فاصلة صغيرة

10 فبراير 2015
فنسنت عبادي حافظ/ تونس
+ الخط -

واحدة من "الطامات" الكبرى التي تكبّل الأدب العربي هي ندرة الكُتّاب المحترفين. فالغالبية الكبرى من الكتّاب العرب يلجون معترك الكتابة من باب الهواية ويبقون على عتبته عقوداً كاملة. وتبقى ممارستهم للكتابة نوعاً من الترف الهاوي يؤثر بشكل كبير على قيمة إنتاجهم الأدبي رواية وشعراً ومسرحاً ودراسات.

وإذا كان السبب الأول وراء ندرة الكتّاب المحترفين اقتصادياً في الأساس، لكون صناعة الكتاب والنشر في العالم العربي لا ترقى إلى مستوى يتيح للكاتب أن يتفرّغ كلياً للكتابة ويضمن عيشاً كريماً من خلالها، فهناك أسباب أخرى لا تقل أهمية تكمن وراء تفشي الهواية وندرة الاحتراف. ونقصد بذلك غياب مفهوم الصنعة وضعف حاسة القراءة وغياب التوثيق.

المكتبات العربية تطفح مثلاً بمئات الكتب المصنفة كروايات من طرف الناشر والكاتب، في حين أنها تفتقد إلى حد أدنى من مقومات العمل الروائي. أما الشعر فحدّثْ ولا حرج. وحتى الدراسات النقدية فغالبيتها تمارين مدرسية، وفي أحسن الأحوال أطروحات جامعية تفتقد للإبداع والحس النقدي.

الكتابة ليست تمارين لحشو الفراغ ولا نيشاناً للتباهي، وهي أكبر من نزوة نرجسية عابرة أو مزمنة. إنها مهنة حقيقية لا تقل جهداً وتعباً عن المهن الأخرى. إنها المهنة التي تُغرق الكاتب في حيرة أياماً طويلة قبل أن يجد الموضع المناسب لفاصلة صغيرة.

المساهمون