فراس وعدي يعتاشان من القمامة

04 اغسطس 2016
كان يدرك أنه لن يجد عملاً (العربي الجديد)
+ الخط -
قبل ثمانية أشهر، لجأ إلى تركيا بعدما دمر منزله في سورية. فراس وابنه عدي يبحثان عما يمكن بيعه في القمامة للعيش

مع طلوع الفجر، يخرج فراس (25 عاماً)، وطفله عدي (7 سنوات)، إلى شوارع مدينة إزمير في تركيا، ويبحثان عمّا يمكن بيعه من مواد بلاستيكية أو كرتون أو زجاج من حاويات القمامة. فراس، الذي فقد أحد ذراعيه وأصابع من يده الأخرى في حادث تعرض له حين كان صغيراً، يجر عربته خلفه بصعوبة. مع ذلك، يمشي ما لا يقل عن عشرة كيلومترات يومياً، يرافقه عدي، الذي يقفز إلى داخل حاوية القمامة ويلتقط العبوات الزجاجية من قاعها، والتي لا يستطيع والده الوصول إليها. يقول عدي، الذي يهرب من مدرسته لمساعدة والده: "أريد أن أساعد أبي، لأن يده مقطوعة".

عند الظهيرة، تزداد حمولة العربة ويصبح جرّها أصعب، علماً أن وزنها قد يصل إلى نحو مائة كيلوغرام. لكن ما باليد حيلة. يجني فراس من بيعها نحو خمسة أو ستة دولارات يومياً. إلا أنه في كثير من الأحيان، لا يحصل على ما يكفي لإطعام عائلته. الحرب دمرت منزله في سورية. هو الذي كان يفضل البقاء في بلاده على الرغم من الخطر والخوف وتأثير القذائف على عائلته، وجد نفسه يلجأ إلى الأراضي التركية. حدث ذلك قبل ثمانية أشهر. كان يدرك أن الأمر لن يكون سهلاً، ولن يجد عملاً بسبب وضعه، وهذا ما حصل. وإذا ما سأله أحد عن مستقبله، يقول إن "هذا الواقع هو مستقبلي. أضطر إلى القيام بهذا العمل الشاق حتى أتمكن من إطعام أطفالي".

قبل غروب الشمس، يعود فراس وولده إلى المنزل. تنتظره زوجته أمينة وأطفاله الصغار. حاله حال الكثير غيره من اللاجئين، يدفع معظم ما يجنيه بدلاً لإيجار المنزل الذي يقطنه، وبالكاد يستطيع توفير الطعام للعائلة. وبعكس ساعات النهار، تظهر ابتسامة على وجهه حين يعود إلى المنزل ويلعب مع أطفاله. تقول أمينة إن "جميع الآباء يأملون تأمين تعليم أفضل لأطفالهم"، مضيفة أنها درست حتى الصف السادس. وخلال ساعات النهار، تتلو عليهم بعض الآيات القرآنية وتساعدهم على حفظها. كذلك، تعلمهم العد، "هذا ما يمكنني فعله لأنني لا أعرف الكثير".

وكانت المفوضيّة السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والتي نشرت قصته، قد أعلنت أنها ستساعده على تأمين بعض الملابس والأغطية وغيرها من المستلزمات، بهدف تخفيف الأعباء الاقتصادية عنه. وحين عرف الأمر، أبدى امتنانه، وقد شعر بالخجل. يقول: "لو لم أفقد يدي، لعملت بجد أكثر وكسبت المال، ولما كنت قبلت المساعدة من أحد".

المساهمون