عندما تتحول كرة القدم إلى تجارة

15 يناير 2018
+ الخط -
تحولت كرة في الآونةِ الأخيرة تحولت كرة القدم إلى تجارة مربحة، فلم تعد تلك الكرة المصنوعة من الجلد لُعبةً نزيهة، واللاعبون يتنافسون بكلِّ روحٍ رياضية من أجل تسجيل الأهداف، وعند نهاية المباراة يحتضنون بعضهم بعضا من دون اكتراث لنتيجة المباراة.
في الوقت الراهن، وبعد هذا التطور التكنولوجي الرهيب، ودخول الشركات الإعلانية الكبرى إلى عالمِ الساحرة المُستديرة، أصبحت كرة القدم تجارة ورؤوس الأموال. والحديث عن التجارة في عالم كرةِ القدم فسحةٌ جميلة لرفعِ الغطاء عن مجموعة من الالتباسات التي عرفتها كرة القدم. في صيفِ 2009 وبعد انتهاء بطولة كأسِ القارات، جاء النبأُ العظيم، إنَّه خبرُ انتقال النجم البرتغالي، كريستيانو رونالدو، من مانشستر يونايتد إلى الفريق الملكي بصفقة قُدِّرت بحوالي 94 مليون يورو. هنا كانت الصدمة قوية على عالم كرة القدم، إنَّ هذه القيمة ربما تكون ميزانية فريقٍ في الدرجة الثالثة أو الرابعة في إسبانيا. ريال مدريد أيضا قام بتوقيعِ عقدٍ مُغْرٍ مع الويلزي، غاريث بيل، بقيمة 100 مليون يورو، وفي سنة 2016 دخلت الأندية الإنكليزية على الخط ولعلَّ أبرزها، مانشستر يونايتد، حين قام بجلب الفرنسي، بول بوغبا، من السيدة العجوز يوفنتوس بمبلغ كبير قُدِّرَ بـ 105 مليون يورو.
كلُّ هذه الصفقات تم اعتبارها باهظة الثمن، ولكن في صيفِ 2017 تم توقيعُ صفقةٍ مدوية، أثارت جدلاً كبيراً في الأوساط الرياضية، بعد أنْ قَدَّم فريق باريس سان جيرمان مبلغاً خيالياً من أجلِ جَلب اللاعب البرازيلي، نيمار، وبلغ رقم هذا المبلغ 220 مليون يورو، حينها تم قطعُ الشك باليقين أنَّ ما يَغلُبُ على كرةِ القدم هو الطابع المادي والإشهارات إلى غير ذلك.
حلَّ عامٌ جديد هو عامُ 2018، وانطلقت الانتقالات الشتوية، فانقضَّ الفريق الكتلوني على اللاعب البرازيلي، فيليب كوتينيهو، قادماً من فريق ليفربول، بعد أنْ فشلَ برشلونة بالتوقيع معه في الصيف المُنصرم، وجاء كوتينيهو إلى برشلونة بقيمة 160 مليون يورو. السؤال الذي يُطرح: ما الفائدة من جلب لاعب بمبلغٍ خيالي؟
أصبحت التجارة والأموال والسياحة تهيمنُ بشكل كبير على الأندية خصوصا الإنكليزية والإسبانية وباريس سان جيرمان، وهذا الأخير قام بصفقتين عظيمتين في صيف 2017 بالتوقيع مع الممثل نيمار والفرنسي الشاب كيليان مبابي المُنتقل من فريق الإمارة موناكو، بصفقة بلغت قيمتها حوالي 180 مليون يورو. إنَّ الأندية الأوروبية قامت بغزوٍ خطير لعالم المال والأعمال، وإن الدافع الرئيسي لهذه المبالغ التي تم إنفاقها هو أنْ تمتلك الصدارة في عالمِ المال وأن تتفنن في جذبِ أعظم الشركات الإعلانية والإشهارية، ناهيك عن جذب أكبر مؤسسات الرعاية للأندية.
بعد أنْ تم إنفاقُ هذه المبالغ الباهظة على اللاعبين بدافع إعلاني فقط، فقدت كرة القدم قيمتها، وغابَ فيها التنافس والندية، وتحولت إلى عالم كبير تغزوه الأموال والعملات الصعبة وهذا ما جعلها تفقد طعمها المعتاد.
إلى جانب هذه الصفقات المدوية التجارية، ما جعل كرة القدم لعبة تسويقية، هو اعتماد عدة تكنولوجيات أبرزها تكنولوجية الفيديو، وتم استخدامها في يورو 2016، وعانت المنتخبات من هذه التكنولوجية، وربما سيتم استخدامها أيضا في كأس العالم سنة 2018 المُقامةِ في روسيا. من بين سلبيات هذه التقنية، هو أن طعم الهدف فُقِدَ، وأصبح المهاجم يُسجل وينتظر قبوله من طرف الحكم بعد اطلاعه على الفيديو المسجل، وهذا يُسقِطُ قيمة كرة القدم كما عهدناها.
التجارة والأموال طغت في عالم كرة القدم، وأصبح كلُّ نادي يرغب في اعتلاء صدارة أكثر الأندية إنفاقاً في الميركاتو، سواءٌ الصيفي أو الشتوي، أو أنْ يصبح ذلك النادي هو النادي الأكثر امتلاكاً لنجومِ الساحرة المُستديرة، وأنْ تأتي الشركات الإشهارية والشركات الراعية من كلِّ بقاعِ العالم، دون أن ننسى أنَّ الهدف الرئيسي هو الريادة في القارةِ العجوز. هذه الأشكال التجارية المُربحة جعلت كرة القدم هي اللعبة الأكثر انتشاراً حول العالم، ولكنها ستؤدي إلى فقدان كرة القدم قيمتها المعروفة.
ومن بين أهم النتائج الوخيمة التي ستنتجُ عن هذه الصفقات التاريخية بأموالٍ كبيرة، نجد تبييض الأموال والتلاعب في المبارايات، والاختلاسات والهروب من الضرائب. كل هذه النتائج ستقوم بخلخلة كيانِ الساحرة المستديرة، وحينها ستتراجعُ قيمة كرة القدم على المستوى العالمي.
703AAA24-9999-41C2-878B-B36F619351EA
703AAA24-9999-41C2-878B-B36F619351EA
سفيان البراق (المغرب)
سفيان البراق (المغرب)