تزيّنت مخيمات العودة الخمسة، على الحدود الشرقية لقطاع غزة مع الأراضي المحتلة، بالأعلام الفلسطينية، وصور شهداء مسيرات العودة وكسر الحصار، وأسماء وصور المُدن الفلسطينية التي طُرد منها أصحابها غصباً عنهم، في مليونية الأرض والعودة وكسر الحصار، إحياءً لذكرى يوم الأرض، والذي يصادف الثلاثين من مارس/آذار.
واشتعلت الحدود الشرقية لقطاع غزة بالأغاني والأناشيد الوطنية الثورية التي ألهبت حماسة المشاركين، وعنونت اليافطة المركزية للمظاهرات بشعار "مليونية الأرض والعودة وكسر الحصار".
وشاركت الحشود في المليونية التي دعت إليها الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار بمناسبة ذكرى يوم الأرض، وتصادف مرور عام على انطلاق مسيرات العودة، والتي طالب من خلالها الفلسطينيون بحقهم التاريخي في أراضيهم التي هُجروا منها قسراً عام 1948 على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي.
ولم يمنع خبر استشهاد المواطن الفلسطيني محمد سعد (20 عاما)، على الحدود الشرقية، في ساعات الصباح الأولى، إثر إصابته بشظايا في الرأس من قبل قوات الاحتلال، الجماهير الفلسطينية، من التوافد والزحف نحو السياج الفاصل، إذ شكلت مليونية الأرض والعودة ذروة مسيرات العودة وكسر الحصار، وعكست رغبة الفلسطينيين الحقيقية في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي على الأرض الفلسطينية، وكسر الحصار عن غزة، وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى مدنهم وقراهم وقرى آبائهم وأجدادهم.
وأظهرت المشاركة الواسعة في تظاهرات المليونية، مدى التفاف الجماهير الفلسطينية حول خيار العودة وإنهاء الاحتلال، على الرغم من مواصلة قوات الاحتلال الإسرائيلي استخدامها القوة في مواجهة المتظاهرين العُزل، كذلك الضخ الإعلامي المكثف الذي شنته الحكومة الإسرائيلية والجيش الإسرائيلي ومنسق أنشطة حكومة الاحتلال، ضد المليونية.
في الخطوط الأمامية للمسيرات، بدا الوضع ساخناً، على الرغم من الأمطار وبرودة الأجواء، إذ شهدت نشاطاً واضحاً للمجموعات الشبابية. وعمل متظاهرون فلسطينيون على إعادة رمي قنابل الغاز إلى مطلقيها، في محاولة للضغط على قوات الاحتلال الإسرائيلي، لوقف اعتداءاتها المتواصلة ضد المدنيين العُزل.
وقوبلت الجماهير الفلسطينية الغاضبة، والتي هتفت بصوت عالٍ ضد الاحتلال، والمطالبة بالعودة وكسر الحصار، باستخدام القوة من قبل الجنود الإسرائيليين المدججين بمختلف أنواع الأسلحة، ما ألهب الأجواء، حيث أطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي الرصاص الحيّ والمطاطي باتجاه المتظاهرين، إلى جانب استهدافهم برشقات متتالية من قنابل غاز الأعصاب السام، والغاز المسيل للدموع، عبر البنادق والراجمات، إلا أن ذلك لم يمنع الجموع من مواصلة الهتاف وعمليات الكر والفر، والتقدم نحو خطوط التماس.
ولم تفرّق قوات الاحتلال الإسرائيلي بين الأطفال والنساء والطواقم الطبية والصحافية والمتظاهرين العُزل، على الرغم من عدم تشكيلهم أي خطر أو تهديد على الجنود المتمركزين على طول الشريط الحدودي. وتعدّت قنابل الغاز مناطق التماس، ووصلت إلى مخيمات العودة، والتي تبعد نحو 700 متر عن السياج الحدودي.
وبدت مليونية الأرض والعودة، والتي أتم فيها الفلسطينيون عاماً من جُمَع الغضب والفعاليات الاحتجاجية البرية والبحرية، مختلفة عن المظاهرات السابقة، حيث الحشد اللافت، والإصرار الفلسطيني على مواصلة الأنشطة، سعياً لتحقيق الأهداف، على الرغم من التهديدات الإسرائيلية المتواصلة على المستويات السياسية كافة، والتعزيزات الإسرائيلية المتواصلة على طول الشريط الحدودي، ولسان حالهم يقول "لن ترهبنا كل تلك الممارسات، ولن نتخلى عن حقنا أبداً".
ولم يتوقف التهديد الإسرائيلي للفلسطينيين المشاركين في المسيرات، ومحاولات ثنيهم، عبر حشد تعزيزات كبيرة من الجنود والترسانة العسكرية، في تجاهل واضح لكل الأصوات الدولية المُطالبة بعدم التعرض للمتظاهرين السلميين، والذين جاؤوا للتعبير عن رفضهم للاحتلال وممارساته الإجرامية بحق الشعب الفلسطيني المُطالب بالحرية.
ويقول مازن ارحيم (40 عاماً) إنه شارك في المسيرات لإثبات حق الشعب الفلسطيني في أرضه، وضرورة العودة إليها، وكسر الحصار الظالم المفروض على مليوني فلسطيني، مضيفاً لـ"العربي الجديد": "نحمل رسالة للدول العربية والإسلامية ودول العالم أن لا حق للاحتلال الإسرائيلي في أرضنا، فهي أرض أجدادنا، وحق لأولادنا وأحفادنا".
بينما يوضح عضو "وحدة الكوشوك"، أبو خالد الرفاعي، أن الشعب الفلسطيني لا يهاب التهديدات الإسرائيلية المتواصلة، وجاء للمشاركة في المسيرات التي ترفع شعار فلسطين أولاً وأخيراً، بهدف لفت أنظار العالم إلى القضية الفلسطينية، وحق العودة، وزوال الاحتلال عن الأرض الفلسطينية.
التواجد الإعلامي في مليونية الأرض والعودة كان لافتاً، إذ لوحظ تواجد سيارات البث، والكوادر الصحافية المحلية والدولية والعالمية، ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، والذين ارتدوا شارات الصحافة، والدروع الصحافية الزرقاء.
ويُحيي الفلسطينيون يوم الأرض في الثلاثين من شهر مارس/آذار من كل عام، وتعود أحداثه إلى آذار 1976، حين قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بمصادرة آلاف الدونمات من الأراضي ذات الملكيّة الفلسطينية الخاصّة أو المشاع، أعقبها إضراب عام ومسيرات من الجليل إلى النقب، واندلعت مواجهات أسفرت عن سقوط ستة فلسطينيين، إلى جانب إصابة واعتقال المئات.