هو بنظر النظام عصيان، وبنظر الشعب انتفاضة. انتفض الشعب الإيراني في الأيام السابقة بسبب البطالة والفساد وغلاء المعيشة وارتفاع الأسعار بشكل جنوني. وتحوّلت المطالب لتصبح سياسية، وما لبثت أن بدأت دائرتها بالاتساع لتشمل مطالب حقوقية ونسائية ونسوية. تحرير الجسد ورفض القمع الذكوري بفرض الحجاب والتحرّر من سلطة رجال الدين كلها كانت عناوين حاضرة بشكل كبير في الحراك العام الإيراني. وبالرغم من حجب وسائل التواصل الاجتماعي من قبل النظام الإيراني، إلا أن الصور ما تزال تصلنا عن الانتفاضة الإيرانية. النساء في إيران يغزون الساحات العامة في الحراكات الشعبية. الصور التي تصلنا هي صور جريئة وقوية فيها "ستايتمانت" صارم عن حرية الجسد والربط بين العام والخاص. قد تكون بعض هذه الصور قديمة من حراكات سابقة، لكنها بالتأكيد استمرار تراكمي لوعي ونضال نسويين.
لا مجال للمقارنة بين الانتفاضات العربية والإيرانية، نظراً لوجود خصوصية لكل منها، لكن اللافت مشاركة النساء في الحراك السياسي العام. ففي مقارنة هذه المرحلة بمراحل سابقة حول انخراط النساء في الحياة السياسية والحراكات المجتمعية نجد أن ثمة منعطفاً جديداً بدأته النساء في إيران حين جعلن المطالب النسائية مطالب حقوقية سياسية عامة، وليست بحاجة إلى ساحات خاصة او أوقات أخرى للمطالبة بها. حين نقارن ما يحصل في إيران اليوم مع ما حصل في مصر خلال الربيع العربي، أو في لبنان خلال الحرب الأهلية، نجد أن مطالب النساء تم تحييدها لأن الأولوية كانت لـ"الحرية والديمقراطية" أو "الأرض والمقاومة". لا شك أن العسكرة والتدين هما من الأدوات الأساسية في أدوات النظام الذكوري القمعي، فهل يمكن للانتفاضة على الدين أن تكون أكثر جرأة أو حضوراً؟
في المقابل، أثارت مشاركة النساء في الحراك الشعبي في إيران نقاشاً وتبايناً في وجهات النظر. فهناك من النسويات الإيرانيات من يعتبرن أن تسليط الضوء على عدد من النساء في الواجهة لا يعني بالضرورة مشاركة نوعية لهن. ويضفن أن ذلك من شأنه أن يخدم الأجندة النسوية الغربية والإعلام الغربي الذي يتحمس لكل ما هو "إكزوتيك". وهناك من الناشطات الإيرانيات من يعتبرن أنه لا يجب النظر إلى مشاركة النساء في هذا الحراك بمعزل عن سنوات طويلة من النضال النسوي.
لا يزال من المبكر الحكم على نتائج هذا الحراك وإلى ما سيفضي، أو البدء بالتحليلات النسوية لنوعية المشاركة النسائية. لكن مما لا شك فيه هو أن مطلب تحرير النساء وأجسادهن من القمع الذكوري ووضعه ضمن المطالب التي شكّلت أساس هذا الحراك هو بحد ذاته منعطف في المشاركة السياسية للنساء في المنطقة ككل.
*ناشطة نسوية
اقــرأ أيضاً
لا مجال للمقارنة بين الانتفاضات العربية والإيرانية، نظراً لوجود خصوصية لكل منها، لكن اللافت مشاركة النساء في الحراك السياسي العام. ففي مقارنة هذه المرحلة بمراحل سابقة حول انخراط النساء في الحياة السياسية والحراكات المجتمعية نجد أن ثمة منعطفاً جديداً بدأته النساء في إيران حين جعلن المطالب النسائية مطالب حقوقية سياسية عامة، وليست بحاجة إلى ساحات خاصة او أوقات أخرى للمطالبة بها. حين نقارن ما يحصل في إيران اليوم مع ما حصل في مصر خلال الربيع العربي، أو في لبنان خلال الحرب الأهلية، نجد أن مطالب النساء تم تحييدها لأن الأولوية كانت لـ"الحرية والديمقراطية" أو "الأرض والمقاومة". لا شك أن العسكرة والتدين هما من الأدوات الأساسية في أدوات النظام الذكوري القمعي، فهل يمكن للانتفاضة على الدين أن تكون أكثر جرأة أو حضوراً؟
في المقابل، أثارت مشاركة النساء في الحراك الشعبي في إيران نقاشاً وتبايناً في وجهات النظر. فهناك من النسويات الإيرانيات من يعتبرن أن تسليط الضوء على عدد من النساء في الواجهة لا يعني بالضرورة مشاركة نوعية لهن. ويضفن أن ذلك من شأنه أن يخدم الأجندة النسوية الغربية والإعلام الغربي الذي يتحمس لكل ما هو "إكزوتيك". وهناك من الناشطات الإيرانيات من يعتبرن أنه لا يجب النظر إلى مشاركة النساء في هذا الحراك بمعزل عن سنوات طويلة من النضال النسوي.
لا يزال من المبكر الحكم على نتائج هذا الحراك وإلى ما سيفضي، أو البدء بالتحليلات النسوية لنوعية المشاركة النسائية. لكن مما لا شك فيه هو أن مطلب تحرير النساء وأجسادهن من القمع الذكوري ووضعه ضمن المطالب التي شكّلت أساس هذا الحراك هو بحد ذاته منعطف في المشاركة السياسية للنساء في المنطقة ككل.
*ناشطة نسوية