ممارسة حقهم في التصويت، وفي صنع القرار. ولكن لكل استحقاق انتخابي خصوصياته ومفاجآته. وكانت إحدى مفاجآت هذه الانتخابات انهيار غير مسبوق للحزب الاشتراكي الفرنسي الذي ينتمي إليه النواب الخمسة من أصول عربية: غازي حمادي، وقادر عريف، ومالك بوطيح وخيرة بوزيان - لعروسي، وشايناس خيروني. الأول من أصول تونسية، فيما الأربعة الآخرون من أصول جزائرية.

النواب الـ13 من أصول عربية، هم مصطفى لعبيد، وسارة الهيري، وفيونا لزعر، ومحمد لكحيلة، ونعيمة موتشو، وأمل لقرافي، ومجيد الغراب، وهؤلاء، من أصول مغربية. فضلاً عن بلخير بلحداد، وفضيلة خطابي، وإبراهيم حموش، وهم من أصول جزائرية، إضافة إلى نائبتين من أصول تونسية وهما أنيسة خضر وصونيا كريمي، وسعيد لحمادة، وهو من أصول قُمُرية.

وكانت نتائج الدورة الأولى من هذه الانتخابات التشريعية مبشّرةً بهذا الاختراق التاريخي، فقد شهدت تأهل 39 مرشحاً للدورة الثانية، من أصول عربية. وفي المحصلة النهائية فاز 14 نائباً، سيكون 13 منهم على مقاعد البرلمان الجديد، عدا منير محجوبي، بسبب اضطراره إلى العمل وزيراً في الحكومة فترك مقعده البرلماني لمُساعدته.

ولم يكن لهؤلاء النواب أن يفلتوا من مصير حزبهم، الذي خذله وعاقبه الناخب الفرنسي، بعد خمس سنوات من الحكم. وهو ما اكتشفوه مع تسونامي حركة الرئيس الجديد، إيمانويل ماكرون، "الجمهورية إلى الأمام" وحلفائها. وأيضاً بسبب ولوج اليسار المتعدد لهذه الانتخابات مشتتاً. وهكذا تم إقصاء هؤلاء في الدورة الأولى، عدا شايناس خيروني، التي أقصيت في الدورة الثانية.

وقد اعترف حمادي، وهو من أنصار الرئيس السابق، فرانسوا هولاند، بأنه "كان يدرك جيداً أن الدفاع عن حصيلة خمس سنوات من الحكم الاشتراكي مسألة صعبة، لا يتقبلها الناخب الفرنسي، بسهولة". وأضاف أن "قربه الأيديولوجي من الرئيس هولاند، لا يفسر لوحده، هزيمته، التي يعزوها، بشكل كبير، إلى تعيين زعيم حركة (فرنسا غير الخاضعة)، جان لوك ميلانشون، لمرشح ينافسه. وهو ما فعله ميلانشون في دوائر كثيرة، كان لليسار أملٌ في الفوز، فخرج مهزوماً". وكان حمادي يسعى للحفاظ على مقعده الانتخابي في ضاحية مونتروي الباريسية.



وقد انعكست دينامية ماكرون، سلباً، على وزيرتين شاركتا في حكومة هولاند ترشحتا في هذه الانتخابات التشريعية، من أصول عربية، وهما نجاة فالو بلقاسم ومريم الخمري، فأقصيتا، على الرغم من أن مريم الخمري، وزيرة العمل السابقة، لم تواجه مُرشَّحاً من حركة "الجمهورية إلى الأمام" في دائرتها الانتخابية، عكس حال نجاة فالو بلقاسم، التي فاز عليها رجل أعمال مقرّب من ماكرون ومن وزير داخليته، الاشتراكي السابق جيرار كولومب.

وإذا كان تواجد خمسة نواب من أصول عربية في البرلمان الفرنسي، عام 2012، اعتبر، في حينه، من قبل الإعلام الفرنسي، وأيضاً من طرف بعض ممثلي الطبقة السياسية، اختراقاً كبيراً للاندماج في فرنسا وقفزة كبيرة إلى الأمام، فإنه من الطبيعي من هذا البرلمان الجديد انتظار اختراق أكبر.

بدورها، اعتبرت ليلى الشيبي، الآتية إلى السياسة عن طريق العمل المجتمعي، وبعدها "الحزب الجديد المناهض للرأسمالية"، قبل أن تصل إلى حزب اليسار، والتي ترشحت في دائرة باريسية صعبة، المقاطعة الرابعة عشرة، أن "ترشحها في العاصمة كان يحمل كثيراً من الصعوبات، بسبب النفوذ المستدام لليسار الاشتراكي واليمين فيها".

في ظل انهيار الحزب الاشتراكي الفرنسي، الذي كان، في السابق، أكثر انفتاحاً على الفرنسيين من أصول أجنبية مقارنة مع غيره من الأحزاب، فإنه لم يستطع هذا الحزب إيصال أي مرشح من أصول عربية. وهو نفس حال اليمين الفرنسي "الجمهوريون". بالتالي فإن الفضل الأكبر هو لحركة ماكرون التي ساهمت بوصول هذا العدد من النواب، فكانت النتيجة أن هؤلاء النواب الجدد إما أعضاء في حركة "الجمهورية إلى الأمام" (9 نواب)، أو لدى حليفه الوسطي "الموديم" (ثلاثة نواب).

من جانبه رأى يوسف بوسوماح، القيادي في حزب "أهالي الجمهورية" (الذي لم يقدم حزبه مرشحين في الانتخابات، رغم دعمه لبعض المرشحين اليساريين)، أن "هامش الحرية سيكون ضيقاً بالنسبة للنواب الجدد، ليس فقط بسبب عدم توفر معظمهم على خبرة سياسية، بل أيضاً لأن الرئيس إيمانويل ماكرون سيكون حريصاً على انسجام حكومته وأغلبيته البرلمانية، وبالتالي مقاومة كل صوت نشاز، حتى لا يعرف عهده السياسي حركة تمرد كما عاشها من قبله، سلفه فرانسوا هولاند، فأطاحت بحلمه في الترشح، ثانية، للرئاسيات".