عودة عناصر المليشيات من الموصل تنذر بانفلات أمني في جنوب العراق

17 يوليو 2017
طالب كثر ببسط سيطرة القوى الأمنية(حيدر محمد علي/فرانس برس)
+ الخط -
بعد الإعلان العراقي الرسمي عن انتهاء معركة الموصل، يلوح في الأفق خطر جديد يتمثل بمليشيات "الحشد الشعبي" التي عاد الكثير من عناصرها إلى مناطقهم في محافظات العراق الجنوبية، وفيما يحذر ضباط عراقيون من انفلات أمني بسبب عودة المليشيات من ساحات القتال، يطالب سياسيون وناشطون بحملة عسكرية لسحب السلاح من أفراد المليشيات الذين أخذوه معهم من مناطق القتال إلى مناطق سكناهم بالجنوب.


في هذا الصدد، قال عقيد في قيادة عمليات الرافدين المسؤولة عن أمن المحافظات الجنوبية، إن "الإعلان عن تحرير الموصل كشف عن خطر كبير لم يكن بالحسبان، يتمثل بمصير فصائل الحشد الشعبي بعد انقضاء المعارك". وأوضح لـ"العربي الجديد"، أن "نحو نصف مقاتلي هذه الفصائل أصبحوا في عداد الاحتياط، بسبب انتفاء الحاجة لوجودهم بعد حسم المعركة الأصعب ضد تنظيم داعش في الموصل، ومع تصريح الحكومة أن ما تبقى من بلدات أخرى ستتحمل مسؤولية تحريرها قوات الجيش والشرطة وجهاز مكافحة الإرهاب".

وأشار العقيد نفسه إلى "قيام عدد كبير من عناصر المليشيات بجلب أسلحة ثقيلة ومتوسطة وخفيفة إلى مناطقها، التي عادت إليها في جنوب العراق"، محذّراً من "خطر استخدام هذه الأسلحة في النزاعات المسلحة، التي تندلع بين عشائر الجنوب بين حين وآخر، أو تصل إلى أيدي عصابات القتل والخطف والابتزاز". ولفت إلى أن "القوات العراقية ألقت القبض في أوقات سابقة على عصابات قتل وخطف، ثبت أثناء التحقيق أن بعض عناصرها ينتمون لمليشيات الحشد الشعبي، ويحملون هويات تعريفية تمكنهم من عبور نقاط التفتيش برفقة ضحاياهم". ورجّح "حدوث صدام قريب بين القوات العراقية والمليشيات، التي أصبحت تسيطر على أغلب مفاصل الدولة في المحافظات الجنوبية". 


وتزامنت هذه التحذيرات مع تظاهرات شهدتها مناطق في جنوب العراق، مطالبة بعمليات عسكرية لكبح نفوذ المليشيات المتزايد.
وشهدت مدينة العمارة، مركز محافظة ميسان (380 كيلومتراً جنوب بغداد)، يوم الخميس الماضي، تظاهرة ضمّت مئات من الناشطين والمثقفين، فضلاً عن الأطباء وموظفي وزارة الصحة العراقية، داعية إلى حملة عسكرية واسعة تحت اسم "قادمون يا ميسان"، على غرار عمليات "قادمون يا نينوى" لتحرير الموصل. وتهدف إلى التخلّص من تسلّط مليشيات "الحشد الشعبي"، التي تحكم المحافظة، بعد قتل أحد أفراد المليشيا العائدين من الموصل موظفاً صحياً بسبب جدال بسيط بينهما.

ورفع المتظاهرون لافتات كتبت عليها شعارات مثل "لا للمليشيات الخارجة على القانون"، و"نعم لفرض القانون وبسط هيبة الدولة"، و"المليشيات هي الوجه الآخر لداعش"، و"يا رئيس الوزراء نريد قادمون يا ميسان". وذلك في دعوة لرئيس الوزراء حيدر العبادي، بصفته القائد العام للقوات المسلحة، لتنفيذ عمليات عسكرية سريعة ضد المليشيات غير المنضبطة والخارجة على القانون.



في هذا السياق، قال أحد منظمي التظاهرة، كريم الخزاعي، لـ"العربي الجديد"، إن "التظاهرة انطلقت من أمام مستشفى الزهاوي، وسط مدينة العمارة، وتجولت في شوارع المدينة، احتجاجاً على مقتل سائق إسعاف بنيران عناصر في مليشيات الحشد الشعبي نتيجة لمشادة كلامية معه".

وأضاف أن "هذه الحادثة ليست الأولى، إذ سبق لعناصر المليشيات أن تورّطوا بجرائم قتل ضد المدنيين، واعتداءات على أطباء ميسان"، موضحاً أن "عناصر المليشيات يحظون بحماية الأجهزة الأمنية والحكومة المحلية في المحافظة، في الوقت الذي يزج فيه الأبرياء في السجون نتيجة لتهم كيدية". وكشفت مصادر طبية في محافظة ميسان أن "موظفاً صحياً قُتل الثلاثاء الماضي، بعد إطلاق النار عليه من عناصر في الحشد الشعبي، قالوا إنهم فقدوا السيطرة على أعصابهم بعد وفاة قريب لهم، فأطلقوا النار على رأسه".

وفي سياق متصل، طالب عضو مجلس شيوخ العشائر في محافظة البصرة (590 كيلومتراً جنوب بغداد)، علي الدوسري، بـ"عدم اقتصار العمليات العسكرية التي طالب بها المتظاهرون على محافظة ميسان"، موضحاً لـ"العربي الجديد"، أن "البصرة تحولت منذ أكثر من عامين إلى أكبر معقل للمليشيات في العراق".

وأشار إلى أن "لا شيء يخضع في البصرة للقانون، ولا يمكن تطبيق العدالة إلا على ضعاف الناس، أما عناصر المليشيات فهم القانون، لأنهم يفصّلون مواده على مقاسهم، ولا يمكن لأحد أن يقف بوجههم"، محذّراً من "انفلات أمني وفوضى غير مسبوقة ستندلع في المحافظة مع عودة الآلاف من عناصر الحشد الشعبي إلى مناطقهم في جنوب العراق، لا سيما البصرة، التي تطغى عليها الانتماءات العصبية والطائفية على حساب بسط النظام والقانون". وتابع قائلاً إن "مسألة بسط الأمن في البصرة أمر صعب جداً، بسبب تقسيم المحافظة إلى مقاطعات تسيطر عليها المليشيات والفصائل المسلحة المرتبطة بالعشائر"، مرجحاً "اندلاع قتال شيعي ــ شيعي بين هذه المليشيات والفصائل، للسيطرة على مواقع النفوذ في المحافظة العراقية الأكثر غنىً لاحتوائها على أكبر آبار النفط في البلاد".

في موازاة ذلك، أعلنت القوات العراقية في عدد من محافظات العراق الجنوبية عن خطط عسكرية لبسط الأمن بعد الإعلان عن التحرير الكامل لمدينة الموصل. وقال قائد شرطة محافظة المثنى (جنوب العراق)، اللواء سامي سعود، إن "هذه الخطة ستدخل حيز التنفيذ خلال الفترة القليلة المقبلة"، موضحاً أن "محاور الخطة تتضمن فرض أطواق أمنية على المدن، وتفعيل الجهد الاستخباري، لتفادي أي خرق أمني قد تشهده المحافظة".

المساهمون