16 يناير 2019
عن مفهوم الحداثة
سفيان البراق (المغرب)
الحداثة، أولا وقبل كلِّ شيء، مفهومٌ فلسفي بكلِّ التفاصيل. يعطي المفكر المغربي، عبد الله العروي، تعريفاً مناسباً لهذا المفهوم، إذ يقول: "منطق الحداثة هو الذي دفع بي إلى الشُّروعِ في كتابة سلسلة المفاهيم". وهذا ما يَعني أنَّ سؤال الحداثة قد شغل فكره ومثَّل مركز جلِّ اهتماماتهِ، وهو الأمر الذي يجعل إمكانية الإلمام بتصوِّره للحداثة في غاية الصُّعوبة. العروي باعتباره مفكرا مغربيا كبيرا، وجدَ صعوبةً كبيرة في إلمامهِ بمفهوم الحداثة. ويعتبرالعروي في كتابه "الايديولوجيا العربية المعاصرة" المغاربة انفصاميين بالدرجة الأولى، حيث أكَّد على أنَّ الحداثة في المغرب تكون بالنهار والقدامة تكونُ بالليل، وهذا حيف تجاه هذا المفهوم الذي يجمع ما لا يعدُّ ولا يُحصى من الأفكار الفلسفية الغنية. كيف لشاب مغربي لم يطَّلع على هذا الكتاب، ويعتبرُ نفسهُ حداثياً، ولكن، حتى إنْ اطَّلعَ عليه لن يفهم ذلك الكتاب، كيف لا ومؤلفه يؤكدُ دائماً أنَّه لا يوجدُ شخصٌ عربي استطاعَ فهمَ هذا الكتاب. اهتم العروي بالتفكير في الماهية الفكرية للحداثة، بقدرِ ما فَكَّرَ في سِماتها ومظاهرها ودينامياتها وإيديولوجيتها وعوائقها.
يقصدُ بالحداثة بالأساس هو الانسلاخ والابتعاد عن الهويات القديمة، وتطوير العقل والفكر. ولكن على الرغم من هذا كله، فإن مفهوم الحداثة يحمل في طياتِه غموضاً والتباساً سيجعلُ من الفرد العربي، وخصوصاً المغربي، يعيشُ في دوامةٍ كبيرة من الأفكار والإشكاليات المُعقَّدة.
يعتبرُ المفكر محمد عابد الجابري قامةً فكرية تركت إرثاً لا يُضاهى في تاريخ الفكر المغربي والعربي أيضا، وكانَ همُّ الجابري الفكري الأساسي تفحُّص العلاقة بين الحداثة والتحديث من جهة والتقليد والتراث من جهة ثانية، فجلُّ مجهوداتهِ الفكرية في هذا الباب انصبَّت على العلاقة أكثر مما انصبَّت على أحد طرفيها بالخصوص.
ينطلقُ الجابري من تصورٍ عادي للحداثة، حيث يرى أنها من جهة حركةٌ تاريخية كونية، وهي من جهة أخرى بنيةٌ فكرية مكوناها الأساسيان، العَقلانية والديمقراطية. وليس هذان المكونان في نظره بضاعة تُستورد، بل إنهما يتطلبان ممارسة منظمة وخاضعة لقواعد، أي يتطلَّبان ويفترضان ويشترطان ثقافة نظرية، لكن كذلك ثقافة عملية أو ممارسة.
أما عن الفلاسفة الغربيين الذين اهتموا كثيراً بالحداثة. بدأت بوادرُ الحداثة في أوروبا خلال القرن الثامن عشر، وظهورها الفِعلي خلال القرن التاسع عشر، بدايةً مع الفيلسوف النقدي، إيمانويل كانط، ثم مع الفيلسوف الجَدلي هيغل. من حيث نشأة الحداثة فيربطُ بعض الباحثين ظهورها مع ديكارت، ويذهب في هذا الاتجاه، غروندان، لتأسيس ديكارت فكرة المنهج: وهي الفكرة التي يرتكز عليها المشروع العلمي للأزمنة الحديثة وكذلك الحداثة.
تنحصر الحداثة عند كانط في بعدين رئيسين: التاريخي، وهو ذو دلالة مصيرية في تحديد مَسارات البشرية. والمعياري الذي يعتبرُ أساسياً في فهمِ تصنيف الحداثة تاريخياً وكرونولوجياً.
لقد تطرَّق الفيلسوف الألماني، هيغل، لهذا المفهوم وبإسهاب، حيث يرى أنَّ مبدأ الذاتية من أهمِّ سماتِ الحداثة، وقد سعى إلى مدحه، والإعلاء من شأنه في الفكر الحديث حتى عده أصلاً للحداثة ومنشأً لها، ولكنهُ، في الوقتِ نفسه، مَيَّزَ بين هذه الصورة من صور الذاتية، وهي الصورة المعتدلة العقلانية، وصورة أخرى متعالية.
ميز مارتن هايدغرسمات الحداثة في خمس خصائص: العلم، التقنية الميكانيكية، دخول الفن في الأسيتيقا، التأويل الثقافي لكل مساهمات التاريخ الإنساني، الانسلاخ عن المُقدَّس واستبعاده.
... الحداثة أن تصنعَ طريقة العيش الخاصة بك، وأن تبتعد عن شتم الدين، ولا تقول ألفاظا تمسُّ الناس المحيطين بك، لأنَّ الاعتقاد والفكر حريةٌ شخصية ولا يناقش. نريد من الشاب المغربي أنْ يبحث كثيرا، لأنَّ القول إنَّك حداثي، ودليلك على حداثتك السب والشتم وإطلاق العنان للكلمات النابية، كلُّ هذه التصرفات سحابةُ صيفٍ.
يقصدُ بالحداثة بالأساس هو الانسلاخ والابتعاد عن الهويات القديمة، وتطوير العقل والفكر. ولكن على الرغم من هذا كله، فإن مفهوم الحداثة يحمل في طياتِه غموضاً والتباساً سيجعلُ من الفرد العربي، وخصوصاً المغربي، يعيشُ في دوامةٍ كبيرة من الأفكار والإشكاليات المُعقَّدة.
يعتبرُ المفكر محمد عابد الجابري قامةً فكرية تركت إرثاً لا يُضاهى في تاريخ الفكر المغربي والعربي أيضا، وكانَ همُّ الجابري الفكري الأساسي تفحُّص العلاقة بين الحداثة والتحديث من جهة والتقليد والتراث من جهة ثانية، فجلُّ مجهوداتهِ الفكرية في هذا الباب انصبَّت على العلاقة أكثر مما انصبَّت على أحد طرفيها بالخصوص.
ينطلقُ الجابري من تصورٍ عادي للحداثة، حيث يرى أنها من جهة حركةٌ تاريخية كونية، وهي من جهة أخرى بنيةٌ فكرية مكوناها الأساسيان، العَقلانية والديمقراطية. وليس هذان المكونان في نظره بضاعة تُستورد، بل إنهما يتطلبان ممارسة منظمة وخاضعة لقواعد، أي يتطلَّبان ويفترضان ويشترطان ثقافة نظرية، لكن كذلك ثقافة عملية أو ممارسة.
أما عن الفلاسفة الغربيين الذين اهتموا كثيراً بالحداثة. بدأت بوادرُ الحداثة في أوروبا خلال القرن الثامن عشر، وظهورها الفِعلي خلال القرن التاسع عشر، بدايةً مع الفيلسوف النقدي، إيمانويل كانط، ثم مع الفيلسوف الجَدلي هيغل. من حيث نشأة الحداثة فيربطُ بعض الباحثين ظهورها مع ديكارت، ويذهب في هذا الاتجاه، غروندان، لتأسيس ديكارت فكرة المنهج: وهي الفكرة التي يرتكز عليها المشروع العلمي للأزمنة الحديثة وكذلك الحداثة.
تنحصر الحداثة عند كانط في بعدين رئيسين: التاريخي، وهو ذو دلالة مصيرية في تحديد مَسارات البشرية. والمعياري الذي يعتبرُ أساسياً في فهمِ تصنيف الحداثة تاريخياً وكرونولوجياً.
لقد تطرَّق الفيلسوف الألماني، هيغل، لهذا المفهوم وبإسهاب، حيث يرى أنَّ مبدأ الذاتية من أهمِّ سماتِ الحداثة، وقد سعى إلى مدحه، والإعلاء من شأنه في الفكر الحديث حتى عده أصلاً للحداثة ومنشأً لها، ولكنهُ، في الوقتِ نفسه، مَيَّزَ بين هذه الصورة من صور الذاتية، وهي الصورة المعتدلة العقلانية، وصورة أخرى متعالية.
ميز مارتن هايدغرسمات الحداثة في خمس خصائص: العلم، التقنية الميكانيكية، دخول الفن في الأسيتيقا، التأويل الثقافي لكل مساهمات التاريخ الإنساني، الانسلاخ عن المُقدَّس واستبعاده.
... الحداثة أن تصنعَ طريقة العيش الخاصة بك، وأن تبتعد عن شتم الدين، ولا تقول ألفاظا تمسُّ الناس المحيطين بك، لأنَّ الاعتقاد والفكر حريةٌ شخصية ولا يناقش. نريد من الشاب المغربي أنْ يبحث كثيرا، لأنَّ القول إنَّك حداثي، ودليلك على حداثتك السب والشتم وإطلاق العنان للكلمات النابية، كلُّ هذه التصرفات سحابةُ صيفٍ.