04 نوفمبر 2014
عن سؤال "مَن ربح الحرب؟"
بعد كل مواجهة مع إسرائيل، يُثار سؤال: هل نحن أم هم مَن ربح هذه الحرب؟ وبعدما أصبح السلام "خياراً استراتيجياً" للقمم العربية، أصبح الجدل بشأن هذا السؤال حامياً أكثر. امتدت المساحة التي ينتشر فيها هذا الجدل من وسائل الإعلام ونقاشات السياسيين إلى المجالس العامة ومواقع التواصل الاجتماعي.
أنصار التسوية مع إسرائيل يسردون بكائيةً عن الضحايا نتيجة العنف الإسرائيلي المُقابل، في رأيهم، لعنف المقاومة، ويضيفون، في هذه البكائية، حديثاً عن ضعف أدوات المقاومة، وقوة أدوات إسرائيل في المواجهة العسكرية. الرد عند هؤلاء على ضعف أدوات المقاومة ليس المطالبة بتقويتها، ودعم ذخيرتها وزادها، بل المطالبة بأن لا تكون هناك مقاومة. وفي مرحلة متقدمة، وعند بعض هؤلاء، يتماهى خطاب التسوية مع الخطاب الأميركي ـ الإسرائيلي عن حركات المقاومة، ونعتها بالإرهاب.
أما أنصار المقاومة فيسعون إلى إثبات إلى أي مدى أحدثت المواجهة ضرراً ما بالعدو، كما أنهم يشرحون أن مثل هذا النوع من المواجهات لا يُحسم بتعداد رقمي للضحايا، أو حصرٍ مادي للأضرار لدى الطرفين.
إذن، فكلا الطرفين يتخيّل أنه يقف أمام ميزان ذي كفتين، وحين يضع خياره في كفّة وخيار خصمه في الكفة الأخرى، فإن كفّة خياره ستنجح، ورجوح كفة خياره تعني أن خياره بالمقاومة، أو التسوية، هو الأكثر نجاعة وفائدة.
كل من الطرفين ينظر بعين الرضا إلى خياره، بمقدار مكاسبه والغنائم التي يجلبها. أنصار المقاومة يرون مكاسبها أعظم من مكاسب التسوية، وأنصار التسوية يرون فيها الخيار الذي سيجلب الخير والمنفعة. لدى كل من الطرفين باعث المقاومة، أو باعث التسوية، هو النتائج المترتبة عليهما.
يختفي في هذه المقاربة دافع "الشعور بالواجب" الذي يجعلنا نقوم بما نقوم به، بغضّ النظر عمّا يترتّب عليه.
يقع الطرفان، من طريقين مختلفين، في مبدأ يقول: "إننا سنخوض الحرب حين نكون متأكدين من أننا سنكسبها، ونُحجم عنها حين تتزايد احتمالية خسارتنا لها"... هذا هو منطق تعداد حصيلة الربح والخسارة.
هذه المقاربة النفعية تُحوّل المقاومة من فعلٍ باعثه رفض الظلم وطلب الحق، إلى فعلٍ مربوط بنتائج تشبه التي كان يبحث عنها الأباطرة والسلاطين والاستعماريات، حين كانوا يرسلون جيوشهم بحثاً عن مزيد من الأرض والأتباع والثروة.
إننا حين ندخل إلى المجال العام ونخوض في القضايا العامة، فإننا نفعل ذلك بدافع إيماننا بأن هناك واقعاً ينحرف عن المثال الذي في أذهاننا، وعن الحلم الذي في أمنياتنا، نفعل ذلك بدافع أن هذه الحياة ليست عادلة كما يجب، وأننا نستطيع بفعلنا الواعي أن نجعلها أرقى وأقرب إلى الكمال. في أدبيات المقاومة، يقاوم المقاوم لا ليكسب كسباً من نوع معيّن، بل ليرفض الظلم أيضاً، ويتماهى مع فطرة الإنسان. كانت المقاومة الفعل الطبيعي لكل الذين تعرضوا للظلم، وحين يقع الظلم على أمةٍ، باحتلال أرضها وتشريد ساكنيها، فإن المقاومة تصبح واجباً قومياً، إلى جانب أنها تمثّلُ تعاطياً إنسانياً سوياً مع واقعٍ، مثل واقع الاحتلال.
في فلسطين أصل القضية هو الظلم والسطو الصهيوني على أرض عربية، وتهجير أهلها منها، والإحلال الاستيطاني مكانهم. وبغضّ النظر عمّا يترتّب على رفض هذا السطو التاريخي أو قبوله، فالواجب هو رفضه ومقاومته، لأنه ظلم صريح. أما قبوله والمناداة بتطبيعه، فإن ذلك يعني أن هناك سطواً على التاريخ وإعادة لتعريف ما جرى في فلسطين على يد الصهاينة، ويعني ذلك، أيضاً، أن هناك سطواً على الإنسان وفطرته وجعله خنوعاً للظلم مستسلماً لنتائجه.
أنصار التسوية مع إسرائيل يسردون بكائيةً عن الضحايا نتيجة العنف الإسرائيلي المُقابل، في رأيهم، لعنف المقاومة، ويضيفون، في هذه البكائية، حديثاً عن ضعف أدوات المقاومة، وقوة أدوات إسرائيل في المواجهة العسكرية. الرد عند هؤلاء على ضعف أدوات المقاومة ليس المطالبة بتقويتها، ودعم ذخيرتها وزادها، بل المطالبة بأن لا تكون هناك مقاومة. وفي مرحلة متقدمة، وعند بعض هؤلاء، يتماهى خطاب التسوية مع الخطاب الأميركي ـ الإسرائيلي عن حركات المقاومة، ونعتها بالإرهاب.
أما أنصار المقاومة فيسعون إلى إثبات إلى أي مدى أحدثت المواجهة ضرراً ما بالعدو، كما أنهم يشرحون أن مثل هذا النوع من المواجهات لا يُحسم بتعداد رقمي للضحايا، أو حصرٍ مادي للأضرار لدى الطرفين.
إذن، فكلا الطرفين يتخيّل أنه يقف أمام ميزان ذي كفتين، وحين يضع خياره في كفّة وخيار خصمه في الكفة الأخرى، فإن كفّة خياره ستنجح، ورجوح كفة خياره تعني أن خياره بالمقاومة، أو التسوية، هو الأكثر نجاعة وفائدة.
كل من الطرفين ينظر بعين الرضا إلى خياره، بمقدار مكاسبه والغنائم التي يجلبها. أنصار المقاومة يرون مكاسبها أعظم من مكاسب التسوية، وأنصار التسوية يرون فيها الخيار الذي سيجلب الخير والمنفعة. لدى كل من الطرفين باعث المقاومة، أو باعث التسوية، هو النتائج المترتبة عليهما.
يختفي في هذه المقاربة دافع "الشعور بالواجب" الذي يجعلنا نقوم بما نقوم به، بغضّ النظر عمّا يترتّب عليه.
يقع الطرفان، من طريقين مختلفين، في مبدأ يقول: "إننا سنخوض الحرب حين نكون متأكدين من أننا سنكسبها، ونُحجم عنها حين تتزايد احتمالية خسارتنا لها"... هذا هو منطق تعداد حصيلة الربح والخسارة.
هذه المقاربة النفعية تُحوّل المقاومة من فعلٍ باعثه رفض الظلم وطلب الحق، إلى فعلٍ مربوط بنتائج تشبه التي كان يبحث عنها الأباطرة والسلاطين والاستعماريات، حين كانوا يرسلون جيوشهم بحثاً عن مزيد من الأرض والأتباع والثروة.
إننا حين ندخل إلى المجال العام ونخوض في القضايا العامة، فإننا نفعل ذلك بدافع إيماننا بأن هناك واقعاً ينحرف عن المثال الذي في أذهاننا، وعن الحلم الذي في أمنياتنا، نفعل ذلك بدافع أن هذه الحياة ليست عادلة كما يجب، وأننا نستطيع بفعلنا الواعي أن نجعلها أرقى وأقرب إلى الكمال. في أدبيات المقاومة، يقاوم المقاوم لا ليكسب كسباً من نوع معيّن، بل ليرفض الظلم أيضاً، ويتماهى مع فطرة الإنسان. كانت المقاومة الفعل الطبيعي لكل الذين تعرضوا للظلم، وحين يقع الظلم على أمةٍ، باحتلال أرضها وتشريد ساكنيها، فإن المقاومة تصبح واجباً قومياً، إلى جانب أنها تمثّلُ تعاطياً إنسانياً سوياً مع واقعٍ، مثل واقع الاحتلال.
في فلسطين أصل القضية هو الظلم والسطو الصهيوني على أرض عربية، وتهجير أهلها منها، والإحلال الاستيطاني مكانهم. وبغضّ النظر عمّا يترتّب على رفض هذا السطو التاريخي أو قبوله، فالواجب هو رفضه ومقاومته، لأنه ظلم صريح. أما قبوله والمناداة بتطبيعه، فإن ذلك يعني أن هناك سطواً على التاريخ وإعادة لتعريف ما جرى في فلسطين على يد الصهاينة، ويعني ذلك، أيضاً، أن هناك سطواً على الإنسان وفطرته وجعله خنوعاً للظلم مستسلماً لنتائجه.