فقد غلستان إحدى يديه في الحرب في أفغانستان. وقبل 35 عاماً، قرّر الهجرة إلى باكستان. خلال الأيام الأولى، عانى كثيراً. تنقّل من مخيّم إلى آخر، بحثاً عن الرزق، إلى أن استقرّ، خلال السنوات الأخيرة، في مدينة راولبندي المجاورة للعاصمة الباكستانية إسلام آباد، ليعيش في بيت من الطين.
يرعى غلستان، البالغ من العمر 68 عاماً، الأغنام. يشتريها وهي صغيرة، ويهتم بها لبعض الوقت قبل أن يبيعها. هكذا يمضي أيامه، ويقول إنّه لا يعمل بهدف الربح فقط، بل إن هذه هوايته، لافتاً إلى أنه يحب العيش مع الأغنام والخراف. يقول غلستان إن الحياة كانت صعبة في باكستان، خصوصاً في أيام الهجرة الأولى، وقد عمل في مهن كثيرة. "كنت أعمل في مصانع الطوب ونقل البضائع في أسواق بيشاور، بحثاً عن الرزق. عانيت كثيراً، لكنني لم أستسلم للظروف، رغم أنني فقدت إحدى يدي".
كان يعيش في مخيم كتشه كري في مدينة بيشاور، ويربح مالاً كثيراً. كان قد فتح دكاناً صغيراً، واستطاع شراء منزل في المخيم لتستقر حياته، إلا أن السلطات الباكستانية دمرت المخيم لتدفن أحلامه. بعدها، انتقل إلى مخيم أزاخيل، الواقع بين مدينة بيشاور والعاصمة إسلام آباد. حاول بدء حياة جديدة هناك، لكنه لم يتمكن من ذلك. ثم عمل في مصنع للطوب كمحاسب لمدة ثلاث سنوات. ولمّا تعب وأرهقه الفقر، انتقل إلى مدينة راولبندي. بداية، كان يعيش في مخيم للنازحين، وعمل في سوق الخضار مع ولديه أسد الله وعصمت الله. وبعد إزالة السلطات الباكستانية المخيم، انتقل إلى أحد أحياء المدينة ليعيش هناك في بيت من الطين.
يقول غلستان: "رغم الصعوبات الكثيرة، إلا أنّنا نشعر بالرضى رغم هشاشة وضعنا. نعيش في بيت لا كهرباء فيه ولا مياه، لكننا راضون، ولا نريد بأية حال من الأحوال العودة إلى أفغانستان". قبل نحو عام، ألحّت عائلة غلستان عليه للعودة إلى أفغانستان، بعدما عاد معظم أقربائه. لكن بعد مقتل ابن أخيه الشاب في مدينة قندوز، من جراء المعارك بين طالبان والجيش الأفغاني، تغيرت الخطة.
المضايقات الأمنيّة هي التي دفعت العائلة إلى التفكير في العودة إلى أفغانستان. لكن بعد مقتل أحد أبناء أخي في الحرب، قررنا البقاء في باكستان. "لا نريد العودة رغم ما نواجهه من صعوبات ومضايقات. يعمل ولداه أسد الله وعصمت الله في سوق الخضار والفاكهة، ويكسبان يومياً ما يكفي لسد احتياجات الأسرة. ويساعدان والدهما في بيع وشراء الأغنام ورعايتها، خصوصاً خلال أيام عيد الأضحى، موسم الربح".
يحب الرجل بلاده، لكنه يخشى كثيراً على ابنيه وعلى مستقبلهما ومستقبل الأسرة. ويقول: "كلما تذكرت أيام طفولتي وشبابي في القرية، حزنت كثيراً، إذ أنني أفتقد تلك الأيام الجميلة. لكنني لا أستطيع العودة في الوقت الراهن، لأن الوضع مأساوي للغاية. أما في باكستان، فنحن فرحون رغم المشاكل الكثيرة".