عن الغزو الفرانجليزي وحاميها حراميها المكسيكي

17 ديسمبر 2019
+ الخط -
ـ نشرت صحيفة (لافيجارو) مقالة للروائي والكاتب الفرنسي جان ماري روارت عضو الأكاديمية الفرنسية يدعو فيها إلى ضرورة مقاومة غزو اللغة الإنجليزية المستمر لفرنسا والفرنسيين، مستغرباً كيف سمح الفرنسيون وهم الفخورون بتراثهم وثقافتهم، للغتهم الرفيعة أن تتداعى أمام زحف "الفرانجليزية" التي تمزج بين اللغتين الإنجليزية والفرنسية، وهو مصطلح ظهر لأول مرة في السبعينات. في مقاله الذي نشرت مجلة (ذي ويك) الأمريكية مقتطفات منه، أشار الكاتب الفرنسي إلى التراخي الحكومي في تطبيق قانون Toubon الذي ظهر في عام 1994، وقام باعتماد استخدام اللغة الفرنسية فقط في المطبوعات الحكومية والعقود التجارية، مشيداً بالجهود التي تبذلها المؤسسات الثقافية مثل الأكاديمية الفرنسية للرقابة على مخالفات القانون، لكنه أقر بأن هذه الجهود لم تمنع انتشار جرثومة "الفرانجليزية"، بل على العكس أصبح انتشارها أكبر.

وبعد أن وصف الكاتب الحزين على لغته الجميلة ذلك الغزو اللغوي بأنه "بربري"، أشار إلى حزنه لأن البعض لم يعد يكتفي باستخدام كلمات إنجليزية برغم وجود كلمات فرنسية تعبر عن معانيها مثل La weekend و La parking، بل أصبح يبارك استخدام كلمات مستحدثة مؤخراً مثل Le hardware و Le self-made man و Le Top 5، مستنكراً قيام شركة الخطوط الجوية الفرنسية بتسمية موقعها الإلكتروني esky وتسمية درجة رجال الأعمال باسمها الإنجليزي business class بدلاً من إطلاق اسم فرنسي عليها، ليربط ذلك كله بتدهور أحوال اللغة الفرنسية في العالم، وليس في داخل فرنسا فقط، فبعد أن كانت على مدى قرون لغة مرتبطة بالرقي والتميز، يفتخر الدبلوماسيون باستخدامها وإجادتها، لم يعد أحد على مستوى العالم يقاوم ما تتعرض له من هجوم ضارٍ سوى الكنديين الناطقين بالفرنسية، والذين لا زالوا يطالبون بصوت عالٍ بالاقتصار على استخدام الفرنسية في المجال العام.

يتساءل الكاتب قائلاً: "هل علينا أن نترك إنقاذ لغتنا الفرنسية لأهالي كيبيك ـ الإقليم الناطق بالفرنسية في كندا ـ ليصبحوا بمثابة سفينة نوح التي تنقذ الكلمات والتعبيرات الفرنسية التي أحبها واستخدمها راسين وفولتير وفيكتور هوجو"، محذراً من خطورة أن يتجاهل الفرنسيون خطورة الغزو الإنجليزي للغتهم، لكي لا يستيقظوا ذات يوم شاعرين بفداحة ما خسروه، حين نستمع إلى مواطنينا وهم يهذرون بتعبيرات رديئة، لا علاقة لها بجمال اللغة الفرنسية. سأترك لك التعليق.

ـ أثبت الرئيس المكسيكي أندرياس مانويل أوبرادور أنه كان على حق خلال حملاته الانتخابية التي سبقت وصوله إلى منصبه، حين قال إن استفحال نشاط عصابات المخدرات في المجتمع المكسيكي، يقف وراءه في المقام الأول دعم كبار المسئولين في الحكومات التي سبقته لأنشطتهم الإجرامية، التي راح ضحيتها أكثر من 200 ألف مواطن مكسيكي خلال السنوات الماضية.

قبل أيام، ألقي القبض في الولايات المتحدة على مسئول أمني مكسيكي رفيع بتهمة التورط في تجارة المخدرات، المسئول الرفيع هو جينارو جارسيا لونا، الذي كان الوجه الأبرز للحملات التي ادعى الرئيس المكسيكي السابق فيليب كالديرون أنه كان يخوضها ضد كارتلات المخدرات، والمدهش أن لونا ساعد بشكل فعال في إنشاء جهاز الشرطة الفيدرالية في المكسيك، والذي كان يفترض به أن يكون قوة أمنية خالية من الفساد المستشري في أجهزة الشرطة التقليدية، يستلهم طريقة عمل المباحث الفيدرالية الأمريكية FBI، وهو ما ظل الكثيرون يعتقدونه إلى أن تم إلقاء القبض على لونا، الذي ثبت أنه تلقى على الأقل خلال واقعتين منفصلتين حقيبة يد بها مبالغ تتجاوز الخمسة ملايين دولار أمريكي، منحها له كارتل جاكوين جوزمان سينالوا الشهير بـ "إل تشابو"، وأنه مقابل تلك الأموال الضخمة، ساهم في حصول قادة الكارتل على ممرات آمنة لنقل المخدرات إلى الولايات المتحدة، بالإضافة إلى منحهم معلومات مهمة عن منافسيهم في تجارة المخدرات.

لا أعتقد أن الخبر كان صادماً للمواطنين المكسيكيين، مثل ما كان صادماً للأجهزة القضائية والأمنية الأمريكية، فالمكسيكيون شعب قديم وعريق، ولديهم بالتأكيد مثل بالإسبانية يؤكد الحقيقة المعروفة سلفاً بأن "حاميها حراميها".

ـ للتهرب من مسئوليتها عن استخدام تعبير عنصري في وصف أحد زملائها من الأميركيين من أصل أفريقي، ألقت يولاندا ووترز رئيسة الحزب الجمهوري في مدينة جالفيستون بولاية تكساس اللوم على سرعتها في الكتابة التي جعلتها تخطئ خلال كتابتها للرسالة النصية التي وصفت فيه الموظف بأنه “typical nig”، واعدة بالتأني مستقبلاً خلال كتابة الرسائل النصية، ويحسب لها على أية حال أنها كانت وفية لهاتفها المحمول، فلم تقم بإلقاء اللوم على "الأوتو كوريكتور".

ـ في مواصلة للهجمات الشرسة على السكان الأصليين في غابات الأمازون، والتي عززها وصول الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو إلى الحكم، بفضل كل أفكاره اليمينية المتطرفة في عدائها للسكان الأصليين، وتعهده بفعل كل ما يمكنه لرفع القيود المفروضة على حركة المستثمرين ورجال الأعمال في غابات الأمازون، تعرض اثنان من قادة السكان الأصليين في منطقة الأمازون البرازيلية للاغتيال الأسبوع الماضي، بعد أن أطلقت عليهما النيران من سيارة لاذ قائدها بالفرار بعد ذلك، وكانا قد عادا من اجتماع مع مسئولين بشركة الكهرباء في المنطقة، ولم يتم ضبط السيارة التي تورط قائدها ومن معه في ارتكاب الجريمة.

قبل هذه الواقعة بشهر، تعرض أحد حراس الغابات من السكان الأصليين للقتل بعد مواجهة مع قاطعي الأخشاب غير الشرعيين، في الوقت الذي أعلن فيه مسئولو مجلس السكان الأصليين في البرازيل الذي يراقب أوضاع منطقة الأمازون وسكانها الأصليين أن التسعة شهور الأولى من عام 2019 شهدت اجتياحاً لأكثر من 153 منطقة يسكنها السكان الأصليون، من قبل قاطعي الأخشاب وأصحاب مشاريع المناجم، وهو ما يعادل ارتفاعاً بمقدار الضعف في عمليات الاجتياح والتعدي على مناطق السكان الأصليين بشكل غير شرعي، وهو ما لام المجلس عليه الرئيس البرازيلي الذي أعلن عن فتح منطقة الأمازون للاستغلال التجاري، وقيام أجهزة الدولة برفع يدها عن السكان الأصليين وأراضيهم، لتتركهم نهباً للعصابات الاستثمارية المحمية من أكبر رأس في الدولة.

ـ خلال قيامه بتقديم المطربة المخضرمة ليندا رونستات في حفل أقيم في واشنطن هذا الأسبوع، تحدث وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في كلمته عن أغنيتها الشهيرة "متى سأكون محبوباً؟"، والتي غنتها لأول مرة عام 1974 وحققت أرقاما قياسية في المبيعات، ليندا لم تضيع الفرصة، وقاطعت وزير الخارجية بعد أن نطق باسم أغنيتها وقالت له: "حين تتوقف عن دعم دونالد ترامب"، لتنفجر القاعة في الضحك والتصفيق الذي لن يمنع بالتأكيد بومبيو من مواصلة دعمه لترامب.

ـ قبل عشرين عاماً، وقف المواطن الأمريكي روبرت فانسوميرين أمام القاضي مايكل سميث كمجرم مدان جنائياً، وعوقب بحوالي ست سنوات سجن بسبب ارتكابه عدداً من حوادث السرقة، في ديسمبر الماضي، وقف روبرت وقد أصبح عمره أربعين عاماً أمام نفس القاضي، ولكن ليقسم اليمين قبل أن يبدأ العمل مدعياً عاماً في مقاطعة هيلسديل في ولاية ميتشيجن، بعد أن خرج روبرت من السجن عام 2005 حصل على عدة شهادات جامعية في مقارنة الأديان وعلم الاجتماع وعلم النفس، وفي عام 2015 بدأ الدراسة في جامعة واين الحكومية ليحصل على درجة جامعية في القانون، معتبراً أنه بتلك الشهادة أغلق مرحلة التعليم في حياته، وبدأ صفحة جديدة يعمل فيها كمدافع عن حقوق الناس ضد المجرمين.

ـ أحدث موضة صحية ظهرت في هوليود هي تشميس المنطقة الواقعة بين فتحة الشرج والأعضاء التناسلية، لأن هذه المنطقة طبقا للنظرية الجديدة تقوم بفعالية بامتصاص فيتامين (د) الموجود في أشعة الشمس، ولذلك نصحت الممثلة شايلين وودلي معجبيها أن يقوموا بفتح أرجلهم على اتساعها للعمل على تشميس هذه المنطقة، بينما تؤكد ميستيكال ميجان وهي واحدة من "مشاهير الإنترنت" في ولاية كاليفورنيا، أن الإحساس بالشمس في هذه المنطقة بالذات، يتفوق في تأثيره على احتساء العديد من أكواب القهوة، وهو تأكيد نبع عن تجربة شخصية كما أتوقع.

ـ أخيراً، إذا كنت قد رأيت أن قصة فيلم (أفاعي على الطائرة) مبالغ فيها بعض الشيء، ربما ستغير رأيك حين تعرف أن سيدة تعرضت للدغ من عقرب على متن طائرة متجهة من سان فرانسيسكو إلى أتلانتا، ولم يتم حتى الآن تحديد مصدر العقرب، وهل كان وحيداً أم كان لديه صحبة على متن نفس الطائرة، لكن الراكبة الملدوغة بخير والحمد لله، لكني لا أظنها ستخاطر بركوب الطائرات مرة أخرى، لو كنت مكانها لما فعلت.
605C8788-2DB9-4AE6-9967-D0C9E0A2AD31
بلال فضل
كاتب وسيناريست من مصر؛ يدوّن الـ"كشكول" في "العربي الجديد"، يقول: في حياة كل منا كشكولٌ ما، به أفكار يظنها عميقة، وشخبطات لا يدرك قيمتها، وهزل في موضع الجد، وقصص يحب أن يشارك الآخرين فيها وأخرى يفضل إخفاءها، ومقولات يتمنى لو كان قد كتبها فيعيد كتابتها بخطه، وكلام عن أفلام، وتناتيش من كتب، ونغابيش في صحف قديمة، وأحلام متجددة قد تنقلب إلى كوابيس. أتمنى أن تجد بعض هذا في (الكشكول) وأن يكون بداية جديدة لي معك.