في بعض الصباحات، حين كنت أستيقظ، كنت أتمنّى لو أنّني أجلس أمام التلفاز لأشاهد برامج الأطفال، بملابس نومي المجعّدة، وشعري غير المسرّح، مرتدية فردتين مختلفتين من جواربي. كنت أحبّ الرسوم المتحركة لوالت ديزني، فأودّ أن أضع أمامي العنب من دون بذور، وأتفرّج على سندريلا، والأميرة النائمة، وبياض الثلج والأقزام السبعة. كنت أتمنّى لو أنني سندريلا، والأميرة النائمة، وبياض الثلج في انتظار أميري الذي يحوّل يقطينتي إلى عربة ذهبية، ويبني لي قصراً جميلاً ليس فيه شيء من الطبخ ونفض الغبار وغسيل الملابس. قصرٌ شاسعٌ لا يوقظني فيه بكاء رضيعي، ولا تشوّش أحلامي رائحة الحفاض الوسخ. وحين يرجع أميري بسيارة بيكان المغبّرة إلى البيت، وأسمع صوت دوران المفتاح في قفل باب شقتي الصغيرة، كنت أتمنى لو أقفز من مكاني وأغمض عيني، وبمجرّد أن أفتحتهما، أرى مرق الخضر جاهزاً، والبخار يتصاعد من الرز بالزعفران، والخبز البَربَري الطازج الساخن قد استقر على المائدة، وحبّات الفجل تلمع في سلة الخضر، وأنا أبتسم قائلة: "ما الأخبار يا حبيبي؟".
كان أميري يمدّ إليّ باقة النرجس، يضيّق عينيه بدلال ويقول: "آه يا حبيبتي أنا أحبّك." ثمّ يذهب إلى طفلنا، الجالس هادئاً في المقعد ذي المسند، بمظهره الجميل النظيف مثل الأطفال غير المزعجين في برامج الدعاية التلفزيونية، مرتدياً ثوباً بلون الأزرق السماوي لا توجد عليه البقع، وهو يقول: "آه آ ه آه".
كانت الشمس تضيء عبر النافذة أزهار النرجس، وصوت الموسيقى الناعم يأتي من مكان مجهول، وأنا أنظر إلى قصري النظيف المرتّب الخالي من الغبار، قائلة: "آه! كم أنا سعيدة".
كنت أسرّح شعري فأرى الأبيض ازداد فيه. كانت أميّ تقول لي :"اصبغي شعرك. زوجك شابّ، والشابّات العازبات كثيرات". كانت الضحكة تعلو وجهي، وأنا أنظر إلى زوجي. "أية شابة تطمع في أميري المتعَب الغضبان المنكسر؟ منذ سنوات، خطفتُ بريق عيني أميري وابتساماته المفعمة بالحبّ. أنا! ساحرة مدينة الزمرد! الشريرة الماكرة! أية امرأة تقع في غرام أميري الشاحب؟".
في الصباح، كنت أدور في البيت بشعري غير المسرح، وملابس نومي المجعدة، لأجمع الملابس المتسخة من على الأرض والكراسي والسرير وداخل الحمام لأضعها في الغسالة. كنت أضغط على زرّ أخضر أو أحمر أو أصفر وتبدأ الغسالة بغسل الملابس. كان بإمكاني أن أمسك بيدي سيجارةً خفيفة الوزن، بدل فرك حفاض الطفل والشراشف والقمصان والمناشف. حينئذ كانت يداي تشكران زوجي دائماً.
كنت أجلس أحياناً أمام الغسالة، وأتأمّل الملابس وهي تدور. الأصفر، الأخضر، الأبيض، الأزرق، الملابس الداخلية، التنورة، البنطلون، القماش الخاصّ لنفض الغبار، غطاء المخدّة، غطاء الطاولة، قطعات من حياتي.
كانت تقول أمي: "من الضروري فرز ملابس الغسيل. الشراشف، الملابس الداخلية، ملابس الطفل، كل على حدة". لكنني كنت أخلط الملابس أثناء غسلها. عندئذٍ تقول أمي: "هذا غير صحّي". وأنا أضحك ساخرة. تقول أمي: "اشكري الله، لأنك لست مضطرة لأن تفركي الملابس بالماء البارد والأشنان، في أيامنا" كنت أقول في نفسي: ليت الإنسان يمتلك شيئاً يتشبّث به دائماً! الملابس أو القضبان الحديدية لضريح من الأضرحة، وظيفة في الإدارة، حلم الترقية في العمل، والعيدية وإضافة العلاوة على الراتب، وفتح حساب لتوفير في المصرف، حلم شراء بيتٍ أوسع فيه مقاعد فاخرة، السيارة، خاتم الماس، جزدان لويس فيتون، ساعة رولكس، حفل الزواج في فندق شهير، أولاد أصحّاء لهم سجل علامات مدرسية مليء بعلامات العشرين الممتازة، صديقات جديرات للحديث معهنّ عن أفضل طريقة لطبخ مرق الفسِنجون أو لاغتياب الأخريات، أو الذهاب إلى صالة الحلاقة.
في فترة من الزمن كنت أشعر بالدوار، عند الوقوف، وعند الجلوس، وعند الاستلقاء. كنت أشعر أنني قد فقدت توازني. كنت أشعر أن الأرض تهرب من تحت رجلي، فأمدّ يديّ لأتشبثّ بشيء لئلا أسقط، لكنني لم أكن أجد شيئاً. كانت أمي تقول: "أنت مصابة ببرودة المزاج"، لتجعلني أشرب دائماً سكر النبات مع الماء الساخن.
في عيد ميلادي اشترى لي زوجي غسالة الصحون ليخفّف من أعباء أعمالي، ثمّ اشترى لي في عيد النوروز مكنسة كهربائية جديدة. قلت لهما لو أنهما أعطياني ما أتشبثّ به لتحسّنت حالي، ونجوت من السقوط. وتبادل الاثنان النظرات، من دون أن ينبسا ببنت شفة. بعد أيام جاءت أمّي إلى بيتنا واحتضنت الطفل. قال زوجي: "لنذهب"، فذهبنا.
كانت غرفة الانتظار في عيادة الطبيب النفساني قبيحة كئيبة. كان أرضية الغرفة البنية مكسرة البلاطات هنا وهناك، فاصطدم كعب حذائي بالأرضية المكسرة، وكدت أن أسقط فوق امرأة شابة جالسة على كنبة كبيرة من الجلد الصناعي، وهي تحدّق في مزهرية فيها ثلاث أزهار قرنفل اصطناعية. أمسك زوجي بيدي، وأنا اعتذرت من المرأة الشابة. كان عصراً صيفياً، وأنا أعرف أن السماء مضيئة ومشمسة، لكنّ غرفة الانتظار مظلمة، لدرجة أُشعلت الأضواءُ فيها. قلت لزوجي: "يشبه المكان مغاسل الموتى تماماً". ابتسم وقال وهو يضغط على ذراعي: "اهدئي حبيبتي".
فهمت أن فحوى كلامه هو : "لا تقولي شيئاً". جلست على إحدى الكنبات من الجلد الصناعي نفسها، أمام تلك المرأة التي كدتُ أن أسقط عليها. بعد دقائق، تصبّب ظهري ورجلاي عرقاً. كانت جواربي النايلونية الطويلة قد التصقت برجلي. بدأت أتململ في مكاني، فأصدر الجلدُ الصناعي صريراً. نظر زوجي إليّ. قلتُ: "أنا أكره جوارب النايلون". قال: "اهدئي حبيبتي".
جلست صامتة، وفكّرت لماذا عليّ أن أرتدي جوارب النايلون وأنا أكرهها، كما عليّ أن لا أقول إنني أكره ارتداءها.
جاء دورنا. أخذ زوجي من ذراعي، وساعدني على النهوض. دخلنا غرفة الطبيب. ضغط زوجي على ذراعي، فأصاب ذراعي بالألم.
كان الطبيب النفساني جالساً وراء مكتب. كان نحيفاً، لحيته تشبه لحية الماعز، وقد ارتدى نظارة طبية دائرية. سألني: "كيف حالك؟". قلت: "أنا بخير، لكن ذراعي توجعني". سأل: "منذ متى بدأت ذراعك تؤلمك؟". قلت: "منذ ثلاثين ثانية". سعل. ثمّ قال وهو يعدّل نظارته: "ما السبب برأيك؟". قلت: "أظنّ أن ذراعي تؤلمني لأنّ زوجي يضغط عليها". فانسحب زوجي مذعوراً. قلت: "الآن، لا تؤلمني ذراعي".
كان الطبيب النفساني يكتب أشياء على ورقة. شعرت بأنّه يضحك. لم تكن الضحكة تعلو وجهه، لكنني شعرت بأنّه يضحك. أردت أن أقول: "أعرف أنك تضحك الآن". لكنني قلت لنفسي: "اهدئي حبيبتي". مددتُ عنقي لكي أرى ماذا يكتب على الورقة، فقلّبها، لكنني رأيت أنه قد رسم عليها أقنعة ضاحكة. أردت أن أقول له: "لا تزعل. فما العيب في ذلك؟ أنا أيضاً أرسم أقنعة ضاحكة على كلّ ما في متناول يدي".
سألني الطبيب النفساني: "ما الأشياء التي تحبينها؟". قلت: "الرسوم المتحركة لوالت ديزني، والعنب من دون بذور". ثم قال: "ما الأشياء التي تكرهينها؟". قلت: "جوارب النايلون وأن يضغط أحد دائماً على ذراعي".
وكتب الطبيب النفساني أشياء على ورقة. وشعرت بأنه يتعمّد ويدفع الورقة إليّ، هذه المرّة، لأرى أنّه لا يرسم ثانية أقنعة ضاحكة. قال: "تناولي من هذه الحبوب ثلاث حبات يومياً. صباحاً. وظهراً ومساءً. وستتحسّن حالتك". قلت: "تقصد أنّها تجعلني أكره الرسوم المتحركة لوالت ديزني؟".
نظر إلي. نظر إلي. نظر إلي. قال: "لا. يمنعك من أن ترسمي أقنعة ضاحكة." انفجرتُ ضاحكة. وضحك الطبيب النفساني أيضاً. كان زوجي ينظر إلينا بذهول.
لا أعرف بالتحديد كم يوم مضى على يوم بدأت فيه أتفرّج مع الطبيب النفساني على الرسوم المتحركة لوالت ديزني، في قصر شاسع مرتّب خال من الغبار. طبيبي النفساني لا يعيش إلا بالعنب من دون بذور. أنا لا أسرّح شعري أبداً، وصارت لحيته طويلة جدّاً. رميت جواربي النايلونية كلها، وهو لن يطلب مني أن أعدّ له أزواج جواربه، فيرتدي فردتين مختلفتين من جواربه، ويرسم على ما يقع تحت يده قناعاً ضاحكاً، ويحكي لي قصّة تلك المرأة الجالسة في غرفة الانتظار، وهي تحدّق في أزهار القرنفل الثلاث في مزهرية زجاجية.
(الترجمة عن الفارسية سمية آقاجاني ويدالله ملايري)
كان أميري يمدّ إليّ باقة النرجس، يضيّق عينيه بدلال ويقول: "آه يا حبيبتي أنا أحبّك." ثمّ يذهب إلى طفلنا، الجالس هادئاً في المقعد ذي المسند، بمظهره الجميل النظيف مثل الأطفال غير المزعجين في برامج الدعاية التلفزيونية، مرتدياً ثوباً بلون الأزرق السماوي لا توجد عليه البقع، وهو يقول: "آه آ ه آه".
كانت الشمس تضيء عبر النافذة أزهار النرجس، وصوت الموسيقى الناعم يأتي من مكان مجهول، وأنا أنظر إلى قصري النظيف المرتّب الخالي من الغبار، قائلة: "آه! كم أنا سعيدة".
كنت أسرّح شعري فأرى الأبيض ازداد فيه. كانت أميّ تقول لي :"اصبغي شعرك. زوجك شابّ، والشابّات العازبات كثيرات". كانت الضحكة تعلو وجهي، وأنا أنظر إلى زوجي. "أية شابة تطمع في أميري المتعَب الغضبان المنكسر؟ منذ سنوات، خطفتُ بريق عيني أميري وابتساماته المفعمة بالحبّ. أنا! ساحرة مدينة الزمرد! الشريرة الماكرة! أية امرأة تقع في غرام أميري الشاحب؟".
في الصباح، كنت أدور في البيت بشعري غير المسرح، وملابس نومي المجعدة، لأجمع الملابس المتسخة من على الأرض والكراسي والسرير وداخل الحمام لأضعها في الغسالة. كنت أضغط على زرّ أخضر أو أحمر أو أصفر وتبدأ الغسالة بغسل الملابس. كان بإمكاني أن أمسك بيدي سيجارةً خفيفة الوزن، بدل فرك حفاض الطفل والشراشف والقمصان والمناشف. حينئذ كانت يداي تشكران زوجي دائماً.
كنت أجلس أحياناً أمام الغسالة، وأتأمّل الملابس وهي تدور. الأصفر، الأخضر، الأبيض، الأزرق، الملابس الداخلية، التنورة، البنطلون، القماش الخاصّ لنفض الغبار، غطاء المخدّة، غطاء الطاولة، قطعات من حياتي.
كانت تقول أمي: "من الضروري فرز ملابس الغسيل. الشراشف، الملابس الداخلية، ملابس الطفل، كل على حدة". لكنني كنت أخلط الملابس أثناء غسلها. عندئذٍ تقول أمي: "هذا غير صحّي". وأنا أضحك ساخرة. تقول أمي: "اشكري الله، لأنك لست مضطرة لأن تفركي الملابس بالماء البارد والأشنان، في أيامنا" كنت أقول في نفسي: ليت الإنسان يمتلك شيئاً يتشبّث به دائماً! الملابس أو القضبان الحديدية لضريح من الأضرحة، وظيفة في الإدارة، حلم الترقية في العمل، والعيدية وإضافة العلاوة على الراتب، وفتح حساب لتوفير في المصرف، حلم شراء بيتٍ أوسع فيه مقاعد فاخرة، السيارة، خاتم الماس، جزدان لويس فيتون، ساعة رولكس، حفل الزواج في فندق شهير، أولاد أصحّاء لهم سجل علامات مدرسية مليء بعلامات العشرين الممتازة، صديقات جديرات للحديث معهنّ عن أفضل طريقة لطبخ مرق الفسِنجون أو لاغتياب الأخريات، أو الذهاب إلى صالة الحلاقة.
في فترة من الزمن كنت أشعر بالدوار، عند الوقوف، وعند الجلوس، وعند الاستلقاء. كنت أشعر أنني قد فقدت توازني. كنت أشعر أن الأرض تهرب من تحت رجلي، فأمدّ يديّ لأتشبثّ بشيء لئلا أسقط، لكنني لم أكن أجد شيئاً. كانت أمي تقول: "أنت مصابة ببرودة المزاج"، لتجعلني أشرب دائماً سكر النبات مع الماء الساخن.
في عيد ميلادي اشترى لي زوجي غسالة الصحون ليخفّف من أعباء أعمالي، ثمّ اشترى لي في عيد النوروز مكنسة كهربائية جديدة. قلت لهما لو أنهما أعطياني ما أتشبثّ به لتحسّنت حالي، ونجوت من السقوط. وتبادل الاثنان النظرات، من دون أن ينبسا ببنت شفة. بعد أيام جاءت أمّي إلى بيتنا واحتضنت الطفل. قال زوجي: "لنذهب"، فذهبنا.
كانت غرفة الانتظار في عيادة الطبيب النفساني قبيحة كئيبة. كان أرضية الغرفة البنية مكسرة البلاطات هنا وهناك، فاصطدم كعب حذائي بالأرضية المكسرة، وكدت أن أسقط فوق امرأة شابة جالسة على كنبة كبيرة من الجلد الصناعي، وهي تحدّق في مزهرية فيها ثلاث أزهار قرنفل اصطناعية. أمسك زوجي بيدي، وأنا اعتذرت من المرأة الشابة. كان عصراً صيفياً، وأنا أعرف أن السماء مضيئة ومشمسة، لكنّ غرفة الانتظار مظلمة، لدرجة أُشعلت الأضواءُ فيها. قلت لزوجي: "يشبه المكان مغاسل الموتى تماماً". ابتسم وقال وهو يضغط على ذراعي: "اهدئي حبيبتي".
فهمت أن فحوى كلامه هو : "لا تقولي شيئاً". جلست على إحدى الكنبات من الجلد الصناعي نفسها، أمام تلك المرأة التي كدتُ أن أسقط عليها. بعد دقائق، تصبّب ظهري ورجلاي عرقاً. كانت جواربي النايلونية الطويلة قد التصقت برجلي. بدأت أتململ في مكاني، فأصدر الجلدُ الصناعي صريراً. نظر زوجي إليّ. قلتُ: "أنا أكره جوارب النايلون". قال: "اهدئي حبيبتي".
جلست صامتة، وفكّرت لماذا عليّ أن أرتدي جوارب النايلون وأنا أكرهها، كما عليّ أن لا أقول إنني أكره ارتداءها.
جاء دورنا. أخذ زوجي من ذراعي، وساعدني على النهوض. دخلنا غرفة الطبيب. ضغط زوجي على ذراعي، فأصاب ذراعي بالألم.
كان الطبيب النفساني جالساً وراء مكتب. كان نحيفاً، لحيته تشبه لحية الماعز، وقد ارتدى نظارة طبية دائرية. سألني: "كيف حالك؟". قلت: "أنا بخير، لكن ذراعي توجعني". سأل: "منذ متى بدأت ذراعك تؤلمك؟". قلت: "منذ ثلاثين ثانية". سعل. ثمّ قال وهو يعدّل نظارته: "ما السبب برأيك؟". قلت: "أظنّ أن ذراعي تؤلمني لأنّ زوجي يضغط عليها". فانسحب زوجي مذعوراً. قلت: "الآن، لا تؤلمني ذراعي".
كان الطبيب النفساني يكتب أشياء على ورقة. شعرت بأنّه يضحك. لم تكن الضحكة تعلو وجهه، لكنني شعرت بأنّه يضحك. أردت أن أقول: "أعرف أنك تضحك الآن". لكنني قلت لنفسي: "اهدئي حبيبتي". مددتُ عنقي لكي أرى ماذا يكتب على الورقة، فقلّبها، لكنني رأيت أنه قد رسم عليها أقنعة ضاحكة. أردت أن أقول له: "لا تزعل. فما العيب في ذلك؟ أنا أيضاً أرسم أقنعة ضاحكة على كلّ ما في متناول يدي".
سألني الطبيب النفساني: "ما الأشياء التي تحبينها؟". قلت: "الرسوم المتحركة لوالت ديزني، والعنب من دون بذور". ثم قال: "ما الأشياء التي تكرهينها؟". قلت: "جوارب النايلون وأن يضغط أحد دائماً على ذراعي".
وكتب الطبيب النفساني أشياء على ورقة. وشعرت بأنه يتعمّد ويدفع الورقة إليّ، هذه المرّة، لأرى أنّه لا يرسم ثانية أقنعة ضاحكة. قال: "تناولي من هذه الحبوب ثلاث حبات يومياً. صباحاً. وظهراً ومساءً. وستتحسّن حالتك". قلت: "تقصد أنّها تجعلني أكره الرسوم المتحركة لوالت ديزني؟".
نظر إلي. نظر إلي. نظر إلي. قال: "لا. يمنعك من أن ترسمي أقنعة ضاحكة." انفجرتُ ضاحكة. وضحك الطبيب النفساني أيضاً. كان زوجي ينظر إلينا بذهول.
لا أعرف بالتحديد كم يوم مضى على يوم بدأت فيه أتفرّج مع الطبيب النفساني على الرسوم المتحركة لوالت ديزني، في قصر شاسع مرتّب خال من الغبار. طبيبي النفساني لا يعيش إلا بالعنب من دون بذور. أنا لا أسرّح شعري أبداً، وصارت لحيته طويلة جدّاً. رميت جواربي النايلونية كلها، وهو لن يطلب مني أن أعدّ له أزواج جواربه، فيرتدي فردتين مختلفتين من جواربه، ويرسم على ما يقع تحت يده قناعاً ضاحكاً، ويحكي لي قصّة تلك المرأة الجالسة في غرفة الانتظار، وهي تحدّق في أزهار القرنفل الثلاث في مزهرية زجاجية.
(الترجمة عن الفارسية سمية آقاجاني ويدالله ملايري)