17 ديسمبر 2022
عن ماكينات الصرف الآلي و"مقالبها"
قبل أكثر من سنوات تلقيت اتصالاً من رقم تليفون لا أعرفه:
- أستاذ مصطفى؟
- نعم، أنا هو، تحت أمرك.
- أنا الفنان "ع. م".
- أهلا بحضرتك، أتابع أدوارك الراقية والهادفة سواء في السينما أو التلفزيون.
- "ربنا يحفظك"، قالها بصوت هادئ يشبه صوته في أدواره الأخيرة، وواصل كلامه "عندي مشكلة، وقالوا لي إنك أنت من ستحلها".
- حاضر، أعرف أولاً نوع المشكلة ونحدد معاً كيفية حلها.
وسرد الفنان المشهور مشكلته، قائلاً: "كنت أسحب مبلغاً من المال من إحدى ماكينات الصرف الآلي ATM الواقعة بأحد المولات الشهيرة الواقعة في مدخل طريق القاهرة إسكندرية الصحراوي، وعقب إتمام العملية وإدخال كلمة سر البطاقة وتحديد المبلغ الذي أردت سحبه، جاءني اتصال تليفوني فانشغلت به عن سحب الفلوس التي خرجت بالفعل من الماكينة حيث رأيتها بنفسي، وعقب انتهاء المكالمة عدت للماكينة فلم أجد الأموال المسحوبة وكأنها فص ملح وذاب".
سألته بسرعة: هل كان أحد يقف خلفك وأنت تسحب النقود من الماكينة، وبالتالي يكون هو من أخذها؟ نفى ذلك قائلاً: "أنا كنت أسحب لوحدي، لا يوجد طابور على الماكينة على غير العادة لأن الوقت كان متأخرا"، فقلت له: "هل كان أحد قريب من الماكينة بحيث يكون قد لاحظ خروج النقود وأخذها عندما ابتعدت عن الـATM لترد على المكالمة التليفونية".
سكت الفنان لبرهة وكأنه يفكر، وعاد ليقول: "لا، لم يكن هناك أحد.. الجو من حولي كان هادئا لأن الماكينة لا تقع في قلب المول بل خارجه وبعيدة عن البوابة الرئيسية".
قلت له: "إذا نحن أمام الاحتمال الثالث، وهو أن النقود خرجت بالفعل من الماكينة وانتظرت زمنها المحدد وهو عدة ثوانٍ ثم عادت إلى قلب الماكينة مرة أخرى".
فقال: "هذا الاحتمال الأقوى، لكن المشكلة أن البنك لا يعترف بذلك حيث يصر على أنني سحبت النقود وأخذتها عقب خروج البطاقة من الماكينة"، عدت لأطمئنه قائلا: "لا تقلق، ما يحكم هذه الأمور أمران، الأول الكاميرا الموضوعة أعلى الماكينة أو بداخلها، والثاني حجم الأموال التي يتم حصرها عند تزويد الماكينة بنقود جديدة".
فعاد وسأل: "وهل التأكد من قبل البنك يستغرق وقتا"، فقلت له "لا، لأن مدير الفرع أو من يفوضه يمكنه القيام بهذه المهمة في نفس اليوم، المهم قدم شكوى للبنك حتى يتم البدء في إجراءات رد المبلغ لحسابك في البطاقة أو البنك".
موظفو الحكومة
حالة الفنان المعروف ما هي إلا سلسلة طويلة عاشها الملايين منا مع مقالب ماكينات وأجهزة الصرف الآلي التي بدأت تنتشر على نطاق واسع، خاصة مع قرار الحكومات والأجهزة الرسمية تعميم تجربة البطاقات البلاستيكية على الموظفين، بحيث يتلقّى الموظف راتبه عن طريق البطاقة أو الصراف الإلكتروني وليس عن طريق الصراف البشري كما جرت العادة، كما سبق القطاع الخاص الحكومات في نشر هذه البطاقات توفيراً لرواتب الصرافين والمحاسبين.
ومع حرص البنوك على نشر الثقافة المصرفية وتخفيف الزحام عن فروعها ومقارها تواصل نشر ماكينات الصرف الآلي، خاصة في أماكن تجمع مقار المؤسسات الحكومية والشركات والمولات التجارية والأندية الرياضية والأسواق التجارية، كما تحرص أيضاً على نشر نقاط البيع الإلكترونية المعروفة اختصارا باسم BOS، والتي تمكن حائزي البطاقات البلاستيكية من شراء احتياجاتهم من السلع والخدمات والسداد لاحقاً في حال حيازة بطاقة ائتمان أو السحب مباشرة من حسابه المصرفي إذا كان يملك حساباً مصرفياً وبطاقة خصم.
ومع الانتشار السريع لماكينات الصراف الآلي تتنوع المقالب التي يتعرض لها المتعاملون معها، وتزداد هذه المقالب مع حائزي البطاقات الجدد وحديثي التعامل مع هذه الماكينات، خاصة أولئك الذين لا يجيدون القراءة والكتابة أو لا يعرفون اللغة الإنكليزية، بعض هذه المقالب عايشتها بنفسي والبعض الآخر سمعت عنها.
ومن بين هذه المقالب التي عشتها بنفسي أنني مررت بنفس تجربة الفنان المصري المشهور، لكن الله ستر، فعقب الانتهاء من إجراءات السحب من ماكينة تقع بأحد المولات التجارية تلقيت اتصالاً تليفونياً، تركت الطابور رغم أن صوت الماكينة يؤكد بدء تنفيذ العملية وإخراج النقود، لم أنتبه لذلك إلا أن شخصاً صينياً كان يقف خلفي جرى خلفي ونبهني أن الماكينة أخرجت النقود وأنني تركتها، رجعت واسترددت نقودي وشكرته.
السيستم واقع
أشهر كلمة يكرهها حائزو البطاقات البلاستيكية، خاصة موظفي الحكومة الذين يتدافعون على الصرافات الآلية بداية كل شهر لتلقي رواتبهم، وما إن يبدأ الواحد من هؤلاء في إجراءات سحب الراتب الشهري وتعلو البسمة وجهه حتى تأتيه رسالة صادمة تخرج من داخل الماكينة تعتذر فيها عن تلبية طلبه والإفراج عن النقود التي تخبئها في بطنها، وقد يواجه الموظف الرسالة الشهيرة "الماكينة معطلة مؤقتاً"، أو "الماكينة خارج نطاق الخدمة"، أو قد تجد ورقة معلقة على الماكينة مكتوب عليها نفس المضمون السابق وتنصحك بالتوجه لأقرب ماكينة، وما إن تتوجه لأقرب ماكينة حتى تجد نفس الورقة أو الرسالة.
ووقوع السيستم يعني، إما أن الاتصال مقطوع بين البنك والماكينة التي تتعامل معها، وبالتالي لا تستطيع الماكينة تنفيذ أوامر السحب أو الإيداع أو إتمام أي عملية مصرفية من العمليات المكلفة بتنفيذها ومنها سداد فواتير النفع العام "تليفون أرضي، تليفون محمول، كهرباء، ومياه أو إصدار شيكات أو غيرها"، وقد يعني وقوع السيستم أن الفلوس التي بداخل الماكينة قد نفذت، وبالتالي تنتظر قيام البنك بتزويدها بنقود جديدة، وتحدث هذه المشكلة أمام الماكينات التي تقع أسفل الوزارات والمصالح الحكومية والتي يزداد الإقبال عليها خاصة مع بداية ونهاية كل شهر، وزارة المالية مثلاً، البنك المركزي، مجمع التحرير الذي يضم مئات المصالح الحكومية ويتردد عليه عشرات الآلاف من المواطنين والموظفين يومياً.
احذر من المحتالين
في أحيان كثيرة تصدر البنوك البطاقات البلاستيكية، سواء كانت بطاقات ائتمان أو خصم، من دون تعريف حائزها بكيفية ومخاطر استخدامها أو كيفية الحفاظ عليها من السرقة والنصب والقرصنة، وبالتالي يكون العديد منا عرضة للنصب والاحتيال من قبل أشخاص يقفون بالقرب من الماكينات ويراقبون من يسحب النقود.
شخصياً، في إحدى المرات وجدت شخصاً يقف أمام الماكينة ولا يعرف كيفية التعامل مع هذا العالم الغريب، ظننت بداية أنه جاء لمشاهدة شيء لم يره من قبل، لكنه أبلغني أن راتبه داخل هذه الماكينة ويريد أن يسحبه أو يحرره كما قال بوجه باسم.
وبسرعة زودني بالبطاقة التي بحوزته ثم مد يده اليسرى بورقة مدون عليها كلمة السر، انزعجت لسلوكه خوفاً عليه لأن أي لص أو محتال يمكنه بسهولة ومن خلال الحصول على كلمة السر أن يسحب راتب هذا الموظف المسكين، لكنني عذرته، لأنه لم يجد من يعلمه كيفية الحفاظ على كلمة السر والبطاقة، وأنه لا يجوز وضعهما في حافظة نقود واحدة.
عقب إتمام عملية السحب وقفت أعلمه كيفية استخدام الماكينة والحفاظ على البطاقة وكلمة السر، وأنه لا يجب وضعهما في حافظة نقود واحدة حتى إذا ما سرقت المحفظة فإن اللص لن يستطع استخدامها، لأن كلمة السر لن تكون بحوزته، وأنه عند السحب يجب أن يخفي الشخص كلمة السر عمن حوله وألا يعطي الفرصة لمن يقف خلفه بالتعرف إلى كلمة السر الخاصة به.
عزومة في نهاية سوداء
تعزم أصدقاء على العشاء في أحد المطاعم، وفي نهاية العشاء تطلب الحساب، وتمد يدك بالبطاقة التي في حوزتك فتأتيك الكلمة الشهيرة "نعتذر.. لا نقبل الدفع بالبطاقات" أو أن "السيستم واقع"، كلمتان مشهورتان، خاصة في المطاعم التي تفضل السداد النقدي رغم حيازتها نقطة دفع إلكترونية ربما من باب الوجاهة، لا يهم سأذهب لأقرب ماكينة لسحب المبلغ المطلوب والعودة من دون أن يشعر الأصدقاء، تقترب من أول ماكينة صرف وبسرعة تلقمها الكارت الذي بحوزتك فتأتيك أسوأ رسالة تسمعها في الوقت الحرج وهي أن السيستم واقع والماكينة خارج نطاق الخدمة.
تحاول مرة أخرى ربما عادت الماكينة للعمل في تلك اللحظات الصعبة فتعاند الماكينة معك بل وتعاقبك بسحب الكارت على إصرارك على أن تخرج نقوداً من باطنها، هنا تقع في مشاكل كبيرة أقلها الحرج أمام أصدقائك وصاحب المطعم وأمام نفسك بالدرجة الأولى، وربما يتخيل صاحب المطعم أنك نصاب إن لم يكن لك سابق معرفة معه فيطلب لك الشرطة، والحل إما أن تتفاهم مع صاحب المطعم بالحسنى إذا كان هناك سابقة تعارف، أو أن تترك موبايلك أو ساعتك رهنا حتى تذهب وتعود بالمبلغ المطلوب.
الوزير اللص
مقالب ماكينات الصراف الآلي لا تقتصر على الصغار فقط، بل تمتد للكبار أيضاً، فقبل نحو 25 سنة سافر وزير مصري إلى الخارج في مهمة رسمية، وكان لديه مدير مكتب شاطر على اطلاع بما يدور بالجديد في الدول الغربية والأنشطة المصرفية الحديثة والتوسع في استخدام بطاقات الائتمان، خاصة في عمليات سداد مستحقات الفندق أو التاكسي أو حجز الطيران وغيرها.
المدير نصح الوزير بحيازة بطاقة ائتمان لراحته واختصاراً لوقته، وقال له إنه في حال حاجته إلى نقود يمكنه السحب من ماكينات الصراف الآلي المنتشرة في شوارع العاصمة البريطانية لندن التي سيزورها، الوزير أعجب بالفكرة وبرقت عيناه وكأنه حصل على كنز علي بابا، وبالفعل تم تزويده ببطاقة بها رصيد كبير، وما إن وصل إلى لندن وهات يا سحب من الماكينة الواقعة داخل الفندق الذي يقيم به.
وبعد عودته إلى القاهرة أرسل البنك للوزير كشفاً إلى مكتبه يطالبه فيه بسداد ما سحبه من مبالغ كبيرة من ماكينات لندن، هنا نظر الوزير للكشف باستغراب، قائلا لمدير مكتبه إنه لم يسحب كل هذه الأموال، وأن البنك كذاب وأن شخصاً ربما يكون هو من فعل ذلك، البنك أصر على أن كشف الحساب صحيح وأصر كذلك على السداد، وأصر ثالثاً على أن الوزير هو من سحب هذه الأموال وليس شخصاً غيره، وعاد الوزير لينكر، فما كان من البنك إلا أن أرسل فيديو لمقر مجلس الوزراء ومكتب الوزير يصور الوزير صوتاً وصورة أثناء سحبه من ماكينات الصرف الآلي، هنا ارتبك الوزير لأنه لم يكن يعرف أن هذه الماكينات مزودة بكاميرات، وهنا دفع ما عليه وهو ساكت.
- أستاذ مصطفى؟
- نعم، أنا هو، تحت أمرك.
- أنا الفنان "ع. م".
- أهلا بحضرتك، أتابع أدوارك الراقية والهادفة سواء في السينما أو التلفزيون.
- "ربنا يحفظك"، قالها بصوت هادئ يشبه صوته في أدواره الأخيرة، وواصل كلامه "عندي مشكلة، وقالوا لي إنك أنت من ستحلها".
- حاضر، أعرف أولاً نوع المشكلة ونحدد معاً كيفية حلها.
وسرد الفنان المشهور مشكلته، قائلاً: "كنت أسحب مبلغاً من المال من إحدى ماكينات الصرف الآلي ATM الواقعة بأحد المولات الشهيرة الواقعة في مدخل طريق القاهرة إسكندرية الصحراوي، وعقب إتمام العملية وإدخال كلمة سر البطاقة وتحديد المبلغ الذي أردت سحبه، جاءني اتصال تليفوني فانشغلت به عن سحب الفلوس التي خرجت بالفعل من الماكينة حيث رأيتها بنفسي، وعقب انتهاء المكالمة عدت للماكينة فلم أجد الأموال المسحوبة وكأنها فص ملح وذاب".
سألته بسرعة: هل كان أحد يقف خلفك وأنت تسحب النقود من الماكينة، وبالتالي يكون هو من أخذها؟ نفى ذلك قائلاً: "أنا كنت أسحب لوحدي، لا يوجد طابور على الماكينة على غير العادة لأن الوقت كان متأخرا"، فقلت له: "هل كان أحد قريب من الماكينة بحيث يكون قد لاحظ خروج النقود وأخذها عندما ابتعدت عن الـATM لترد على المكالمة التليفونية".
سكت الفنان لبرهة وكأنه يفكر، وعاد ليقول: "لا، لم يكن هناك أحد.. الجو من حولي كان هادئا لأن الماكينة لا تقع في قلب المول بل خارجه وبعيدة عن البوابة الرئيسية".
قلت له: "إذا نحن أمام الاحتمال الثالث، وهو أن النقود خرجت بالفعل من الماكينة وانتظرت زمنها المحدد وهو عدة ثوانٍ ثم عادت إلى قلب الماكينة مرة أخرى".
فقال: "هذا الاحتمال الأقوى، لكن المشكلة أن البنك لا يعترف بذلك حيث يصر على أنني سحبت النقود وأخذتها عقب خروج البطاقة من الماكينة"، عدت لأطمئنه قائلا: "لا تقلق، ما يحكم هذه الأمور أمران، الأول الكاميرا الموضوعة أعلى الماكينة أو بداخلها، والثاني حجم الأموال التي يتم حصرها عند تزويد الماكينة بنقود جديدة".
فعاد وسأل: "وهل التأكد من قبل البنك يستغرق وقتا"، فقلت له "لا، لأن مدير الفرع أو من يفوضه يمكنه القيام بهذه المهمة في نفس اليوم، المهم قدم شكوى للبنك حتى يتم البدء في إجراءات رد المبلغ لحسابك في البطاقة أو البنك".
موظفو الحكومة
حالة الفنان المعروف ما هي إلا سلسلة طويلة عاشها الملايين منا مع مقالب ماكينات وأجهزة الصرف الآلي التي بدأت تنتشر على نطاق واسع، خاصة مع قرار الحكومات والأجهزة الرسمية تعميم تجربة البطاقات البلاستيكية على الموظفين، بحيث يتلقّى الموظف راتبه عن طريق البطاقة أو الصراف الإلكتروني وليس عن طريق الصراف البشري كما جرت العادة، كما سبق القطاع الخاص الحكومات في نشر هذه البطاقات توفيراً لرواتب الصرافين والمحاسبين.
ومع حرص البنوك على نشر الثقافة المصرفية وتخفيف الزحام عن فروعها ومقارها تواصل نشر ماكينات الصرف الآلي، خاصة في أماكن تجمع مقار المؤسسات الحكومية والشركات والمولات التجارية والأندية الرياضية والأسواق التجارية، كما تحرص أيضاً على نشر نقاط البيع الإلكترونية المعروفة اختصارا باسم BOS، والتي تمكن حائزي البطاقات البلاستيكية من شراء احتياجاتهم من السلع والخدمات والسداد لاحقاً في حال حيازة بطاقة ائتمان أو السحب مباشرة من حسابه المصرفي إذا كان يملك حساباً مصرفياً وبطاقة خصم.
ومع الانتشار السريع لماكينات الصراف الآلي تتنوع المقالب التي يتعرض لها المتعاملون معها، وتزداد هذه المقالب مع حائزي البطاقات الجدد وحديثي التعامل مع هذه الماكينات، خاصة أولئك الذين لا يجيدون القراءة والكتابة أو لا يعرفون اللغة الإنكليزية، بعض هذه المقالب عايشتها بنفسي والبعض الآخر سمعت عنها.
ومن بين هذه المقالب التي عشتها بنفسي أنني مررت بنفس تجربة الفنان المصري المشهور، لكن الله ستر، فعقب الانتهاء من إجراءات السحب من ماكينة تقع بأحد المولات التجارية تلقيت اتصالاً تليفونياً، تركت الطابور رغم أن صوت الماكينة يؤكد بدء تنفيذ العملية وإخراج النقود، لم أنتبه لذلك إلا أن شخصاً صينياً كان يقف خلفي جرى خلفي ونبهني أن الماكينة أخرجت النقود وأنني تركتها، رجعت واسترددت نقودي وشكرته.
السيستم واقع
أشهر كلمة يكرهها حائزو البطاقات البلاستيكية، خاصة موظفي الحكومة الذين يتدافعون على الصرافات الآلية بداية كل شهر لتلقي رواتبهم، وما إن يبدأ الواحد من هؤلاء في إجراءات سحب الراتب الشهري وتعلو البسمة وجهه حتى تأتيه رسالة صادمة تخرج من داخل الماكينة تعتذر فيها عن تلبية طلبه والإفراج عن النقود التي تخبئها في بطنها، وقد يواجه الموظف الرسالة الشهيرة "الماكينة معطلة مؤقتاً"، أو "الماكينة خارج نطاق الخدمة"، أو قد تجد ورقة معلقة على الماكينة مكتوب عليها نفس المضمون السابق وتنصحك بالتوجه لأقرب ماكينة، وما إن تتوجه لأقرب ماكينة حتى تجد نفس الورقة أو الرسالة.
ووقوع السيستم يعني، إما أن الاتصال مقطوع بين البنك والماكينة التي تتعامل معها، وبالتالي لا تستطيع الماكينة تنفيذ أوامر السحب أو الإيداع أو إتمام أي عملية مصرفية من العمليات المكلفة بتنفيذها ومنها سداد فواتير النفع العام "تليفون أرضي، تليفون محمول، كهرباء، ومياه أو إصدار شيكات أو غيرها"، وقد يعني وقوع السيستم أن الفلوس التي بداخل الماكينة قد نفذت، وبالتالي تنتظر قيام البنك بتزويدها بنقود جديدة، وتحدث هذه المشكلة أمام الماكينات التي تقع أسفل الوزارات والمصالح الحكومية والتي يزداد الإقبال عليها خاصة مع بداية ونهاية كل شهر، وزارة المالية مثلاً، البنك المركزي، مجمع التحرير الذي يضم مئات المصالح الحكومية ويتردد عليه عشرات الآلاف من المواطنين والموظفين يومياً.
احذر من المحتالين
في أحيان كثيرة تصدر البنوك البطاقات البلاستيكية، سواء كانت بطاقات ائتمان أو خصم، من دون تعريف حائزها بكيفية ومخاطر استخدامها أو كيفية الحفاظ عليها من السرقة والنصب والقرصنة، وبالتالي يكون العديد منا عرضة للنصب والاحتيال من قبل أشخاص يقفون بالقرب من الماكينات ويراقبون من يسحب النقود.
شخصياً، في إحدى المرات وجدت شخصاً يقف أمام الماكينة ولا يعرف كيفية التعامل مع هذا العالم الغريب، ظننت بداية أنه جاء لمشاهدة شيء لم يره من قبل، لكنه أبلغني أن راتبه داخل هذه الماكينة ويريد أن يسحبه أو يحرره كما قال بوجه باسم.
وبسرعة زودني بالبطاقة التي بحوزته ثم مد يده اليسرى بورقة مدون عليها كلمة السر، انزعجت لسلوكه خوفاً عليه لأن أي لص أو محتال يمكنه بسهولة ومن خلال الحصول على كلمة السر أن يسحب راتب هذا الموظف المسكين، لكنني عذرته، لأنه لم يجد من يعلمه كيفية الحفاظ على كلمة السر والبطاقة، وأنه لا يجوز وضعهما في حافظة نقود واحدة.
عقب إتمام عملية السحب وقفت أعلمه كيفية استخدام الماكينة والحفاظ على البطاقة وكلمة السر، وأنه لا يجب وضعهما في حافظة نقود واحدة حتى إذا ما سرقت المحفظة فإن اللص لن يستطع استخدامها، لأن كلمة السر لن تكون بحوزته، وأنه عند السحب يجب أن يخفي الشخص كلمة السر عمن حوله وألا يعطي الفرصة لمن يقف خلفه بالتعرف إلى كلمة السر الخاصة به.
عزومة في نهاية سوداء
تعزم أصدقاء على العشاء في أحد المطاعم، وفي نهاية العشاء تطلب الحساب، وتمد يدك بالبطاقة التي في حوزتك فتأتيك الكلمة الشهيرة "نعتذر.. لا نقبل الدفع بالبطاقات" أو أن "السيستم واقع"، كلمتان مشهورتان، خاصة في المطاعم التي تفضل السداد النقدي رغم حيازتها نقطة دفع إلكترونية ربما من باب الوجاهة، لا يهم سأذهب لأقرب ماكينة لسحب المبلغ المطلوب والعودة من دون أن يشعر الأصدقاء، تقترب من أول ماكينة صرف وبسرعة تلقمها الكارت الذي بحوزتك فتأتيك أسوأ رسالة تسمعها في الوقت الحرج وهي أن السيستم واقع والماكينة خارج نطاق الخدمة.
تحاول مرة أخرى ربما عادت الماكينة للعمل في تلك اللحظات الصعبة فتعاند الماكينة معك بل وتعاقبك بسحب الكارت على إصرارك على أن تخرج نقوداً من باطنها، هنا تقع في مشاكل كبيرة أقلها الحرج أمام أصدقائك وصاحب المطعم وأمام نفسك بالدرجة الأولى، وربما يتخيل صاحب المطعم أنك نصاب إن لم يكن لك سابق معرفة معه فيطلب لك الشرطة، والحل إما أن تتفاهم مع صاحب المطعم بالحسنى إذا كان هناك سابقة تعارف، أو أن تترك موبايلك أو ساعتك رهنا حتى تذهب وتعود بالمبلغ المطلوب.
الوزير اللص
مقالب ماكينات الصراف الآلي لا تقتصر على الصغار فقط، بل تمتد للكبار أيضاً، فقبل نحو 25 سنة سافر وزير مصري إلى الخارج في مهمة رسمية، وكان لديه مدير مكتب شاطر على اطلاع بما يدور بالجديد في الدول الغربية والأنشطة المصرفية الحديثة والتوسع في استخدام بطاقات الائتمان، خاصة في عمليات سداد مستحقات الفندق أو التاكسي أو حجز الطيران وغيرها.
المدير نصح الوزير بحيازة بطاقة ائتمان لراحته واختصاراً لوقته، وقال له إنه في حال حاجته إلى نقود يمكنه السحب من ماكينات الصراف الآلي المنتشرة في شوارع العاصمة البريطانية لندن التي سيزورها، الوزير أعجب بالفكرة وبرقت عيناه وكأنه حصل على كنز علي بابا، وبالفعل تم تزويده ببطاقة بها رصيد كبير، وما إن وصل إلى لندن وهات يا سحب من الماكينة الواقعة داخل الفندق الذي يقيم به.
وبعد عودته إلى القاهرة أرسل البنك للوزير كشفاً إلى مكتبه يطالبه فيه بسداد ما سحبه من مبالغ كبيرة من ماكينات لندن، هنا نظر الوزير للكشف باستغراب، قائلا لمدير مكتبه إنه لم يسحب كل هذه الأموال، وأن البنك كذاب وأن شخصاً ربما يكون هو من فعل ذلك، البنك أصر على أن كشف الحساب صحيح وأصر كذلك على السداد، وأصر ثالثاً على أن الوزير هو من سحب هذه الأموال وليس شخصاً غيره، وعاد الوزير لينكر، فما كان من البنك إلا أن أرسل فيديو لمقر مجلس الوزراء ومكتب الوزير يصور الوزير صوتاً وصورة أثناء سحبه من ماكينات الصرف الآلي، هنا ارتبك الوزير لأنه لم يكن يعرف أن هذه الماكينات مزودة بكاميرات، وهنا دفع ما عليه وهو ساكت.