فاس تولّد الكهرباء من نفايات المنازل

06 يوليو 2015
يحاول المغرب الاستفادة من النفايات المنزلية في توليد الطاقة(Getty)
+ الخط -
دشنت مدينة فاس (وسط المغرب)، أخيراً، أول مشروع لإنتاج الطاقة الكهربائية من النفايات المنزلية. وتعتمد التقنية على استعمال الغاز الناتج من مخلّفات المنازل، وتحويله إلى طاقة، وذلك بقصد توفير الإضاءة للبيوت وشوارع المدينة. ووصلت القيمة الاستثمارية للمشروع إلى قرابة 10 ملايين يورو.

وشرعت المحطة فعلياً في إنتاج ما يعادل 30% من حاجات مدينة فاس للكهرباء، والتي يقطنها حوالي مليون نسمة، مستغلة بذلك حوالي 900 طن من النفايات التي تنتجها مدينة فاس يومياً. وعرف المشروع مساهمة كل من القطاعين العام والخاص.


وتدخل هذه الاستراتيجية في إطار رؤية المملكة المغربية لمستقبل الطاقة في المغرب، وكذا معالجة النفايات المنزلية الصلبة والنفايات الصناعية، حيث أطلق المغرب بالنسبة للشق الأول مجموعة من المشاريع، أضخمها مشروع "نور" لإنتاج الطاقة الشمسية، والذي سوف يغطي حاجات كبيرة للمغرب من الطاقة الكهربائية. أما الشق الثاني، فبدأت انطلاقته الكبرى بمدينة الدار البيضاء (العاصمة الاقتصادية)، والتي احتضنت معملاً ضخماً لإعادة تكرير المخلفات المنزلية وتصنيعها.

استراتيجية الطاقة المتجدّدة
وقال وزير الطاقة والمعادن السابق، فؤاد الديوري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن مشروع فاس لإنتاج الطاقة الكهربائية من نفايات المنازل، يدخل في إطار استراتيجية "دمقرطة الوصول إلى مصادر الطاقة المتجددة".

وأضاف أن المغرب اختار منذ سنة 2009 وضع قطار الطاقة البديلة على سكة التطوير والتوسيع، أولاً عبر مشاريع ضخمة لإنتاج الطاقة الهوائية والشمسية، رغم الكلفة المرتفعة لهذه الأخيرة مقارنة بالأولى. وثانياً، عبر تشجيع مشاريع صغرى ومتوسطة، مثل مشروع فاس، ومشروع ثان سوف تعرفه مدينة وجدة (شرق المغرب) قريباً، للإفادة من النفايات لتوليد الطاقة وإعادة التدوير.

وأشار الوزير السابق إلى أن هذا النوع من المشاريع، يمكن أن يتجاوز مستوى الاستغلال، بحيث يمكن للبلديات التي تحتضن هذا النوع من المشاريع، بيع فائض الطاقة للمكتب الوطني للماء والكهرباء، وذلك بأسعار تفضيلية، وبدوره يقوم المكتب بتأمين الطاقة للمناطق البعيدة عن مراكز المدن.

وقالت الخبيرة لدى مجموعة من الشركات الطاقوية، سارة بورجي، إن المغرب بدأ فعلياً في تطبيق مخططاته لإنتاج الطاقة البديلة، وذلك عبر استغلال مؤهلاته الطبيعية، وعلى رأسها الطاقة الشمسية والهوائية.


وأضافت المتحدثة ذاتها، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن التفكير في إنتاج الطاقة داخل المدن من مخلفات المنازل، حل سيخدمها على مختلف الأصعدة. فمن جهة سوف يوفر الطاقة الكهربائية بأقل كلفة ممكنة، ومن جهة أخرى سوف يساهم المشروع الذي دشن في فاس أخيراً، في التقليل من المخاطر البيئية الناتجة عن عدم معالجة النفايات.

مشاريع مستقبلية
وأوضحت سارة بورجي، التي تشغل كذلك منصب وزيرة الطاقة والمعادن والماء والبيئة في حكومة الشباب المغربية الموازية، أن المغرب اقتنع منذ مدة باستحالة الاستمرار في الاعتماد على مصادر الطاقة الأحفورية (الغاز والنفط)، ولأجل ذلك دشن مشروعه الضخم "نور" لإنتاج الطاقة الشمسية، والذي من المرتقب أن يصدّر ما ينتجه مستقبلاً نحو دول أخرى، وبدأ كذلك في البحث داخل المدن عن سبل استغلال النفايات الصلبة من أجل إنتاج الطاقة.

من جهته، اعتبر رئيس الجمعية الوطنية لآفاق البيئة والتنمية، عبد الحليم فنيني، أن مشاريع استغلال النفايات الصلبة في المغرب من أجل إنتاج الطاقات المتجددة تنحصر في مبادرات قليلة جداً. وأضاف المصدر ذاته، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن النفايات الصلبة يمكن الاستفادة منها، كما تقوم الدول المتقدمة باستخراج غاز "الميثانول" ومواد الصناعة التقليدية، وكذا استخلاص "الأتربة البيولوجية" من النفايات النباتية، والتي يمكن أن تستعمل في تخصيب التربة دون الحاجة للأسمدة الكيماوية.


عوائق استثمارية
وأوضح عبد الحليم فنيني، أن المشكل الأول في المغرب من حيث ضعف استغلال النفايات الصلبة، يكمن في غياب مواد تلزم شركات التدبير المفوضة التي أمسكت بالقطاع في المغرب، بالاستثمار في معالجة وتدوير النفايات الصلبة، مقابل الأرباح التي تجنيها. والمشكل الثاني، من وجهة نظره، يتمثل في عدم مراعاة الشروط الصحية خلال عملية تجميع النفايات، إذ إن أي مشروع مماثل لما شيّد في فاس، سوف يعاني القيمون عليه من اختلاط النفايات المنزلية بالطبية والصناعية كذلك، ما سيرفع من كلفة عملية فرز النفايات قبل استغلالها.

وكشف فنيني أن سنة 2000 عرفت قيام "الوكالة اليابانية للتنمية" بدارسة معمّقة في مدينة آسفي الساحلية، لاستغلال النفايات المنزلية، لكن لم يكتمل المشروع.
المساهمون