فرنسا: "السترات الصفراء" تعود للشارع بعد خطاب ماكرون وتحشد لعيد العمال

باريس

محمد المزديوي

avata
محمد المزديوي
27 ابريل 2019
B28A9EDB-6E27-4AD7-9242-66C5E792A95D
+ الخط -

بعد يومين فقط من إعلانات الرئيس إيمانويل ماكرون، التي أراد بها، إقفال "الحوار الوطني الكبير"، ووضع حد لما بات يعرف بأزمة "السترات الصفراء"، يعود المتظاهرون إلى الشارع، اليوم السبت، في جولتهم الرابعة والعشرين.

ولم يستطع الرئيس إقناع عدد كبير من الفرنسيين، فـ63 في المائة من الفرنسيين، أعلنوا في استطلاع للرأي عن عدم اقتناعهم بالقرارات الرئاسية.

وحتى اليمين الفرنسي، المتمثل في حزب "الجمهوريون"، والذي يؤيد إعلانات الرئيس في موضوع خفض الضرائب ومواصلة إعفاء الأثرياء من ضريبة التضامن على الدخل، التي تطالب أغلبية الفرنسيين بإعادة فرضها، رأى أن هذه الإعلانات غير كافية وغير مقنعة، خاصة أنه لم يتحدث عن خفض الإنفاق الحكومي بشكل واضح وكيفية تمويل خفض الضرائب، ولم يقرر تمديد السن القانونية للتقاعد من 62 إلى 64 سنة، كما أنه تخلى عن وعوده بإلغاء 120 ألف وظيفة في القطاع العمومي.

كما أن إحساسه بخطورة قضية الهجرة، ورغبته في تغيير معاهدة شينغن والخطورة التي يمثلها الإسلام السياسي على البلد ليسا كافيَين، في نظر اليمين الفرنسي، بمختلف أطيافه.

أما اليسار فرأى فيها انزلاقا آخَر نحو اليمين ونحو الانزواء الهوياتي" "فنّ أن تكون فرنسا"، أو "فنّ أن تكون ماكرونيا"، كما عبر الكثيرون، بسخرية، واستهانة بالمطالب الشعبية والاجتماعية منذ أكثر من أربعة أشهر، فيما رفضت حركة السترات الصفراء، من خلال معظم وجوهها المعروفين الإعلانات الرئاسية واعتبروها لا تجيب عن أي مطلب من مطالبهم الرئيسة، والتي تعلن عنها مواقعهم، وخاصة موقع بريسيلا لودوسكي، أحد وجوه الحراك التي تحظى بالاحترام والتي عبر ماكرون، قبل أسابيع، عن رغبته في لقائها.

وقد عبرت بريسيلا لودوسكي عن خيبة الأمل لأن الرئيس لم يقل شيئا عن نهاية استخدام مبيد جليفوسات ولا عن الشفافية في عمل المنتَخَبين ومرتباتهم ولا عن استخدام سلاح "إل بي دي". كما أنه رفض التصويت الأبيض، ورفض استفتاء "RIC"، ولم يقل شيئا حول خفض المواد الضرورية. 

وأمام هذا الحوار الأصم بين الرئيس وبين حركة "السترات الصفراء"، لا تجد هذه الأخيرة بُدّاً من مواصلة احتجاجاتها، عبر تظاهرات في سائر المدن والبلدات، منها تظاهرة دولية في مدينة ستراسبورغ، إلى جانب تظاهرتين في باريس، تحت شعار: "المعالجة الإعلامية"، تنطلق إحداها من راديو فرنسا، حيث معظم مقرات وسائل الإعلام، والثانية من "مونبارناس" إلى "بلاس دي تالي"، مدعوة من نقابات عمالية من بينها "سي جي تي"، ومن حركات سياسية كـ"فرنسا غير الخاضعة" والحزب الشيوعي، وفي بوردو وليل وتولوز ومونبلييه وغيرها.

وقد استبق بعض ممثلي السترات الصفراء، احتمال أن تكون تظاهرات اليوم، التي يرصدها النظام السياسي عن قرب، أقل حجماً من سابقاتها، مؤكدين أن الجهود منصبة أكثر على حشد المتظاهرين الغاضبين على سياسات ماكرون وإعلاناته الأخيرة، يوم الأربعاء 1 مايو/أيار، عيد العمال، حيث ستتظاهر "السترات الصفراء" إلى جانب العديد من النقابات العمالية والأحزاب السياسية.

وهو ما استبقها وزير الداخلية بالتحذير من احتمال تسرب عناصر متطرفة ومشاغبة لمواجهة قوى الأمن. وسيحضر ألكسندر بنعلا، حارس الرئيس الشخصي الأسبق، الذي عاد الرئيس ماكرون في ندوته الصحفية الأخيرة لإعلان خيبته الكبيرة من تصرفاته، بقوة، في شعارات منددة باعتقال الآلاف من المتظاهرين، في حين أن ألكسندر بنعلا طليقٌ، رغم التهم الموجهة إليه، والتي تعود، تحديدا، إلى 1 مايو/أيار من العام الماضي حين خرج عن طوره وعن حياديته، باعتباره مراقبا، لا أكثر، فاعتدى على ثلاثة متظاهرين.


وفي هذه الأثناء، التي ينتظر فيها الرئيس ماكرون، عودة النظام، كما قال، بلهجة جادة، في حديثه قبل يومين، والتي يطالب فيها أعضاء حكوميون الفرنسيين بالصبر، لبعض الوقت، فنتائج الإعلانات الرئاسية قادمة، بالضرورة، وهو ما سيحسّن القدرات الشرائية لأكثر من 15 مليون فرنسي، أكد آخر استطلاع للرأي، أجراه معهد إيلاب، أن 63 في المائة من الفرنسيين لا يرون أن خفض الضرائب على الدخل ذات مصداقية، بالنسبة لمن يشتغل. و65 في المائة لم يقنعهم تدخل الرئيس.

أما 78 في المائة فاعتبروا أن "الحوار الوطني الكبير" وإعلانات الرئيس لن تتيح الخروج من الأزمة. وفي لفتة إلى شعبية الحراك، رغم مظاهر العنف، يرى 77 في المائة من الفرنسيين أن الرئيس لم يُجب عن انتظارات السترات الصفراء. و70 في المائة اعتبروا أن الرئيس لم يكن في مستوى الانتظارات التي عبر عنها "الحوار الوطني الكبير". ورأى 74 في المائة من الفرنسيين أن الإعلانات الرئاسية لن تغير من وضعيتهم الشخصية، فيما رأى 64 في المائة أنها لن تغير من وضعية البلد.    

فرنسا تعيش وضعية اجتماعية صعبة، ويبدو فيها طرفان غير قابلين للتصالح، فهل سيعدل الرئيس، الذي بات ينظر إليه بأنه ينفذ سياسات يمينية، بشكل متزايد، خاصة مع دعوته غير المباشرة للعمل ما بعد سن 62 سنة، بعض الاتجاهات، ويقوم ببعض الإجراءات التي نسيها أو تناساها في خطابه، الذي سيبدأ الاجتماع الوزاري في بداية الأسبوع، في توضيح تفاصيلها وجدول تنفيذها، أم أنه سيُصرّ على مواقفه، التي شدد في كلمته الأخيرة، في نوع من الاعتزاز، على أنها لم تتغير، رغم "الحوار الوطني الكبير"، الذي قال إنه استفاد منه، ورغم 12 مليون يورو التي أنفقت من أجله، ويعتبر أن الانتخابات الأوروبية والبلدية هي الحَكَم، بينه وبين مختلف معارضيه.

لقد تناسى كثيرون قولته المجلجلة، في بدايات الاحتجاجات: "ليس الشارع هو من يَحْكُم فرنسا".     ​

ذات صلة

الصورة
معرض يورونيفال في فرنسا، 27 أكتوبر 2008 (Getty)

سياسة

بعد منع فرنسا مشاركة الشركات الإسرائيلية في معرض الأسلحة يوروساتوري، ها هي تمنع الآن أيضاً مشاركة إسرائيل في معرض يورونافال.
الصورة
امرأة في منطقة الصحراء، 3 فبراير 2017 (Getty)

سياسة

دخلت العلاقات بين فرنسا والجزائر في أزمة بعد إعلان فرنسا دعمها مخطط الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب بشأن الصحراء وهو ما قد لا يساعد في حل القضية.
الصورة
ماكرون يلقي خطابًا متلفزًا يعلن فيه حل البرلمان، 9 يونيو 2024 (فرانس برس)

سياسة

أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مساء الأحد، حلّ الجمعية الوطنية وتنظيم انتخابات تشريعية جديدة، بعد فوز اليمين المتطرف الفرنسي في الانتخابات الأوروبية.
الصورة
تنظيم داعش/فرنسا

سياسة

رفعت فرنسا، أول من أمس الأحد، مستوى التأهب الأمني إلى الدرجة القصوى، وذلك في أعقاب هجوم موسكو الدموي الذي تبناه تنظيم "داعش"، مستعيدة تهديدات عدة للتنظيم.
المساهمون