في حديثها إلى "العربي الجديد"، تلفت الباحثة المصرية غادة كمال سويلم إلى أنها اختارت العقود الثلاثة الأخيرة فضاء زمنياً لكتابها "الكتابة المسرحية النسائية المعاصرة في مصر (1980 – 2010)" الذي صدر حديثاً عن "مؤسسة علوم الأمة للنشر والتوزيع" بتقديم أستاذ النقد الأدبي سامي سليمان، لأن "هذه الفترة شهدت غزارة نسبية في الإنتاج المسرحي النسائي وتنوعاً في الاتجاهات".
وأوضحت "لم تتحقق هذه الغزارة والتنوّع من قبل لحداثة عهد الكاتبة المصرية بالكتابة المسرحية؛ فحتى نهاية النصف الأول من القرن العشرين لم يصل إلينا سوى ثلاثة نصوص مسرحية نسائية صدرت في مصر، هي "الملكة بلقيس" (1893) للطيفة عبد الله، و"يتناقشون" (1922) و"على الصدر الشفيق" (1924) لمي زيادة.
وأضافت "ومع بداية النصف الثاني برزت مجموعة من الأسماء النسائية المهمة في ساحة التأليف الدرامي مثل جاذبية صدقي وليلى عبد الباسط وفوزية مهران ولطيفة الزيات، وصوفي عبد الله التي كان نصها " كسبنا البريمو" أول نص مسرحي نسائي تشهده خشبة المسرح في النصف الثاني من القرن العشرين؛ حيث عرض على المسرح القومي في الموسم المسرحي (1951-1952)"، وقد تحدّثت الباحثة سامية حبيب عن هذه التجارب وعن أعمالهن المسرحية في كتابها "مسرح المرأة في مصر" (2003)".
وتشير المؤلّفة إلى أنه "مع بداية الثمانينيات زادت أعداد الكاتبات المسرحيات، وتنوّعت اتجاهات إنتاجهن المسرحي، ومن ثم وقع الاختيار على هذه الفترة التي لم تخصص لها دراسة كاملة من قبل، فلم أقرأ عنها سوى مقالين للباحث والأكاديمي سامي سليمان، وكانا شديدي الأهمية بالنسبة إلي، "مقال الكاتبة المصرية والكتابة المسرحية (مجلة تايكي – تشرين الأول/ نوفمبر 2006، و"المرأة المصرية وضروب الإبداع الأدبي" ضمن كتاب "المرأة المصرية في التاريخ الحديث والمعاصر" (2009)".
تناول الكتاب، بحسب سويلم، عدّة نصوص منها: "بلا أقنعة، وسجن النسا، والخرساء" لـ فتحية العسال، و"الوهج- سوناتا الحب والموت" لـ نادية البنهاوي، و"إيزيس" لـ نوال السعداوي، و"المنى" لـ ماجدة رمزي يوسف، و"الجدار الثاني" لـ هدى شعراوي، و"نساء ماريونت" لـ هالة فهمي، و"لكنه موتسارت" لـ لمياء مختار، موضّحة أنها تابعت تقريباً كل النصوص التي كتبت في هذه العقود الثلاثة، وحين لاحظت تنوّع اتجاهاتها اختارت أبرز النصوص الممثلة لهذه الاتجاهات، وألحقت بالدراسة ببليوغرافيا بنصوص تلك الفترة، إضافة إلى التعريف بالكاتبات.
وبيّنت أن الدافع وراء دراستها انطلق من كون "مجال الكتابة المسرحية النسائية من المجالات التي عانت إهمالاً نقديّاً، وهناك توجه نقدي عالمي يعتقد أن المرأة لا تستطيع الكتابة للمسرح بسبب ما يستوجبه من بنية درامية محكمة تتناسب مع طبيعة تفكير الرجل الذي يرى الحياة في خط أحادي متصاعد، بخلاف المرأة التي تعدّ تجربتها الحياتية من الدوائر المتجاورة التي لا تقل إحداها أهمية عن غيرها، ومن ثم يرى النقاد أن الرواية هي النوع الأدبي الأنسب للمرأة التي لا تستطيع ترويض طاقة السرد لديها أو التحكم فيها".
وتختم صاحبة دراسة "مسرح رشاد رشدي وتلامذته: سمير سرحان وعبد العزيز حمودة ومحمد عناني" (أطروحة الدكتوراه) بالقول إن "الكاتبات واعيات تماماً لهذا التحدي وهن يخضن غمار الكتابة المسرحية، ومن هنا حريٌّ بالكتابات النقدية أن تقدم الدعم النقدي لهذه المحاولات وتخرجها من دائرة الإهمال إلى دائرة الضوء، فكلّ إبداع جيد يستحق التقدير كما أنه له دوره في تشكيل وعي الناس على نحو أو آخر".
وقد حدّدت سويلم مقومين أساسيين لبحثها؛، السياق الاجتماعي الذي تبلور فيه إبداع الكاتبة المصرية منذ بداية النصف الثاني من القرن العشرين حتى نهاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين؛ فعرضت بإيجاز لمسيرة المرأة المصرية لنيل حقوقها في التعليم والعمل والحرية والنشاط الاجتماعي والتمثيل السياسي، وتبيان عدد من المصطلحات المتداخلة والمتقاربة في عديد من عناصرها من حيث ارتباطها بالمنتج الأدبي النسوي، وهي مصطلحات النسوية والأدب النسوي والأدب النسائي، وأدب المرأة.
وصنفت المؤلفة الكتابة المسرحية النسائية في إطار ثلاثة اتجاهات أساسية، هي الاتجاه الاجتماعي، والاتجاه التاريخي والاتجاه التجريبي، وحللت عبر فصول الدراسة عناصر التشكيل الجمالي لمجموعة من النصوص المسرحية النسائية التي اختارتها تمثيلات دالة على تلك الاتجاهات، ويأتي الكتاب في مدخل وخمسة فصول وخاتمة بلورت فيها المؤلفة أهم سمات الكتابة المسرحية النسائية في مصر في الفترة محل الدراسة.