ودّعت إيران، نهايةَ الشهر الماضي، المخرج فرج الله سلحشور (1952 - 2016)، وتعدّدت في الأيام الأخيرة الفعاليات المتعلّقة بتكريمه من قبل المؤسّسات السينمائية والتلفزيونية، في ما يشبه الاعتراف باللمسة التي أضافها إلى الفنون الأدائية في إيران؛ حيث تُعتَبر أعماله نقطة انعطاف نحو العالمية، خصوصاً مسلسلاته التلفزيونية التي ركّزت على قصص الأنبياء والسير الدينية.
سلحشور، من مواليد مدينة قزوين، بدأ مشواره الفني ممثّلاً في فيلم "توبة نصوح" لمحسن مخملباف، لتبدأ مسيرته الفنية في الإخراج بعد ذلك، حيث ركّز على المسلسلات الدينية أكثر من غيرها، فأخرج مسلسل "النبي أيوب" (1993)، وهو من كتب السيناريو أيضاً، ثمّ أخرج مسلسل "أصحاب الكهف" (1997).
لكن يظل مسلسل "يوسف الصدّيق"، الذي كتبه وأخرجه وأنتجه في 2008، أبرز عمل يذكره الناس به، ليس في إيران وحدها، بل في العالم العربي، وفي دول أخرى غير عربية، حيث عُرض المسلسل في أكثر من ثمانين بلداً، من بينها الولايات المتّحدة الأميركية وبريطانيا.
قبل تدهور حالته الصحية مؤخّراً، كان سلحشور يحضّر لمسلسل جديد، عن حياة النبي موسى. التحضير لهذا العمل بدأ منذ سنوات، وقال في وقت سابق، إنه عمل سيكون أضخم من "يوسف الصدّيق" حيث "يحمل المسلسل بين طياته رسائل قوية لمن يحرّفون سيرة هذا النبي".
عموماً، تميّزت أعمال سلحشور بجرأتها في طرح الروايات التاريخية؛ حيث لم يتحاش، مثل كثيرين، الاختلافات بين مذهب وآخر، أو حتى بين دين وآخر، محاولاً الاعتماد على روايات تاريخية منضبطة.
كان من أبرز نقاط جرأة المخرج الإيراني أنه قرّر تصوير وجوه الأنبياء في المسلسلات التلفزيونية، وهو أمر انتقده عليه علماء دين في وقت سابق، لكن آخرين اعتبروا أن هذا التجسيد يساعد على إيصال الرسالة بشكلها المطلوب، من خلال التأثير المباشر على المشاهدين والجمهور.
في لقاءات له مع الصحافة الإيرانية، ذكر سلحشور أنه يركّز في حياته المهنية على القصص الدينية بسبب رغبته في دحض بعض الروايات، لا سيما تلك الغربية، التي تحرّف قصص الأنبياء، وتبتعد بها عن روايات الدين الإسلامي، وهو ما كان ينوي فعله بشكل واضح في مسلسل النبي موسى.
غير أن سلحشور كان يُعرف أيضاً بأنه شخصية محافظة. ومن هذا المنطلق، كان يوجّه انتقاداته إلى السينما الإيرانية نفسها، والتي تركّز في جوانب عديدة منها على قصص اجتماعية، وقد قال في وقت سابق إنه لا يرى في الأفلام الإيرانية "غيرة على الإسلام".
سياسياً، كان سلحشور معروفاً أيضاً بتوجّهاته المحافظة، فقد كان داعماً للرئيس السابق محمود أحمدي نجاد. نجاح مسلسلاته الدينية وشعبيتها الساحقة جعلا صاحب مسلسل "يوسف الصديق" مقرّباً من الأوساط السياسية الحاكمة، حتى إن علي خامنئي كرّمه بعد نجاح مسلسله.. وقد نعاه أيضاً.