07 ابريل 2022
عندما يفشل اليمين الإسرائيلي في توفير الأمن
أدّت العمليات الفلسطينية ضد أهدافٍ استيطانيةٍ إسرائيلية، في الأيام الماضية، والتي أوقعت قتلى وجرحى من المستوطنين في الضفة الغربية، ولا سيما في محافظة الخليل، إلى ردود فعلٍ جنونية من معظم القيادة السياسية الإسرائيلية، والتي تؤكد أن تلك العمليات شكلت ضربة مؤلمة جداً للقيادة المذكورة، ما دفعها إلى أن تفقد صوابها، خصوصاً وأن معظم العمليات حدثت ضد مستوطني الضفة الغربية، والذين يشكلون القاعدة الانتخابية الكبرى للأحزاب التي تحكم إسرائيل حالياً، وخصوصاً "الليكود" بزعامة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو و"البيت اليهودي" بزعامة وزير التربية والتعليم الإسرائيلي نفتالي بينيت. وما يعمّق أزمة الحكومة الحالية جرّاء العمليات الفلسطينية أنها لا تشكّل، فقط، ضربة قوية لمؤسساتها الأمنية التي تغنت، قبل فترة، بأنها تمكّنت من قمع الحالة الوطنية الفلسطينية المستمرة منذ نحو عام، بل أيضاً يجعلها تدرك أن استمرار العمليات الفلسطينية سيشكل ضربةً لمعسكر اليمين الحاكم في إسرائيل منذ حوالى عقدين، تحت شعار أن اليمين وحده القادر على جلب الأمن والهدوء للإسرائلييين، وأن ما يحدث يثبت أن اليمين، لا بل صقوره الثلاثة، نتنياهو وأفيغدور ليبرمان ونفتالي بينيت، فشلوا فشلاً سريعاً في إعادة الأمن والهدوء إلى المجتمع اليهودي، في المستوطنات وسواها.
تدرك الحكومة الإسرائيلية وقادة الأحزاب اليمينية أن استمرار العمليات الفدائية الفلسطينية، وخصوصاً ضد مستوطني الضفة الغربية اليهود قد يؤدي إلى تراجع وتيرة الاستيطان، والتي ساهمت سنوات الهدوء التي شهدتها شوارع الضفة الغربية، في السنوات العشر الماضية، في زيادة عدد المستوطنين، بعد أن شعروا أن مستوطنات الضفة الأكثر أمناً وأماناً لهم، مقارنة مع باقي المدن في الداخل، ما سيؤدي إلى تراجع ثقة المجتمع اليهودي، وخصوصاً الاستيطاني المتطرف في الأحزاب اليمينية، بعد فشلها في إثبات مقولة اليمين إنه الوحيد القادر على جلب الأمن والهدوء والاستقرار للمجتمع، وإنه وحده القادر على ردع الشعب الفلسطيني، باستخدام مزيد من وسائل القوة المختلفة وأساليبها، ما قد يؤدي إلى تراجع قوة الأحزاب اليمينية، وزيادة في قوة الأحزاب اليسارية والوسطى، ما سيشكل انعطافة مهمةً جداً في الخارطة السياسية والحزبية برمتها في إسرائيل.
كان لافتاً، في الأيام الماضية، زيادة وتيرة المنافسة في التصريحات التحريضية الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، ودعوات مزيد من المقترحات والتوصيات القمعية، في محاولةٍ لكسر الإرادة الوطنية الفلسطينية، وإعادة الهدوء الذي بات مفقوداً لمئات الألوف من الإسرائيليين، وخصوصاً في مدينة ومحافظة الخليل، والتي تعد الأكثر استهدافاً للمشروع الاستيطاني اليهودي، لمبرراتٍ توراتيةٍ وتلموديةٍ، حيث يوجد آلاف المستوطنين داخل مدينة الخليل، وليس فقط في محيطها، مثل باقي المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة. وكأنه بقي أسلوب واحد من أساليب القمع والقبضة الحديدة، ولم تستخدمه إسرائيل.
وكانت ذروة تلك الدعوات التنافسية، عندما زعم وزير ما يسمى الأمن الداخلي أن مؤسس
موقع فيسبوك يتحمّل مسؤولية مقتل الإسرائيليين في الضفة، بسبب سماحه للفلسطينيين باستخدامه "التحريض". ورفضت إدارة "فيسبوك" مطالب إسرائيلية بفصله عن الفلسطينيين، اعتقاداً منه أن ذلك سيؤدي إلى وقف هذا "التحريض"، وبالتالي، وقف العمليات الفدائية ضد الإسرائيليين. وكأنه لا هم ولا شغل لـ "فيسبوك" وإدارته إلا العمل بما يرضي إسرائيل وقادتها. وهنا لا بد من الرد على الأصوات الإسرائيلية التي تنادي بفصل موقع فيسبوك عن الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، بأن وقفه سيؤدي إلى خروج آلافٍ أخرى من الشبان الفلسطينيين من منازلهم وبيوتهم والتحاقهم بالعمليات الفدائية، حيث أنهم كانوا يكتفون بالتعبير عن مواقفهم الداعمة لاستمرار المقاومة الفلسطينية، بنشرهم على صفحات "فيسبوك". ولكن، حين يتم حرمانهم ومنعهم من هذه الوسيلة السلمية، فان بعضهم سيضطر إلى أن يعبّر عن مواقفه ومشاركته بشكل مادي، في انخراطه في العمليات، خصوصاً أن معظمها يأخذ الطابع الفردي، أو المجموعات المحلية، في ظل عدم مشاركة فاعلة للتنظيمات الفلسطينية.
أما زعيم حزب البيت اليهودي الاستيطاني، نفتالي بينيت، والذي أعلن خطته الرامية، على حد تعبيره، إلى وقف العمليات الفدائية الحالية، والتي لخصها بمجموعة من الخطوات والأساليب، منها عدم السماح للفلسطينيين باستخدام الشوارع الرئيسية في الضفة، وأن يتم تخصيص هذه الطرقات فقط للمستوطنين اليهود، اعتقاداً منه أن معاقبة الفلسطينيين ستوفر الأمن للمستوطنين في أثناء تحركهم، مع العلم أن هذا الإجراء العقابي العنصري كان قد تم تنفيذه في الانتفاضتين، الأولى والثانية، ولم يتم وقف العمليات، لا بل إنه أدى إلى زيادتها، حيث بات معروفاً أن هذه الشوارع لا يستخدمها إلا المستوطنون اليهود، وبالتالي، أصبحوا أهدافاً سهلة للمجموعات وللشباب الفلسطيني. وأما عن دعوة نفتالي بينيت إلى هدم آلاف المساكن الفلسطينية التي بنيت من دون ترخيص، بعد رفض إسرائيل منحها رخصاً عقوبةً، فعليه أن يعلم أن إلقاء عشرات آلاف من الفلسطينيين في العراء تحت أشعة الشمس والشتاء، لن يؤدي إلى وقف العمليات، بل إلى انضمام آلاف الشبان الجدد الذين جعلتهم السياسية الإسرائيلية المتخبطة لا يخسرون شيئاً.
بات مؤكداً أن أزمة حكومة المستوطنين الحالية جعلتها تتصرّف بردة فعل غير محسوبة وغير مدروسة، من شدة الضربات التي تلقاها أخيراً مشروعها الاستيطاني والأمني في الضفة. وأنه، في النهاية، ما على الحكومة الإسرائيلية إلا أن تفهم أن المشكلة في سياسات احتلالها واستيطانها وغطرستها واعتمادها على القوة، وليس في التحريض، ولا في "فيسبوك"، ولا في العمليات، وإن عليها أن تفهم أنها أمام جيل فلسطيني جديد، لا يمكن أن يقبل بقاء الأمور على حالها.
تدرك الحكومة الإسرائيلية وقادة الأحزاب اليمينية أن استمرار العمليات الفدائية الفلسطينية، وخصوصاً ضد مستوطني الضفة الغربية اليهود قد يؤدي إلى تراجع وتيرة الاستيطان، والتي ساهمت سنوات الهدوء التي شهدتها شوارع الضفة الغربية، في السنوات العشر الماضية، في زيادة عدد المستوطنين، بعد أن شعروا أن مستوطنات الضفة الأكثر أمناً وأماناً لهم، مقارنة مع باقي المدن في الداخل، ما سيؤدي إلى تراجع ثقة المجتمع اليهودي، وخصوصاً الاستيطاني المتطرف في الأحزاب اليمينية، بعد فشلها في إثبات مقولة اليمين إنه الوحيد القادر على جلب الأمن والهدوء والاستقرار للمجتمع، وإنه وحده القادر على ردع الشعب الفلسطيني، باستخدام مزيد من وسائل القوة المختلفة وأساليبها، ما قد يؤدي إلى تراجع قوة الأحزاب اليمينية، وزيادة في قوة الأحزاب اليسارية والوسطى، ما سيشكل انعطافة مهمةً جداً في الخارطة السياسية والحزبية برمتها في إسرائيل.
كان لافتاً، في الأيام الماضية، زيادة وتيرة المنافسة في التصريحات التحريضية الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، ودعوات مزيد من المقترحات والتوصيات القمعية، في محاولةٍ لكسر الإرادة الوطنية الفلسطينية، وإعادة الهدوء الذي بات مفقوداً لمئات الألوف من الإسرائيليين، وخصوصاً في مدينة ومحافظة الخليل، والتي تعد الأكثر استهدافاً للمشروع الاستيطاني اليهودي، لمبرراتٍ توراتيةٍ وتلموديةٍ، حيث يوجد آلاف المستوطنين داخل مدينة الخليل، وليس فقط في محيطها، مثل باقي المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة. وكأنه بقي أسلوب واحد من أساليب القمع والقبضة الحديدة، ولم تستخدمه إسرائيل.
وكانت ذروة تلك الدعوات التنافسية، عندما زعم وزير ما يسمى الأمن الداخلي أن مؤسس
أما زعيم حزب البيت اليهودي الاستيطاني، نفتالي بينيت، والذي أعلن خطته الرامية، على حد تعبيره، إلى وقف العمليات الفدائية الحالية، والتي لخصها بمجموعة من الخطوات والأساليب، منها عدم السماح للفلسطينيين باستخدام الشوارع الرئيسية في الضفة، وأن يتم تخصيص هذه الطرقات فقط للمستوطنين اليهود، اعتقاداً منه أن معاقبة الفلسطينيين ستوفر الأمن للمستوطنين في أثناء تحركهم، مع العلم أن هذا الإجراء العقابي العنصري كان قد تم تنفيذه في الانتفاضتين، الأولى والثانية، ولم يتم وقف العمليات، لا بل إنه أدى إلى زيادتها، حيث بات معروفاً أن هذه الشوارع لا يستخدمها إلا المستوطنون اليهود، وبالتالي، أصبحوا أهدافاً سهلة للمجموعات وللشباب الفلسطيني. وأما عن دعوة نفتالي بينيت إلى هدم آلاف المساكن الفلسطينية التي بنيت من دون ترخيص، بعد رفض إسرائيل منحها رخصاً عقوبةً، فعليه أن يعلم أن إلقاء عشرات آلاف من الفلسطينيين في العراء تحت أشعة الشمس والشتاء، لن يؤدي إلى وقف العمليات، بل إلى انضمام آلاف الشبان الجدد الذين جعلتهم السياسية الإسرائيلية المتخبطة لا يخسرون شيئاً.
بات مؤكداً أن أزمة حكومة المستوطنين الحالية جعلتها تتصرّف بردة فعل غير محسوبة وغير مدروسة، من شدة الضربات التي تلقاها أخيراً مشروعها الاستيطاني والأمني في الضفة. وأنه، في النهاية، ما على الحكومة الإسرائيلية إلا أن تفهم أن المشكلة في سياسات احتلالها واستيطانها وغطرستها واعتمادها على القوة، وليس في التحريض، ولا في "فيسبوك"، ولا في العمليات، وإن عليها أن تفهم أنها أمام جيل فلسطيني جديد، لا يمكن أن يقبل بقاء الأمور على حالها.