جولة صغيرة في شوارع مدينة غزة كفيلة بأن تلفت انتباهك لعملية تجريف تجري في أراضٍ ظلت متروكة لسنوات، أو بيوت قديمة شبه متآكلة، وستلفتك ضخامة لوحات تحمل عناوين وأسماء لتجمعات تجارية جديدة ومبانٍ سكنية سيجرى إنشاؤها للبيع والإيجار بدلاً منها.
ولجأ العديد من أصحاب العقارات في القطاع المحاصر إسرائيلياً للعام الحادي عشر على التوالي، للاتفاق مع مستثمرين وأصحاب رؤوس أموال في غزة لتحويلها إلى مبانٍ سكنية، مقابل الحصول على شقق سكنية خاصة بهم، أو تجمعات تجارية بنسبة ربح يحددها الطرفان.
وعلى الرغم من حالة الركود، والتي يشهدها القطاع التجاري المحلي بفعل تردي الأوضاع المعيشية وارتفاع معدلات البطالة والفقر بفعل الحصار، إلا أن المشاريع ذات الطابع الاستهلاكي أضحت ظاهرة ملموسة في المدينة.
المستثمر الغزي محمد عبد الكريم كان أحد أصحاب رؤوس الأموال الذين لجأ إليهم أحد أصحاب المنازل من أجل منحه قطعة الأرض الخاصة به لإعادة بنائها، مقابل الحصول على عدد من الشقق وتسديد بعض المستحقات المالية عليهم والحصول على الباقي له لبيعه.
يقول عبد الكريم لـ "العربي الجديد" إن الواقع الاقتصادي الصعب الذي يعيشه سكان القطاع وعدم قدرة الكثيرين منهم على التوسع العمراني والارتفاع الكبير في أسعار الأراضي والشقق أسهم في بروز ظاهرة منح البيوت أو الأراضي المملوكة لمستثمر، مقابل الحصول على شقق سكنية أو بعض النسب الخاصة بالمشاريع كالتجمعات التجارية وغيرها.
ويشير إلى أن الآونة الأخيرة شهدت حراكاً كبيراً في مشاريع الإسكان، بفعل الدور الذي لعبه الكثير من المستثمرين، خاصة في مجال إعادة بناء البيوت القديمة أو الأراضي المتروكة بنسب معينة، وهو ما سيكون له انعكاسات أخرى خلال الفترة المقبلة.
وتوقع المستثمر الغزي أن تشهد الفترة المقبلة حالة ركود كبيرة في حجم الإقبال على شراء الشقق السكنية، بفعل الزيادة الكبيرة في العرض وتراجع الطلب من قبل الغزيين بفعل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشونها.
وعن جدوى هذه المشاريع، يلفت عبد الكريم إلى أن العائد المالي لكل مشروع يبقي متفاوتاً من حيث نسبة البيع والشراء وطبيعة الإقبال على شراء الشقق السكنية في الوقت الذي يعيش القطاع حالة ركود كبير.
وأسهم الحصار الإسرائيلي الذي أعقب فوز حركة حماس بالانتخابات التشريعية عام 2006 في ارتفاع كبير في معدلات الفقر والبطالة واعتماد شريحة كبيرة من السكان على المساعدات الإنسانية التي تقدمها المؤسسات الأممية.
ويقول سمير أبو مدللة، أستاذ علم الاقتصاد في جامعة الأزهر بغزة، إن هناك توجهاً ملحوظاً إلى المشاريع الاستهلاكية وتراجعاً ملموساً في المشاريع الإنتاجية بفعل الخشية من الاستهداف الإسرائيلي لها، كما حصل مع العديد من المصانع في الحروب الإسرائيلية السابقة.
ويضيف أبو مدللة لـ "العربي الجديد" أن العديد من رجال الأعمال وأصحاب المشاريع، والذين برزوا عقب تجارة الأنفاق دخلوا في مجال الاستثمار العقاري عبر تجمعات تجارية كبيرة أو إسكانية ضمن سياسة "لتبيض أموالهم".
ويوضح أن الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها سكان القطاع دفعت عدداً منهم للبحث عن مستثمرين لاستغلال منازلهم القديمة أو أراضيهم للحصول على عدد شقق معين يكفي لاحتياجاتهم أو الحصول على نسبة من ربح أي مجمع تجاري.
ويؤكد أن هذه المشاريع في غالبها عائلية في المجال الاستهلاكي، في حين أن جدواها الاقتصادية محدودة جداً، ولا تؤسس لأي نمو اقتصادي حقيقي في ظل حالة الركود والتدهور التي يشهدها الاقتصاد بفعل الحصار والانقسام.
وبحسب اللجنة الشعبية لكسر الحصار عن غزة، فإن متوسط دخل الفرد اليومي في القطاع لا يتجاوز دولارين أميركيين، (الدولار = 3.7 شيكل)، في الوقت الذي لا يجد نحو ربع مليون مواطن فلسطيني في غزة فرص عمل من أصل مليوني نسمة.
ويرى نهاد نشوان، الخبير الاقتصادي، أن العمل العشوائي في إنشاء التجمعات التجارية يرجع إلى غياب هيئة استثمار تشرف على إنشاء المشاريع الكبيرة، والتي تتجاوز قيمتها مليون دولار كما كان الحال قبل عام 2007.
ويقول نشوان لـ "العربي الجديد" إن عملية إنشاء المشاريع التجارية الكبيرة يجب أن تتم بناء على دراسة جدوى وتوزيع جغرافي داخل المدن يضم تحريك المشهد الاقتصادي دون أن يقتصر على مناطق معينة ويهمّش أخرى.
ويؤكد على وجود سوء كبير في التوجه لضخ أموال تتجاوز في بعض الأحيان سبعة ملايين دولار، في الوقت الذي لا يحتمل المشهد الاقتصادي في القطاع إلا المشاريع الصغير، في ظل حالة الركود الذي يعاني منها التجار في مختلف المجالات.
وتشير البيانات الرسمية إلى أن المؤسسات الإنشائية تصدرت قائمة أكثر القطاعات الصناعية تضرراً من العدوان الإسرائيلي، إذ بلغ عدد المصانع الإنشائية التي أصيبت بشكل كلي أو جزئي خلال الحرب الخيرة على القطاع في صيف 2014 نحو 149 منشأة، وذلك بهدف إطالة أمد عملية إعادة الإعمار ومضاعفة المشاكل الاقتصادية وتعقيدها في غزة.
اقــرأ أيضاً
وعلى الرغم من حالة الركود، والتي يشهدها القطاع التجاري المحلي بفعل تردي الأوضاع المعيشية وارتفاع معدلات البطالة والفقر بفعل الحصار، إلا أن المشاريع ذات الطابع الاستهلاكي أضحت ظاهرة ملموسة في المدينة.
المستثمر الغزي محمد عبد الكريم كان أحد أصحاب رؤوس الأموال الذين لجأ إليهم أحد أصحاب المنازل من أجل منحه قطعة الأرض الخاصة به لإعادة بنائها، مقابل الحصول على عدد من الشقق وتسديد بعض المستحقات المالية عليهم والحصول على الباقي له لبيعه.
يقول عبد الكريم لـ "العربي الجديد" إن الواقع الاقتصادي الصعب الذي يعيشه سكان القطاع وعدم قدرة الكثيرين منهم على التوسع العمراني والارتفاع الكبير في أسعار الأراضي والشقق أسهم في بروز ظاهرة منح البيوت أو الأراضي المملوكة لمستثمر، مقابل الحصول على شقق سكنية أو بعض النسب الخاصة بالمشاريع كالتجمعات التجارية وغيرها.
ويشير إلى أن الآونة الأخيرة شهدت حراكاً كبيراً في مشاريع الإسكان، بفعل الدور الذي لعبه الكثير من المستثمرين، خاصة في مجال إعادة بناء البيوت القديمة أو الأراضي المتروكة بنسب معينة، وهو ما سيكون له انعكاسات أخرى خلال الفترة المقبلة.
وتوقع المستثمر الغزي أن تشهد الفترة المقبلة حالة ركود كبيرة في حجم الإقبال على شراء الشقق السكنية، بفعل الزيادة الكبيرة في العرض وتراجع الطلب من قبل الغزيين بفعل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشونها.
وعن جدوى هذه المشاريع، يلفت عبد الكريم إلى أن العائد المالي لكل مشروع يبقي متفاوتاً من حيث نسبة البيع والشراء وطبيعة الإقبال على شراء الشقق السكنية في الوقت الذي يعيش القطاع حالة ركود كبير.
وأسهم الحصار الإسرائيلي الذي أعقب فوز حركة حماس بالانتخابات التشريعية عام 2006 في ارتفاع كبير في معدلات الفقر والبطالة واعتماد شريحة كبيرة من السكان على المساعدات الإنسانية التي تقدمها المؤسسات الأممية.
ويقول سمير أبو مدللة، أستاذ علم الاقتصاد في جامعة الأزهر بغزة، إن هناك توجهاً ملحوظاً إلى المشاريع الاستهلاكية وتراجعاً ملموساً في المشاريع الإنتاجية بفعل الخشية من الاستهداف الإسرائيلي لها، كما حصل مع العديد من المصانع في الحروب الإسرائيلية السابقة.
ويضيف أبو مدللة لـ "العربي الجديد" أن العديد من رجال الأعمال وأصحاب المشاريع، والذين برزوا عقب تجارة الأنفاق دخلوا في مجال الاستثمار العقاري عبر تجمعات تجارية كبيرة أو إسكانية ضمن سياسة "لتبيض أموالهم".
ويوضح أن الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها سكان القطاع دفعت عدداً منهم للبحث عن مستثمرين لاستغلال منازلهم القديمة أو أراضيهم للحصول على عدد شقق معين يكفي لاحتياجاتهم أو الحصول على نسبة من ربح أي مجمع تجاري.
ويؤكد أن هذه المشاريع في غالبها عائلية في المجال الاستهلاكي، في حين أن جدواها الاقتصادية محدودة جداً، ولا تؤسس لأي نمو اقتصادي حقيقي في ظل حالة الركود والتدهور التي يشهدها الاقتصاد بفعل الحصار والانقسام.
وبحسب اللجنة الشعبية لكسر الحصار عن غزة، فإن متوسط دخل الفرد اليومي في القطاع لا يتجاوز دولارين أميركيين، (الدولار = 3.7 شيكل)، في الوقت الذي لا يجد نحو ربع مليون مواطن فلسطيني في غزة فرص عمل من أصل مليوني نسمة.
ويرى نهاد نشوان، الخبير الاقتصادي، أن العمل العشوائي في إنشاء التجمعات التجارية يرجع إلى غياب هيئة استثمار تشرف على إنشاء المشاريع الكبيرة، والتي تتجاوز قيمتها مليون دولار كما كان الحال قبل عام 2007.
ويقول نشوان لـ "العربي الجديد" إن عملية إنشاء المشاريع التجارية الكبيرة يجب أن تتم بناء على دراسة جدوى وتوزيع جغرافي داخل المدن يضم تحريك المشهد الاقتصادي دون أن يقتصر على مناطق معينة ويهمّش أخرى.
ويؤكد على وجود سوء كبير في التوجه لضخ أموال تتجاوز في بعض الأحيان سبعة ملايين دولار، في الوقت الذي لا يحتمل المشهد الاقتصادي في القطاع إلا المشاريع الصغير، في ظل حالة الركود الذي يعاني منها التجار في مختلف المجالات.
وتشير البيانات الرسمية إلى أن المؤسسات الإنشائية تصدرت قائمة أكثر القطاعات الصناعية تضرراً من العدوان الإسرائيلي، إذ بلغ عدد المصانع الإنشائية التي أصيبت بشكل كلي أو جزئي خلال الحرب الخيرة على القطاع في صيف 2014 نحو 149 منشأة، وذلك بهدف إطالة أمد عملية إعادة الإعمار ومضاعفة المشاكل الاقتصادية وتعقيدها في غزة.