هكذا تفاعل المعنيون بالتعديل الذي أجراه رئيس الوزراء الأردني، هاني الملقي، على حكومته مطلع الأسبوع، وطاول تسعة وزراء، دون أن يعرف لماذا غادر المبعدون، ولماذا دخل الوزراء الجدد؟ وهو تفاعل تضرب جذوره في عمق الثقافة الأردنية.
السياق العام يوحي أن لدى رئيس الوزراء طموحاً لدخول موسوعة غينيس في عدد التعديلات الحكومية، فالتعديل الذي أجراه هو الرابع على حكومته الثانية التي شكلها في 28 سبتمبر/أيلول 2016، والسادس منذ توليه رئاسة الحكومة في 29 مايو/أيار 2016.
المؤكد، أن غالبية الإنجازات المسجلة في موسوعة غينيس، ليست ذات قيمة أو منفعة عامة، ومن ذلك صاحب أطول أظافر، وصاحبة أكبر عدد من الأوشام على جسدها، وليس بعيداً عن ذلك سيكون صاحب أكبر عدد من التعديلات الحكومية، إذا لم يتلمس الأردنيون أثر التعديل على واقع عيشهم.
جاء التعديل متزامناً مع ارتفاع وتيرة المطالبات الشعبية برحيل الملقي، واحتجاجات مستمرة وتتوسع على السياسات الاقتصادية التي تنتهجها حكومته تنفيذاً لتوصيات صندوق النقد الدولي، والتي أفضت إلى رفع أسعار السلع والخدمات.
الواقع المعقد يفرض قراءة التعديل في سياق التقاط الرسالة المثبتة على صاعق قنبلة معرضة للانفجار.
حضرت خارطة الاحتجاجات في التعديل الحكومي، لكن ليس لصالح تلمس حاجات المواطنين أو الوقوف على عدالة مطالب المحتجين، وليس بغية فتح حوار وطني للبحث عن أفضل السبل للخروج من الأزمة الاقتصادية التي تعلق عليها الحكومة كما سابقاتها السياط لجلد المواطنين.
التعديل انسجم وعقلية الاسترضاءات التي تحكم لعبة المناصب، فنظر بعين الاسترضاء إلى المناطق التي تقود الحراك الاحتجاجي، وأشاح النظر عن تلك الهادئة.
إنها استراتيجية الفشل، فالمحتجون لم يوقفهم دخول وزراء من مناطقهم في التعديل الحكومي عن مواصلة الاحتجاج، والهادئون في مناطقهم يحتجون على استثنائهم من التعديل الذي بات يحتاج تعديلا ملحاً.