عن اكتمال الأحلام وقصص الحب الكبيرة وفعل التذكر
إنعام كجه جي من رواية (النبيذة)
ـ "يصعب عليك استغفال الناس طول الوقت، ولكنك تستطيع أن تستغفل منهم ما يكفي لأن تحكم بلداً كبيراً"
ويل وإريل ديورانت من كتاب (دروس التاريخ) ترجمة علي شلش
ـ "الكنس مهنة لا يفشل بها أحد، لكن الوسخ دائما في ازدياد رهيب، أكثر من الكناسين وطاقتهم الفردية البائسة، أخُلق الإنسان لشيء سوى أن يقاوم الوسخ؟ لقد حمل جنون أمي حكمة ما، لكن مصدر الوسخ ليس الشيطان، بل نحن، حاملين بذور خرابنا وعفننا معا، ننثرها مع كل خطوة ونفس، نظن في البداية ـ بثقة طفولية ـ أننا لسنا جزءاً منه، ولن نكون، ممتلئين بسذاجة النضرة والفتوة والأمل، لكن العفن مقيم، أبدي، أكثر حكمة، ينظر ساخرا من سذاجتنا ومن تفاهة الإنسان وغروره، ناسجا شباكه بمهل، يهضمنا ببطء، ولا يتكفل مشقة أن يعلن انتصاره، ثم نصير جزءا أصيلا منه، منتجين له، مدافعين عنه بضراوة، ونحن نلهو بوهم أننا كناسين ماهرين".
أحمد الفخراني من رواية (بياصة الشوام)
ـ "حسناً، كيف تتابع هذا الموضوع؟ الإجابة هي: لا تستطيع متابعته، بالطبع لا تستطيع، ثم تأتي لحظة يكون عليك فيها تمنّي النهاية أو الأقل إعلان حد للتضحيات التي تقدمها. أوه، لستُ قديساً، يعلم الله. لست هنا فقط للعيش من أجل الآخرين فقط"
من رواية (السهم الزمني ـ طبيعة الجريمة) لمارتن أميس ترجمة عماد منصور
ـ "لكن هل قصص الحب الكبيرة غير القصص الاعتيادية؟ القصص التافهة التي لا يكاد المرء يعيرها انتباهاً لفرط سطحيتها. ما معنى أن يحب أحدهم فتاة ولا يصارحها بحبه، ثم يعيش حياته يفكر فيها ويتمنى لها السعادة. إن نظير هذه القصص لا يجد له مكاناً حتى بين سجلات الأدب والمرويات سمعية كانت أو مرئية، ولو ضربنا صفحاً عن بعض الأعمال الأدبية المعدودة، ليس ثمة فعلاً ما يقال عن مثل هذه القصص، إذ ليس ثمة انتحار عاشقين ولا حب جارف يبدأ في ماخور، ولا تحدٍ لسلطة عشيرتين متنازعتين. لكن صدقاً من يتحدثون عادة عن قصص الحب الكبرى يغفلون أن التافه من القصص قد يكون أعمقها، فلا تهم القصة بقدر ما تهم المسارات الداخلية التي يحفرها الحب في نفس المحب، ما قد يبدو تافهاً وبسيطاً قد يشكّل للمحب عالماً بأكمله، بل قد يشكّل له "العالم".
محمد آيت حنا من رواية (الحديقة الحمراء)
ـ "قال ابن المقفع: إذا اعطيت كل مقام حقه، وقمت بالذي يجب من سياسة ذلك المقام، وارضيتَ من يعرف حقوق الكلام، فلا تهتم لما فاتك من رضا الحاسد والعدو، فإنه لا يرضيهما شيء، وأما الجاهل فلست منه وليس منك، ورضا جميع الناس شيء لا تناله."
رواه الجاحظ في (البيان والتبيين) الجزء الأول
ـ "في كل الأحوال، فعل التذكّر هذا بعد سن الخمسين يصير سهلاً، لكن بلا فائدة، بلا جدوى. تعود حياتك السابقة في سيلان عجيب، حتى من دون أن تستدعيها، تحضر أشياء بعيدة منسية، كأن آليّاً. أمكنة وروائح ووجوه أناس، وتفاصيل لا أهمية لها على الإطلاق، مثل كلام كانت قالته الجارة من سنين بعيدة عن نجاعة فرك النحاس بالليمون والرماد، وأنت ليس عندك أي آنية من نحاس... هكذا. ثم بمَ تفيد تلك الذاكرة وأنت، إن كنت تعلمت شيئاً من دروسها، فقد فاتك وقت التطبيق، صار وراءك."
هدى بركات من رواية (بريد الليل)
ـ "التفسيرات التآمرية تصمد لأنها توحي بتبريرات تبدو أكثر أمانا أو أكثر قبولا من الناحية النفسية، وهي في أحيان كثيرة تعزو الشرور التي تصيب المرء إلى أعدائه الطبيعيين أو تظهر كيفية توافق بعض الأحداث المروعة مع رؤية لكيفية عمل العالم مقررة سلفاً. متى تعلق الأمر بتلفيق تفسيرات تآمرية فيبدو أن الذهن البشري لا يحده شيئ."
من كتاب (الذرة الاجتماعية: لماذا يزداد الأثرياء ثراءً والفقراء فقراً؟) تأليف مارك بوكانان وترجمة أحمد علي بدوي
ـ "الهوى مقيم لابث والرأي مجتاز عارض، ولا بد للهوى أن يعمل عمله ويبلغ مبلغه، وله قرار لا يطمئن دونه"
أبو حيان التوحيدي في (مثالب الوزيرين)
ـ "لست بحاجة هنا سوى لأن تطأ قدمي أحد السلالم المتحركة، فلا ألبث أتذكر الخوف الذي اعتراني حين وطأت قدمي سلماً متحركاً لأول مرة في حياتي، فإذا وصلت لشارع سد، تذكرت على الفور كل الشوارع السد المنسية التي ضللت طريقي فيها على مدار حياتي. فوق كل شيء يتضح لي هنا، لماذا لا تتولد بداخلي القدرة على التذكر سوى عندما يتعلق الأمر بحالات الفزع، فلم يكن أبداً لدي شيء يمكنني مقارنته بما أراه هنا يومياً، كل الانطباعات صارت مجرد تكرار لانطباعات معروفة مسبقاً، ولا أعني بذلك فقط أنني لا أتمكن من التحايل عليها إلا نادراً، وإنما أنني أيضاً لم أر سوى القليل من الناس، ممن يعيشون في ظروف تختلف عن ظروفي، بما أننا كنا فقراء، لم أكن قد قابلت سوى أناس كانوا هم أيضا فقراء مثلنا، وبما أننا لم نكن نرى سوى القليل، لم يكن هناك أيضا الكثير مما يمكن الحديث عنه، لذلك كنا نتحدث كل يوم تقريبا عن الأشياء نفسها، من كان منا كثير الحديث ـ بتلك المعايير ـ لا سيما إن كان شخصا خفيف الدم يسلي الآخرين ـ كان يعد "متفرداً"، أما من كان يهيم فقط مثلي، فكان يعد حالماً، فأنا لم أكن أرغب في أن أكون متفرداً، وقد كانت تلك الأحلام في هذه البيئة التي كنت أعيش فيها، تعدّ بالفعل أوهاماً، لأنه لم يكن هناك ما يعادلها بالنسبة لهم في هذا العالم، لا شيء يمكن مقارنتها به ليجعلها ممكنة، لذلك لم تكتمل الأحلام ولم يكتمل العالم حقاً في وعيي، وكانت النتيجة أيضاً أنني لا أتذكر أياً منهما أبداً. لحظات الفزع فقط هي ما تستعيدها ذاكرتي على الفور، لأن فيها يكون العالم والأحلام في آن، الذين لا يوجد ما يربطهما فيما عدا ذلك، لذا فهما يصيران فجأة شيئاً واحداً. العالم يحرك الحلم. الذي يجعلني فجأة أرى العالم ـ الذي طالما كنت أهيم به ـ أكثر وضوحاً، لذلك فإن حالات الفزع طالما كانت تمثل لي عمليات معرفية، فإنني فقط حين كنت أشعر بالخوف، كنت أنتبه أيضاً للعالم المحيط، وما إذا كان يعطيني إشارات للأفضل أم للأسوأ وكنت أتذكر ذلك لاحقاً، لكن هذا النوع من التذكر كان يطرأ عليّ فحسب، لم أتعلم أبداً أن أستغله، حين كانت تراودني آنذاك بعض لحظات الأمل، كنت لا ألبث أنساها جميعاً".
من رواية (رسالة قصيرة للوداع الطويل) لـ بيتر هاندكه ـ ترجمة نيفين فائق