13 نوفمبر 2024
عن خلافات روسية إيرانية في سورية
نتج عن زيارة رئيس حكومة إسرائيل، بنيامين نتنياهو، أخيرا إلى روسيا، رغبة الأخيرة في تشكيل مجموعة دولية لمتابعة الشأن السوري، وتقديم مبادرة جديدة، تستجيب للشروط الدولية، وللتغيرات التي حدثت في الواقع، أقلّهُ منذ صدور قرار مجلس الأمن 2254، في أواخر عام 2015، وبما ينسجم معه، وبالتالي هناك جديدٌ يتعلقُ باتساع فجوة الخلاف بين روسيا وإيران، وعودة روسيا إلى القرار المذكور، وعدم الاعتماد على مسار سوتشي وحده.
يدعم الأفكار السابقة الخلاص من تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وقبله من الفصائل كافة، و"ضبط" المتبقية منها تحت سيطرة تركيا، شريكةِ روسيا في مسارات أستانة وسوتشي واتفاق إدلب، وكذلك المصالح الروسية التركية القوية، بغضّ النظر عن الوضع السوري. تنفتح أمام روسيا بذلك فرصة العمر، حيث لا أطماع أميركية كبرى في سورية، وغيّرت أميركا من طبيعة وجود قواتها نحو حفظ السلام بين حلفائها الأتراك والأكراد. وهناك القرارات الأميركية المتتالية ضد إيران. تتحرّك تركيا ضمن آلية التنسيق مع روسيا، وكذلك إسرائيل، والأخيرة
تبني سياساتها إزاء سورية بالتنسيق مع روسيا؛ إذاً هناك فرصة تاريخية لدى روسيا في احتلال سورية، فهل يعي الروس كل هذه الأوضاع، ويَفصلونَ بين سياساتهم الدولية وسورية، والخلافات في تلك السياسات مع أوروبا وأميركا، ويتجهون نحو مبادرةٍ جديدةٍ جديّة، تضمن مصالح الدول المتدخلة بالشأن السوري، ويفوزون بسورية!
تزداد الآن الفجوات بين روسيا وإيران، ويقف ضد الأخيرة العالم بأكمله تقريباً، حيث شمل التنسيق الروسي الإسرائيلي إخراج القوات الأجنبية (الإيرانية)، وأعطيت إسرائيل الحق بقصف كل المناطق التي توجد فيها القوات الإيرانية، وربما تعدّ إسرائيل الآن عمليةً عسكريةً ضخمةً ضد مواقع إيران في سورية خصوصا، وهناك عقوبات أميركية شديدة على إيران، وكذلك هناك محاولات أميركية لتشكيل حلف عسكري واسع ضدها، وهو ما يُعلن عنه عبر التنسيق المستمر بين بعض الدول العربية وأوروبا وأميركا، وتتالى المبادرات حول ذلك. تقول هذه التطورات إن هناك موقفا دوليا وإقليميا لتحجيم إيران. تراقب الأخيرة ذلك كله، وتتحرك إقليمياً ودولياً من أجل التخفيف من سرعة تلك الأحلاف المناهضة لها. أعاق تقدّم تحركاتها إيقاف تعويم النظام السوري عبر جامعة الدول العربية، حيث جمّدت أميركا التحركات المصرية والإماراتية نحو ذلك، ولم تسحب قواتها، والتي من أهدافها قطع الطريق البري لمرور الأسلحة الإيرانية إلى سورية، ومراقبة التحرّكات الإيرانية في كل سورية والمنطقة. لا يتوقف الرد الإيراني الإعلامي عن التنديد بسياسات أميركا في المنطقة، وقد استدعت الرئيس السوري للتشاور بخصوص خطر التقارب الروسي الإسرائيلي عليه، وبخصوص تعاظم التنسيق الروسي التركي، سيما بعد تسيير دورياتٍ متوازيةٍ لكل من تركيا وروسيا، وتشمل كل محيط إدلب وحماه وحلب، وهذا يعني شطب مبرّرات بقاء القوات الإيرانية، وتدعيم اتفاق سوتشي، ومناطق غصن الزيتون وعفرين والوجود التركي في سورية، وكذلك خطر بقاء القوات
الأميركية، ودعمها القوات الكردية.
تشمل الخلافات بين روسيا وإيران كل قضايا الحكم والاقتصاد في سورية، وهذا مهم، لجهة دفع روسيا نحو إخراج القوات الإيرانية من سورية، وتحجيم المصالح الإيرانية في سورية. لدى روسيا مشكلة حقيقية في سورية، فبقاؤها والاستثمار فيها ونهب اقتصادها يقتضي بالضرورة التمويل، والأخير سيأتي من أوروبا أو الخليج، حيث لن تصعّد الصين خلافاتها مع أميركا بمعركةٍ جديدة في سورية. أوروبا والخليج، تبنيان سياساتهما إزاء سورية وفقاً للشروط الأميركية، وما تسمح به وما ترفضه، أي ليس من أموال لإعادة الإعمار قبل تحقيق هذه الشروط، والتي تتجاوز أهداف بقاء قوّات أميركية في سورية، فهناك عقوبات اقتصادية على النظام، ويمكن أن تنفذ على أية دولة أو شركة تقيم علاقات معه، وهناك رفض أميركي لكل مسار سوتشي كما يريده الروس، ودفع الأخير للعودة إلى القرار 2254، وكذلك هناك شرط أميركي، يَقرنُ تدفق الأموال بالحل السياسي. وتجد روسيا إزاء المعطى الأميركي، والخلاف مع إيران والتنسيق مع إسرائيل، نفسها مضطرةً للبحث عن "مجموعةٍ دوليةٍ" من أجل الانتقال بالوضع السوري نحو توافقاتٍ سياسيةٍ جديدة. ومبعوث الأمم المتحدة إلى سورية، غير بيردسون، يُقارب الوضع السوري واللجنة الدستورية، انطلاقاً من القرار نفسه.
وتتحرّك تركيا ضمن أفقٍ رافضٍ بقاء قوات حزب الاتحاد الديمقراطي وفروعها، وتأخير تفكيك قوات هيئة تحرير الشام، لعقد صفقةٍ تتضمن حل قوات الطرفين معاً. هذا ليس جديدا، ولكن زوال "داعش"، وضبط الفصائل يدفع نحو ذلك. تركيا هنا، تناور بسبب "الخفّة" الأميركية في التعامل مع الشأن السوري، وتستفيد من العلاقات القوية مع روسيا؛ أقصد أنّ الخلافات بين تركيا وروسيا ليست كالخلافات بين روسيا وإيران، والخلافات الأخيرة هي ما يعيق تطبيق اتفاق سوتشي (بين الرئيسين التركي أردوغان والروسي بوتين) كاملاً، وهناك معارك تندلع باستمرار بين قوات روسيا وإيران معاً، وهناك أوامر إيرانية لقوات النظام بقصف مناطق إدلب بشكل مستمر، وبقصد تخريب الاتفاق بين روسيا وتركيا.
في كل الأحوال، يشكّل تسيير الدوريات الموازية، وتحديداً التركية، والتي ترافقها قواتٌ من فيلق الشام، رسالة واضحة إلى روسيا، أن تركيا عازمةٌ على التطبيق الكامل لاتفاق سوتشي،
والبدء بفتح الخطوط الدولية "4 و5"، وتفكيك هيئة تحرير الشام مستقبلاً، وكذلك قتال حراس الدين وبقية الجهاديين، وأن إدلب لم تعد تشكّل خطراً، وفي هذا تراقب روسيا الاتفاق جوياً، وبرياً. وبالتالي، يجب إنهاء أي "عبث إيراني من أجل خلط الأوراق" في إدلب، وهذا سيعني تصعيد الخلاف الروسي الإيراني، واحتمال تطوّرات جديدة بينهما على الأرضي السورية.
ستجتمع المعارضة السورية في تركيا غدا الخميس (14 /3/ 2019). وطبعاً لن تخرج بأية مبادرة أعلى من سقف سوتشي والاتفاقات الروسية التركية، لكنها قد تُصعد ضد هيئة تحرير الشام والجهاديين، وهذا سيصب في مصلحة تركيا، ليبدو وكأنها تتحرّك ميدانياً وسياسياً، ضمن اتفاق سوتشي، وهذا سيُجبر روسيا على إنهاء القصف المتتالي على إدلب.
إذاً هناك جملة معطيات، قد تدفع روسيا إلى تقديم مبادرة تتجاوز "ثرثرة" اللجنة الدستورية، والمماطلة إزاء التغييرات المطلوبة في بنية النظام السوري، لتتدفق الأموال. وبالتالي، هل حان الأوان لتطبيق قرار مجلس الأمن 2254، والذي يستند إلى كل القرارات الدولية المتعلقة بسورية، ومنذ جنيف 2012، وبما يؤدي إلى تشكيل هيئة حكم انتقالية، وبما لا يفكّك النظام بشكل كامل، كما تمَّ في العراق وليبيا، ولكنه لا يبقيه كما هو، وهذا سيفجّر الخلافات مع إيران بالضرورة. فهل سنشهد سيناريو روسيا جديدا؟ إنّه السيناريو الذي انتظره العالم بأكمله منذ إصدار القرار 2254.
تزداد الآن الفجوات بين روسيا وإيران، ويقف ضد الأخيرة العالم بأكمله تقريباً، حيث شمل التنسيق الروسي الإسرائيلي إخراج القوات الأجنبية (الإيرانية)، وأعطيت إسرائيل الحق بقصف كل المناطق التي توجد فيها القوات الإيرانية، وربما تعدّ إسرائيل الآن عمليةً عسكريةً ضخمةً ضد مواقع إيران في سورية خصوصا، وهناك عقوبات أميركية شديدة على إيران، وكذلك هناك محاولات أميركية لتشكيل حلف عسكري واسع ضدها، وهو ما يُعلن عنه عبر التنسيق المستمر بين بعض الدول العربية وأوروبا وأميركا، وتتالى المبادرات حول ذلك. تقول هذه التطورات إن هناك موقفا دوليا وإقليميا لتحجيم إيران. تراقب الأخيرة ذلك كله، وتتحرك إقليمياً ودولياً من أجل التخفيف من سرعة تلك الأحلاف المناهضة لها. أعاق تقدّم تحركاتها إيقاف تعويم النظام السوري عبر جامعة الدول العربية، حيث جمّدت أميركا التحركات المصرية والإماراتية نحو ذلك، ولم تسحب قواتها، والتي من أهدافها قطع الطريق البري لمرور الأسلحة الإيرانية إلى سورية، ومراقبة التحرّكات الإيرانية في كل سورية والمنطقة. لا يتوقف الرد الإيراني الإعلامي عن التنديد بسياسات أميركا في المنطقة، وقد استدعت الرئيس السوري للتشاور بخصوص خطر التقارب الروسي الإسرائيلي عليه، وبخصوص تعاظم التنسيق الروسي التركي، سيما بعد تسيير دورياتٍ متوازيةٍ لكل من تركيا وروسيا، وتشمل كل محيط إدلب وحماه وحلب، وهذا يعني شطب مبرّرات بقاء القوات الإيرانية، وتدعيم اتفاق سوتشي، ومناطق غصن الزيتون وعفرين والوجود التركي في سورية، وكذلك خطر بقاء القوات
تشمل الخلافات بين روسيا وإيران كل قضايا الحكم والاقتصاد في سورية، وهذا مهم، لجهة دفع روسيا نحو إخراج القوات الإيرانية من سورية، وتحجيم المصالح الإيرانية في سورية. لدى روسيا مشكلة حقيقية في سورية، فبقاؤها والاستثمار فيها ونهب اقتصادها يقتضي بالضرورة التمويل، والأخير سيأتي من أوروبا أو الخليج، حيث لن تصعّد الصين خلافاتها مع أميركا بمعركةٍ جديدة في سورية. أوروبا والخليج، تبنيان سياساتهما إزاء سورية وفقاً للشروط الأميركية، وما تسمح به وما ترفضه، أي ليس من أموال لإعادة الإعمار قبل تحقيق هذه الشروط، والتي تتجاوز أهداف بقاء قوّات أميركية في سورية، فهناك عقوبات اقتصادية على النظام، ويمكن أن تنفذ على أية دولة أو شركة تقيم علاقات معه، وهناك رفض أميركي لكل مسار سوتشي كما يريده الروس، ودفع الأخير للعودة إلى القرار 2254، وكذلك هناك شرط أميركي، يَقرنُ تدفق الأموال بالحل السياسي. وتجد روسيا إزاء المعطى الأميركي، والخلاف مع إيران والتنسيق مع إسرائيل، نفسها مضطرةً للبحث عن "مجموعةٍ دوليةٍ" من أجل الانتقال بالوضع السوري نحو توافقاتٍ سياسيةٍ جديدة. ومبعوث الأمم المتحدة إلى سورية، غير بيردسون، يُقارب الوضع السوري واللجنة الدستورية، انطلاقاً من القرار نفسه.
وتتحرّك تركيا ضمن أفقٍ رافضٍ بقاء قوات حزب الاتحاد الديمقراطي وفروعها، وتأخير تفكيك قوات هيئة تحرير الشام، لعقد صفقةٍ تتضمن حل قوات الطرفين معاً. هذا ليس جديدا، ولكن زوال "داعش"، وضبط الفصائل يدفع نحو ذلك. تركيا هنا، تناور بسبب "الخفّة" الأميركية في التعامل مع الشأن السوري، وتستفيد من العلاقات القوية مع روسيا؛ أقصد أنّ الخلافات بين تركيا وروسيا ليست كالخلافات بين روسيا وإيران، والخلافات الأخيرة هي ما يعيق تطبيق اتفاق سوتشي (بين الرئيسين التركي أردوغان والروسي بوتين) كاملاً، وهناك معارك تندلع باستمرار بين قوات روسيا وإيران معاً، وهناك أوامر إيرانية لقوات النظام بقصف مناطق إدلب بشكل مستمر، وبقصد تخريب الاتفاق بين روسيا وتركيا.
في كل الأحوال، يشكّل تسيير الدوريات الموازية، وتحديداً التركية، والتي ترافقها قواتٌ من فيلق الشام، رسالة واضحة إلى روسيا، أن تركيا عازمةٌ على التطبيق الكامل لاتفاق سوتشي،
ستجتمع المعارضة السورية في تركيا غدا الخميس (14 /3/ 2019). وطبعاً لن تخرج بأية مبادرة أعلى من سقف سوتشي والاتفاقات الروسية التركية، لكنها قد تُصعد ضد هيئة تحرير الشام والجهاديين، وهذا سيصب في مصلحة تركيا، ليبدو وكأنها تتحرّك ميدانياً وسياسياً، ضمن اتفاق سوتشي، وهذا سيُجبر روسيا على إنهاء القصف المتتالي على إدلب.
إذاً هناك جملة معطيات، قد تدفع روسيا إلى تقديم مبادرة تتجاوز "ثرثرة" اللجنة الدستورية، والمماطلة إزاء التغييرات المطلوبة في بنية النظام السوري، لتتدفق الأموال. وبالتالي، هل حان الأوان لتطبيق قرار مجلس الأمن 2254، والذي يستند إلى كل القرارات الدولية المتعلقة بسورية، ومنذ جنيف 2012، وبما يؤدي إلى تشكيل هيئة حكم انتقالية، وبما لا يفكّك النظام بشكل كامل، كما تمَّ في العراق وليبيا، ولكنه لا يبقيه كما هو، وهذا سيفجّر الخلافات مع إيران بالضرورة. فهل سنشهد سيناريو روسيا جديدا؟ إنّه السيناريو الذي انتظره العالم بأكمله منذ إصدار القرار 2254.