وتستهدف الفتيات في مشروعهن، الذي افتتحنه أخيراً، وسط مدينة غزة، النساء العاملات غير القادرات على تجهيز المأكولات البيتية، وذلك عبر تلبية أي طلب عبر الهاتف أو مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تمّ عرض قوائم بأصناف المأكولات المتاحة.
وتحاول القائمات على المشروع تحدي الواقع المأزوم في قطاع غزة، نتيجة الحصار الإسرائيلي المتواصل منذ أربعة عشر عاماً، وما نجم عنه من ظروف اقتصادية صعبة أثّرت على مختلف النواحي الحياتية، علاوة على تضاعف نسب الفقر والبطالة.
وعلى الرغم من صعوبة دخول النساء إلى سوق العمل في قطاع غزة، بفعل الأوضاع العامة واعتمادهن على المشاريع البيتية ذات الكلفة الصغيرة، والبيع عن طريق الإنترنت، إلّا أنّ فتيات "بيتنا" حاولن إنشاء مشروعهن لإيجاد دخل يومي ثابت يمكنهنّ من التغلب على الأزمة الاقتصادية.
وتتنوّع الأصناف المقدّمة للزبائن، وتشمل مأكولات ذات شعبية عالية لدى الفلسطينيين، منها: الملوخية، البامية، البازيلاء، الششبرك، السماقية، المغشي، المحاشي بالأرز واللحم المفروم، الدجاج والزغاليل المحشية، المسخّن، المعكرونة، وغيرها من أصناف الأرز والمشاوي والشوربات والسلطات والمقبلات.
وتقول عضو نادي الطهاة، الشيف سجى أبو شعبان، إنّ فكرة المشروع النسائي الخاص بالمأكولات المنزلية جاءت تلبية لافتقار السوق الفلسطينية للأكل المنزلي، إذ تعجّ المطاعم المنتشرة بالمأكولات الغربية والشرقية التقليدية.
وتوضح أبو شعبان لـ"العربي الجديد"، أنّه يغلب الطبخ على المأكولات التي يقدمنها، والأرز، والمأكولات التي يتطّلب تحضيرها وقتا وجهدا كبيرين. وأضافت: "نساعد بعض النساء اللواتي لا يملكن الوقت الكافي لصناعة الأكل البيتي، إذ نوفر لهن الكميات بحسب الرغبة، سواء كانت صحنا صغيرا أو حتى وجبة عائلية متكاملة".
وأطلقت النساء مشروعهن في الأيام العشرة الأخيرة من شهر رمضان الماضي، بحسب أبو شعبان، التي قالت إنها تجد ميزة كبيرة في العمل مع فريق نسائي يختص بالطعام. وأضافت: "لدى النساء نَفَس أطيب في صنع المأكولات، وعلى وجه التحديد المأكولات الشرقية والمنزلية"، وتطرّقت إلى تأثير الأوضاع الاقتصادية السيئة على إقبال الناس، حيث أنهنّ يحاولن التغلّب على ذلك بتقديم الأفضل، وفق قولها.
أما زميلتها صابرين السيلاوي، (38 عاماً)، الشغوفة بعالم الطبخ، فتقول إنها عملت في مجال تسويق الطعام عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أنّ عدم توفّر رأس مال لديها، دفعها للمشاركة مع فتيات جمعهن حب الطبخ، ضمن مشروع نسائي يقدم مأكولات لا تشملها قوائم المطاعم.
وأوضحت السيلاوي أنها تعيل أسرة مكوّنة من سبعة أفراد، وأضافت: "لم يتمكن ابني الكبير من دخول الجامعة بفعل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، ما دفعني إلى التفكير جدياً في استغلال قدرتي على الطبخ وتطويعها لخلق فرصة عمل لي"، وتقول إنّ الفتيات يقدمن المأكولات وفق أعلى جودة.
وسُمي المشروع بـ"بيتنا"، وفق المُحاسِبة دنيا الترك، للدلالة على ما يتم تقديمه داخل المطبخ، وقالت لـ"العربي الجديد"، إنهنّ تحاولن تقديم الطعام للزبائن وفق نظام المطبخ المفتوح، الذي يتم فيه تحضير الطعام وتجهيزه بشكل نظيف وعلني.
وتضيف الترك، التي درست تخصصي إدارة الأعمال والهندسة، أنّ مهمتها تقتصر على الرد على اتصالات الزبائن واستلام الطلبات والتنسيق مع الشيف، موضحة أنها وصديقاتها يعملن بروح الفريق متكامل الأدوار.
وتحاول فئة الشباب في قطاع غزة التركيز على المشاريع الجَماعية للتغلب على تزايد نسب الفقر والبطالة نتيجة الظروف العامة، التي أدت إلى وصول نسبة الفقر إلى 80 في المائة والبطالة إلى 56 في المائة في القطاع. وقد بلغت نسبة البطالة في صفوف الشباب نحو 68 بالمائة.