عودة حملات الترحيل من عدن على وقع مراوحة المشاورات

27 مايو 2016
تعزيزات لتأمين المكلا خوفاً من خضات أمنية (فرانس برس)
+ الخط -
عادت عمليات ترحيل المواطنين المتحدرين من المحافظات الشمالية، من عدن، بعد نحو ثلاثة أسابيع من توجيهات رئاسية وحكومية بوقفها. وأظهر مقطع فيديو مواطنين يرتدون ثياباً خفيفة ولا يحملون في أيديهم سوى الماء وقلة معهم أمتعة محدودة في أكياس بلاستيكية، وهم يُرحّلون من عدن. ووثّق المقطع المسجل لمدة سبع دقائق، لحظات تدافع العشرات من العمال والشباب "الشماليين" الذين جرى اعتقالهم في عدن، بتهمة عدم امتلاكهم أوراق هوية رسمية، ومن ثم جرى الزج بهم في سجون المدينة، قبل أن يتم تحمليهم على ناقلات كبيرة مخصصة لنقل البضائع، إلى منطقة حدودية بين محافظتي لحج وتعز.
وأوضحت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" أن الحملات الأمنية التي تجري لملاحقة المواطنين المتواجدين في عدن والذين يتحدرون من محافظات شمالية، عادت منذ أمس الأول، وسط أنباء عن اقتحامات لمنازل مواطنين تسكنها أسر متحدرة من الشمال، فيما كان هناك المئات من الأشخاص جرى اعتقالهم في أوقات متفرقة واحتجازهم في سجن المنصورة، بعد توجيهات رئاسية بوقف الترحيل في فترة سابقة من هذا الشهر، إلا أن عملية ترحيلهم عادت في الأيام الأخيرة.
وفي مشهد أثار تعليقات ساخطة، يقفز مرحّلون على متن إحدى الناقلات الواحد تلو الآخر، من على ارتفاع يزيد من متر، ويصل الأمر إلى تدافع بعضهم فيما يقف قريباً منهم جندي يعلق على ما يجري من ترحيل، ويقول: "هؤلاء الذين دخلوا واحتلوا أرضنا مع الحوثي، نحن سوف نرحلهم من أرض الجنوب واحداً واحداً".
وكانت حملة الترحيل بدأت في أوائل مايو/أيار الحالي، وشملت المئات من المواطنين قالت السلطات إنهم أوقفوا لعدم امتلاكهم "وثائق ثبوتية". إلا أن الحملة واجهت ردود فعل واسعة، وصلت لأعلى المستويات، وأعلن الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي ورئيس الحكومة أحمد عبيد بن دغر، رفضهم لعمليات الترحيل، ما اضطر سلطات المدينة، ممثلة بالمحافظ عيدروس الزبيدي ومدير الأمن شلال علي شائع إلى إصدار بيان يتضمن مراجعات بوقف الترحيل، على أن يتم توقيف من لا يملكون وثائق الهوية الشخصية ويطلب منهم حيازتها بدلاً عن الترحيل.
ويقول المنتقدون لهذه الخطوات إنها تجري بدوافع مناطقية انفصالية، ويطالبون بوضع حد لها من قبل الحكومة الشرعية ودول التحالف العربي بما فيها الإمارات المكلفة بالإشراف على الوضع في المحافظات الجنوبية، فيما تقول سلطات المدينة إن الحملة تأتي ضمن الإجراءات الأمنية التي تسعى من خلالها لضبط الأمن في المدينة، مع تكرر العمليات الإرهابية وحوادث الاغتيال.
وفي جنوب اليمن، لكن في سياق آخر، أثارت غارات جوية نفذتها "طائرات مجهولة" يوم الثلاثاء الماضي جدلاً وانتقادات واسعة، فقد استهدفت غارة منزلاً، ما أدى إلى سقوط مدنيين، فيما استهدفت ضربات منفصلة أثيرت حولها علامات استفهام معسكراً في منطقة "العر" بيافع محافظة لحج، ويقع المعسكر تحت سيطرة مجموعة تابعة للحراك الجنوبي. وفيما تتحدث بعض المصادر عن أن المعسكر قُصف من قبل مقاتلات التحالف لأسباب لم يُعلن عنها، اتهمت قيادات أخرى في الحراك الطائرات الأميركية من دون طيار بتنفيذها.


يأتي ذلك فيما كشفت مصادر إعلامية، أن قوات التحالف العربي دفعت بتعزيزات عسكرية جديدة إلى مدينة المكلا، عاصمة محافظة حضرموت، جنوبي اليمن، من أجل تأمينها بشكل كلي. وتأتي تلك الخطوة بعد أيام من تحرير المدينة بمساعدة قوات التحالف التي تقودها السعودية، بعدما سيطر عليها تنظيم "القاعدة".
وعلى صعيد مشاورات السلام، التي ترعاها الأمم المتحدة في الكويت، واصل المبعوث الأممي اسماعيل ولد الشيخ أحمد الجلسات مع وفدي الحكومة والانقلابيين، كلاً على حدة، في إطار الجهود التي يسعى من خلالها للوصول إلى حل توافقي يقرّب وجهتي نظر الطرفين.
وحذر ولد الشيخ أحمد في مؤتمر صحافي أمس الخميس، من أن اليمن يعيش وضعاً خطيراً في ظل انهيار البنى التحتية، مشدداً على أن البلاد أمام منعطف خطير، وعلى مختلف الأطراف أن تتحمل المسؤولية إزائها لحل الأزمة. وأعلن ولد الشيخ أحمد، أنه اقترح تشكيل هيئة وطنية لإنقاذ الوضع الاقتصادي، محذراً من أن اليمن يعيش وضعاً خطيراً في ظل انهيار البنى التحتية. وجاءت تصريحات ولد الشيخ أحمد عقب جلسة غير مباشرة عقدها مع وفدي الحكومة والانقلابيين في الكويت، في إطار الجهود التي يبذلها للوصول إلى رؤية تقريبية لوجهات نظر الطرفين. وقالت مصادر مقربة من الوفد الحكومي إنه بحث مع المبعوث الأممي "تفاصيل وآليات انسحاب المليشيا من المدن، بما فيها العاصمة صنعاء، ومدينتي صعدة وتعز، وغيرها، وتسليم الأسلحة للدولة، واستعادة المؤسسات".
وتتمحور النقاشات في المشاورات التي باتت في جلسات منفصلة (لا يجتمع فيها الوفدان على طاولة) حول مقترحات أممية يعتبرها الجانب الأممي خارطة طريق لحل شامل ينهي الأزمة في البلاد ويوفق بين رؤيتي طرفي المشاورات، اللذين كان التباعد في المقترحات المقدّمة منهما جوهرياً.
من جهته، أكد رئيس الوزراء اليمني أحمد عبيد بن دغر أن وفد الشرعية لن ينسحب من مشاورات السلام في الكويت، لأن الحكومة حريصة على إنجاحها والتوصل الى اتفاق سلام دائم وشامل، وهذا لن يتحقق إلا بتنفيذ المرجعيات الثلاث المتفق عليها من كل الأطراف وهي المبادرة الخليجية وقرار مجلس الأمن 2216 ومخرجات الحوار الوطني.
كلام بن دغر جاء خلال لقائه أمس نائب السفير الأميركي ريتشارد ليري وممثل وزارة التنمية البريطانية سايمون جاكسون ومستشار وكاله التنمية الأميركية لويس لوك، بحسب وكالة "سبأ" التابعة للحكومة.
وأكد بن دغر خلال اللقاء أنه "من أجل إحلال الاستقرار لا بد أن تنسحب مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية من المدن وتسلم سلاحها وتعود السلطة الشرعية بقياده الرئيس عبد ربه منصور هادي الى صنعاء لممارسة مهامها دون إقصاء لأحد"، مشيراً إلى "مراوغة وفد الحوثيين وصالح في مشاورات الكويت من أجل كسب المزيد من الوقت في محاوله لتحقيق انتصارات عسكرية على الأرض لذلك لم يلتزموا حتى بالهدنة التي بدأت في العاشر من إبريل/نيسان الماضي".
من جهته أكد نائب السفير الأميركي، حرص المجتمع الدولي على إنجاح مشاورات السلام في الكويت كونها فرصه حقيقية لإحلال سلام دائم وشامل في اليمن، لافتاً إلى أن "المشاورات صعبة، خصوصاً أن الجانب الحوثي وصالح لا يبديان تنازلات، لكن نؤمن أن هذه المحادثات هي الفرصة لليمن وتكاد تكون الفرصة الأخيرة للسلام في اليمن، وهي يجب ألا تخرج عن المرجعيات الثلاث، وهي قرار مجلس الأمن الدولي 2216 والمبادرة الخليجية وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني"، وفق ما نقلت وكالة "سبأ" عنه.