وبعدما نجح نشطاء الحراك في إبقاء التعبئة الشعبية في أعلى مستوياتها خلال شهر رمضان المبارك، والذي خرج فيه الجزائريون إلى الشارع برغم عاملي الصيام والحرارة، تجمع المتظاهرون في أول جمعة بعد عيد الفطر، في ساحة أودان وقرب ساحة البريد المركزي.
ويتوقع الناشطون في الحراك الشعبي مشاركة ضخمة للمتظاهرين، خاصة بعد الخيبة التي خلفها خطاب بن صالح الليلة الماضية، والذي أصر فيه على الاستمرار في منصبه، وفقا لمستند أمده به المجلس الدستوري، دون أن يقدم أية تنازلات أو مقترحات عملية لحل الأزمة السياسية الراهنة في البلاد، ما يعني رفضه الاستجابة للمطالب المركزية للحراك الشعبي، التي تتعلق برحيل رموز نظام الرئيس المستقيل، عبد العزيز بوتفليقة، ورفض الحوار معها ورفض أي استحقاق انتخابي يجري تحت وصايتها.
وأعادت السلطات الجزائرية تطبيق نفس التدابير الأمنية، حيث ما زالت ساحة البريد المركزي مغلقة منذ ثلاثة أسابيع بسبب تشققات أسفل السلم. كما نشرت قوات قرب ساحة أودان وشارع محمد الخامس وساحة أول مايو وساحة الشهداء، والأخيرة باتت الوجهة الجديدة للتظاهر. كما جددت إجراءات التضييق على المتظاهرين القادمين من خارج العاصمة ومن الولايات القريبة كالبليدة وتيبازة، وبومرداس وتيزي وزو.
في المقابل، بادر الناشطون إلى الدعوة إلى التعبئة الشعبية في أعقاب خطاب بن صالح، ونشروا تعاليق تقول "قوموا إلى حراككم، إلى الشارع فإن السلطة لا تريد الاستجابة لمطالب الشعب". وقال الناشط في الحراك، حسين بزينة، لـ"العربي الجديد" إن "نجاح الحراك في الاستمرار في شهر رمضان برغم الصيام والحرارة، يعني أنه لا توجد أية عوامل يمكن أن تدفع الحراكيين إلى التراخي، برغم الحرارة المسجلة اليوم الجمعة، المظاهرات بدأت مبكرا، وهناك تحفز كبير لأن تكون مظاهرات اليوم كبيرة خاصة بعد صلاة الجمعة، لتبليغ رسالة سياسية إلى السلطة، أنه لا مفر من الاستجابة لمطالب الشعب".
وتوقع الناشط البارز في الحراك سمير بلعربي أن يكون رد الحراك اليوم قويا على خطاب بن صالح، عبر مشاركة كبيرة للمتظاهرين. ووصف بلعربي خطاب بن صالح بـ"الاستفزازي"، قائلا في تصريح لـ"العربي الجديد" إن "خطاب بن صالح كان خطابا لتمديد عهدته بعد التاسع من يوليو، وهذا برأيي إصرار على إطالة عمر الأزمة وتحد للشعب من حيث تمسكه بمنصبه، فيما الحراك يطالبه بالتنحي من منصبه منذ أسابيع". ورد الناشط على دعوة بن صالح إلى الحوار والتوافق قائلا "مبدئيا لا أحد ضد الحوار، لكن دعوة بن صالح للحوار مرفوضة من حيث أنه سبق وأن أعلنا كناشطين رفضنا الحوار مع رموز نظام بوتفليقة".
وفي السياق اعترضت أحزاب سياسية على خطاب بن صالح، وقال أحمد عظيمي المتحدث الرسمي باسم حزب "طلائع الحريات"، الذي يقوده رئيس الحكومة السابق علي بن فليس، إن بن صالح اتخذ مسارا غير دستوري عبر قراره الاستمرار في منصبه، استنادا إلى فتوى أصدرها في الفاتح من يونيو/ حزيران الجاري المجلس الدستوري. وأشار في تصريح صحافي إلى أن بن صالح تنتهي مهمته في التاسع من يوليو/ تموز المقبل، وليس من حقه البقاء في منصبه بعد هذا التاريخ، موضحاً أن بيان أحزاب المعارضة الثمانية الذي سبق بيومين خطاب بن صالح أكد على ضرورة رحيل الأخير من منصبه.
وذهب رئيس "جبهة العدالة والتنمية" عبد الله جاب الله في برنامج تلفزيوني إلى الطرح نفسه، حيث اعتبر أن قرار بن صالح تمديد عهدته يستند إلى المادة 103 من الدستور، وهي مادة تخص تمديدا في حال وفاة مترشح للانتخابات الرئاسية خلال فترة الانتخابات، ولا علاقة لها بالوضع الحالي.