عيد وكوميديا سوداء

29 يونيو 2016
لسان حال الناس "أوقفوا الحرب" (فرانس برس/GETTY)
+ الخط -

مشهد من الكوميديا السوداء يتجسّد بارتباط محادثات سلام في بلد تحصد فيه الحرب يومياً عشرات المواطنين في الأعياد والمناسبات الرسمية.

المضحك إلى درجة البكاء، عندما تعلن جهات متحاربة وأخرى وسيطة بين المتحاربين، عن توقف المحادثات مع اقتراب حلول عيد الفطر.

حقاً؟ في عالم يحترق فيه أكثر من بلد، ويعيش ملايين الناس في المنفى ومراكز الإيواء كالمشردين، وتحل فترة الأعياد على المتحاورين وكأن العالم بألف خير.

لم يعد هناك معنى للعيد، المتحاربون يسرقون أرواح الأبرياء ويدكّون بيوتهم وأرزاقهم ويحيلون حياتهم إلى جحيم، ويتوقفون عن بذل أي جهد خلال فترة العيد لإنهاء العبث بحياة البشر.

لماذا لا تكون الأمور معكوسة، وتصبح مناسبة الأعياد هي "الهدية" الكبرى لشعوب بلداننا المقهورة، وتعمل الأطراف المتحاربة ما في وسعها لكي ترتب اتفاقاتها ومصالحها بأسرع وقت، وينتهي العيد حاملاً بعض الأمل بإنهاء الحرب التي طال أمدها؟

ما أسرع الحرب في التهام كل ما ينبض بالحياة! وما أسهل اتخاذ القرار ببدئها! لكن الصعب هو الخروج منها. حروب ما كان لعامة الناس قرار فيها بالطبع، وإنما زعماء الحروب من يفتحون أبوابها.

الشعب اليمني أصيب بخيبة أمل عند الإعلان عن وقف المحادثات في الكويت، ولا شك أن العراقيين والسوريين في بلادهم وفي دول الجوار يعيشون المرارة نفسها. ولكن لا بأس، فمن عاش الحرب والبؤس على مدى سنوات لن يضيره أسبوع زائد أم ناقص، فالمسؤولون عن أمنهم وسلامهم "يستحقون" عطلة في عيد الفطر مكافأة لهم على ما يبذلونه من تعب وجهد، وهم الحريصون على مصير شعوبهم والسير بهم نحو "المستقبل" الأفضل.

عيد الفطر يقترب، وبدلاً من أن يكون فرصة للسياسيين لإعلان وقف الحرب، وجعله لحظة تاريخية ومناسبة لإنقاذ ما تبقى، فالحال يستمر على ما هو عليه، وربما العيد يجرّ خلفة أعياداً قبل أن تتغير الوقائع.

للأسف، محكوم على بلداننا أن تعيش زيف الأعياد، كما تعيش زيف يوميات على هامش الحياة.

المساهمون