مع بدء المرحلة الثانية من العودة التدريجية للحياة الطبيعية واستئناف الأنشطة الاقتصادية ضمن المرحلة الثانية في الكويت، غداً الثلاثاء، وبالتزامن مع ارتفاع أسعار برميل النفط الذي يدور حول 40 دولاراً، سادت حالة من الارتياح لدى الحكومة مع زيادة الإيرادات المرتقبة، ما سينقذها من أزمات مالية متعدّدة، أهمها نفاد سيولة الاحتياطي العام ومشكلة سداد الرواتب.
وكان رئيس الوزراء الكويتي، الشيخ صباح الخالد الصباح، قد حذر مطلع الشهر الجاري من احتمال مواجهة أزمة في دفع رواتب العاملين في الدولة. وحسب مراقبين، سيؤدي تحسن الإيرادات إلى تمكن الحكومة من توفير فرق العجز في الميزانية الذي كان من المتوقع بلوغه 55 مليار دولار مع تهاوي أسعار النفط في فترات سابقة، إذ بعد ارتفاع الأسعار سيتراجع العجز بنحو 20 مليار دولار، ليصل إلى 35 ملياراً فقط.
وقال مصدر حكومي لـ"العربي الجديد" إن مجلس الوزراء سيراجع خطط تمويل عجز الميزانية بعد زيادة الإيرادات النفطية مع ارتفاع أسعار الخام واستئناف الأنشطة الاقتصادية المرتقب غداً، ضمن المرحلة الثانية لعودة الحياة الطبيعية، فضلاً عن تكليف الوزارات والهيئات الحكومية تخفيض ميزانيتها للسنة المالية الجارية.
وأضاف المصدر، الذي رفض الكشف عن اسمه، أن الحكومة ستمضي في خطط إصلاح الاقتصاد خلال الفترة المقبلة من خلال سلسلة إجراءات تجري دراستها مثل فرض ضريبة القيمة المضافة وإعادة النظر في الدعم وتقليص الامتيازات وزيادة الرسوم على الوافدين والتحويلات للخارج.
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي الكويتي، حجاج بوخضور، إن ارتفاع أسعار النفط سيكون له تأثير إيجابي خلال الفترة المقبلة، إلا أن هذا لا يعني أن تتخلى الحكومة عن خطط الإصلاح والمضي في التوافق مع مجلس الأمة الكويتي (البرلمان) من أجل معالجة الأزمة الاقتصادية من خلال إجراءات حازمة.
وأكد بوخضور لـ"العربي الجديد" أن أزمة تفشي فيروس كورونا كشفت عن مشاكل اقتصاد بلاده، وأكدت الحاجة الماسة للإصلاح، لافتاً إلى أنه "في ظل عدم توفير لقاحات أو دواء للفيروس، لن نشهد الاستقرار الاقتصادي المأمول، حيث من الممكن إعادة فرض الإجراءات الاحترازية مجدداً ووقف الأنشطة وتعليق حركة الطيران حول العالم، وبالتالي انهيار أسعار النفط مجدداً".
وكانت دراسة حكومية حديثة قد كشفت عن مقترح بـ"تمويل مختلط لعجز الموازنة"، وهو يقوم على تمويل جزء من العجز من الاحتياطي العام للدولة، وتمويل الجزء الثاني من العجز من طريق الاقتراض الخارجي، مستنداً إلى قوة المركز المالي للكويت، وبالتالي سهولة الحصول على تمويل، في ظل الفائدة المنخفضة، حيث ستكون تكلفة تمويل العجز متدنية.
وحسب ما أعلنته وزارة المالية، إن العجز المقدر في موازنة 2020/ 2021 عند سعر 55 دولاراً للبرميل سيبلغ نحو 29 مليار دولار، إلا أن حجم العجز سيرتفع، إذ فقدت الكويت إيرادات نفطية مع نزول الأسعار، بالإضافة إلى ارتفاع سقف المصروفات بسبب إجراءات مواجهة تفشي فيروس كورونا.
ومع اقتراب سعر برميل النفط من حاجز 40 دولاراً، وزيادة الإيرادات المالية للدولة، سيتراجع عجز الميزانية المتوقع من 55 مليار دولار إلى 35 مليار دولار، ما يعني أن الحكومة الكويتية ستستطيع توفير نحو 20 مليار دولار خلال السنة المالية 2020/ 2021، وحلّ الأزمات المالية التي تفاقمت خلال الأشهر السابقة.
وقال الباحث الاقتصادي الكويتي، عادل الفهيد، لـ"العربي الجديد" إن زيادة أسعار النفط وتوفير ما يقارب من 20 مليار دولار، سيساعدان الحكومة على تجاوز الأزمة المالية الناجمة عن تفشي فيروس كورونا، مثل أزمة السيولة وسداد رواتب العاملين، فضلاً عن الاستمرار في الإنفاق لمواجهة تفشي الفيروس.
وأضاف الفهيد أن هناك عدة أسباب وراء ارتفاع أسعار النفط في الوقت الراهن، أبرزها اتفاق "أوبك بلس" بشأن خفض الإنتاج واستئناف الأنشطة الاقتصادية في العديد من دول العالم، فضلاً عن استئناف حركة الطيران والنقل والاستيراد والتصدير، داعياً الحكومة إلى معالجة الاختلال الاقتصادي في الكويت بسبب الاعتماد على النفط، حيث تساهم الإيرادات النفطية بأكثر من 90% من الناتج المحلي.
ورداً على سؤال برلماني من النائب في مجلس الأمة الكويتي، علي الدقباسي، بشأن عجز الميزانية ومعالجة الأوضاع الاقتصادية، أكدت وزارة المالية الكويتية، أول من أمس، حرصها على إلزام الجهات الحكومية بترشيد الإنفاق وخفض ميزانية الوزارات والهيئات بنسبة لا تقلّ عن 20%، وتحديد أوجه الصرف التي يمكنها الاستغناء عنها وترتيب أولويات المشاريع الإنشائية وفقاً لأهميتها والمردود الاقتصادي.
وكانت وكالة ستاندرد أند بورز العالمية قد خفضت في مايو/ أيار الماضي التصنيف الائتماني السيادي للكويت بمقدار درجة واحدة، على خلفية انهيار أسعار النفط، ما أدى إلى الضغط على المركز المالي للدولة.