وتأمل السلطة أن يساهم فوز القائمة العربية بعددٍ وافر من المقاعد في الكنيست الجديد، من أجل إحداث تغيير ما في الخارطة السياسية الإسرائيلية، لصالح الأحزاب الأكثر اعتدالاً وقبولاً بتسوية مع الفلسطينيين. غير أن المعضلة تكمن في موقف السلطة من مشاركة حملة الجنسية من المقدسيين، الذي يبدو أكثر ضبابية وغموضاً، بالنظر إلى أن الموقف الوطني والشعبي وحتى الديني، يناوئ المجنسين إسرائيلياً من المقدسيين، واعتبار الحصول على الجنسية "حرام شرعاً".
وفي هذا الإطار، جدد رئيس "الهيئة الإسلامية العليا"، وصاحب الفتوى الشهيرة بتحريم الحصول على الجنسية قبل سنوات عدة، الشيخ عكرمة صبري فتواه بهذا الخصوص، وأكد في حديث لـ"العربي الجديد"، على "وجوب مقاطعة الانتخابات الإسرائيلية المقبلة، كما كان عليه الحال في انتخابات المجالس المحلية، التي يُشكّل المقدسيون فيها الغالبية الساحقة، ولم يتعدّ عدد المشاركين فيها آنذاك الأربعة آلاف ناخباً".
وتوقّع الإعلامي والمحلل السياسي راسم عبيدات، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "تكون نسبة المشاركين من حملة الجنسية من المقدسيين في الانتخابات، أقلّ من ذلك بكثير، بالنظر إلى ما شهدته القدس على مدى العام المنصرم وفي الربع الأول من هذا العام، من تصعيد خطير وغير مسبوق في إجراءات الاحتلال القمعية، بدءاً من استشهاد الفتى محمد أبو خضير حتى الآن".
واعتبر أن "هذه الاجراءات فاقمت من حال الغضب الشعبي في صفوف المواطنين، حتى في صفوف من حمل الجنسية الاسرائيلية لاعتبارات اقتصادية، وجلّهم من التجار، أو من تجنّسوا للحفاظ على حقهم في الإقامة بالقدس".
اقرأ أيضاً: تهجير المقدسيين.. الهوية ممنوعة بعد الرابعة عشرة
مع ذلك، أشار عبيدات إلى أن "الأمر الجوهري في الموقف من الانتخابات من ناحية المقدسيين، هو انقسام الشارع الفلسطيني السياسي حيال تأييد القائمة العربية المشتركة". وذكر أن "البعض متحفّظ في دعم القائمة، بالنظر إلى التجربة النيابية لجميع الأحزاب والحركات العربية في الداخل الفلسطيني، معتبراً بأن مشاركتها الانتخابية لن تُقدّم أو تؤخر كثيراً في مواقف الأحزاب الإسرائيلية، اليسارية أو اليمينية التي تتجاهل الأحزاب العربية في ائتلافاتها البرلمانية". ولفت إلى أن "فصائل فلسطينية عدة تعكس هذا الموقف، ولا تخفي دعمها لائتلاف الوحدة بين الأحزاب والحركات الفلسطينية في الداخل، في حين تبدي السلطة الفلسطينية دعماً غير محدود للقائمة العربية".
في السياق، كشفت مصادر فلسطينية لـ"العربي الجديد"، أن "مسؤولين في السلطة، ومن بينهم مستشارون للرئيس محمود عباس، زاروا مدينة الناصرة أخيراً، للإسهام في الدفع بائتلاف الوحدة، وصولاً إلى تشكيل القائمة العربية المشتركة".
بدوره، أبدى عضو المجلس الثوري لحركة "فتح"، حاتم عبد القادر، رفضه لـ"مشاركة حملة الجنسية من المقدسيين في الانتخابات"، مؤكداً أن "لا انتخابات في القدس التي اعترف فيها العالم بأنها مدينة محتلة وجزء من الأراضي الفلسطينية التي احتُلّت في العام 1967". وتوقّع عبد القادر عدم مشاركة المقدسيين في الانتخابات، و"قد لا يتجاوز عدد المصوّتين منهم بضع عشرات، من أجل مصالحهم الخاصة".
يذكر أن القائمة العربية المشتركة وزّعت بيانات وإعلانات انتخابية، أمس الإثنين، في القدس، تحثّ أصحاب حق الاقتراع على المشاركة الواسعة في هذه الانتخابات. وعلى الرغم أن هذه البيانات لم تتوجه إلى فئات بعينها من سكان المدينة، إلا أن المقدسيين ظلوا حتى الآن بمنأى عنها، في وقت تستعد عشرات العائلات من مواطني الداخل الفلسطيني للتوجه إلى مدنهم وبلداتهم داخل فلسطين المحتلة، للإدلاء بأصواتهم كل في منطقته، وجل هؤلاء من المؤطرين سياسياً، وينتمون لأحزاب وحركات القائمة العربية المشتركة.
اقرأ أيضاً: "القوائم السوداء"... وسيلة الاحتلال الجديدة لقمع المقدسيين