وتفاعلت الحكومة الاتحادية في برلين مع هذا الموقف المتطور والمثير للاهتمام، وأدانت العقوبات الأميركية المقررة على الشركات، حيث وجه وزير الخارجية الألماني هايكو ماس انتقادات لاذعة للأميركيين.
وقال ماس إنّ "سياسة الطاقة الأوروبية تقرر في أوروبا وليس في الولايات المتحدة"، مضيفاً "نرفض بشكل أساسي التدخل الخارجي والعقوبات"، ومطالباً "مجلس الشيوخ الأميركي بعدم الاستجابة لذلك".
أما نائب رئيس البوندستاغ (البرلمان) المنتمي إلى الحزب الاشتراكي، فاعتبر العقوبات المرتقبة "غير مقبولة"، واصفا إياها حال فرضها بـأنّها "انتهاك للسيادة الألمانية والأوروبية وتضع عبئاً ثقيلاً على العلاقات الألمانية الأميركية".
وأكد المفوض الأوروبي للتجارة فيل هوغان "رفض بروكسل لفرض عقوبات على أي شركات أوروبية تقوم بصفقات تجارية شرعية".
بدروه، أبدى السياسي المنتمي لـ"الحزب المسيحي الديمقراطي" آندرياس لاميل، استياءه العارم من نية الولايات المتحدة فرض العقوبات.
ولفت لاميل، المتابع لملف الطاقة في تصريحات لشبكة "إم دي آر"، إلى أنّ الأمر الآن يعتمد على الطقس لسرعة الانتهاء من نقل آخر 300 كيلومتر من الخط في بحر البلطيق إلى لومبين عبر غرايفسفالد، وذلك قبل نهاية يناير/كانون الثاني المقبل، حيث ستصبح العقوبات على الشركات سارية المفعول.
وشدد لاميل على أنّه "على أوروبا أن تتحدث بصوت واحد حتى نتمكّن من حشد القوة لرفض هذا التدخل في التجارة الحرة".
ولم يتبق من خط أنابيب "نورد ستريم 2" سوى آخر خط نقل بطول 300 كيلومتر من أصل 2350 كيلومتراً، ويستغرق أمر تنفيذه من خمسة إلى ستة أسابيع فقط، أي أنّ المشروع في نهاياته.
إلى ذلك، قالت الخبيرة في مجال الطاقة كيرستن فستفال، في مقابلة مع شبكة "إيه آر دي" الإخبارية، إنّ "المشروع يحمل بعداً جيوسياسياً في ما يتعلق بالمخاوف الأمنية لكثير من دول أوروبا الشرقية، وبعدما أصبحت الولايات المتحدة نفسها منتجاً رئيسياً للغاز الطبيعي الذي تبحث في نهاية المطاف عن أسواق جديدة له".
ولفتت إلى أنه "من المفارقة أن هناك اتفاقاً أميركياً داخلياً على رفض الخط، وتوجد غالبية في الكونغرس مؤيدة لفرض عقوبات على الشركات العاملة فيه".
وفي حال تم فرض العقوبات، فإنّ ذلك يعني حظر دخول مديري الشركات والمساهمين الرئيسيين للأراضي الأميركية، وربما إلغاء تأشيراتهم الحالية، إضافة إلى حظر المعاملات المتعلقة بممتلكاتهم أو مصالحهم التجارية في الولايات المتحدة، وفق ما ذكرت صحيفة "تاغس شبيغل" الألمانية.
وتهدف العقوبات الأميركية المرتقبة لمنع أو تأخير المشروع، إضافة إلى حرمان شركة "غاز بروم" الروسية من إيرادات الخط حال تشغيله، والتي تقدر بنحو 7 مليارات يورو (7.8 مليارات دولار)، فضلاً عن تقديم الغاز الأميركي كبديل للغاز الروسي في ظل الحاجة الألمانية الشديدة للغاز.
من جانبه، نفى السياسي لاميل حدوث نقص في الغاز الطبيعي على المدى القريب في حال تأخير الخط أو توقيع عقوبات، ووافقه في ذلك ميشائيل هرمز، من اللجنة الاقتصادية الألمانية، معتبراً أنه لا داعي للقلق بشان الإمداد على المدى القصير لأن سوق الغاز الأوروبي قد وسع بنيته التحتية خلال السنوات الأخيرة.
ولكن هرمز لفت إلى أنه من دون "نورد ستريم 2" سيصبح الغاز "أكثر كلفة".
في المقابل، نقلت شبكة "إم دي آر" تأكيدات رسمية روسية بأنّ الخط سينتهي في موعده حتى لو انسحبت شركات المقاولات خوفاً من العقوبات الأميركية، حيث إن "غاز بروم" لديها البديل الجاهز لتنفيذ ما تبقى من الخط.