عمّان: أفلام قصيرة لا تكسر القاعدة

07 يناير 2015
من فيلم "بدي ألقي كلمة بناسا"
+ الخط -

يواجه قوسٌ واسع من الأفلام الأردنية القصيرة مشاكل فنية عدة، أبرزها الخطابية والمباشرة، وغلبة الكلمة المنطوقة على حساب الصورة. مراجعة هذه الإنتاجات القصيرة، روائيةً كانت أم وثائقية، تكفي للخروج بخلاصة كهذه. ولعلّ العرض الذي نظمته "الهيئة الملكية الأردنية للأفلام" في مسرح "الرينبو" في عمّان، أول أمس، لمجموعة من الأفلام الأردنية القصيرة، يقدم أمثلةً تتقاطع مع هذه الخلاصة.

"بدي ألقي كلمة بناسا" كان أول تلك الأفلام، وهو وثائقي مدته 37 دقيقة، لسهى إسماعيل، نتعرّف فيه على خالد، وهو طفل موهوب عمره ثلاث عشرة سنة، مولع بالفلك، ويحلم بأن يشتغل في "ناسا". وعلى الرغم من الدعم الذي يحصل عليه من أهله، الذين وفرّوا له تلسكوباً، ومن المدرسة، التي أقامت من أجله مسابقة لحلّ "مكعب الذكاء"، إلا أن "سماء وطنه لا تتسع لحلمه الكبير"؛ فلا الجامعات توفّر دراسة متخصصة في علم الفلك، ولا هناك من يدعم مراصد فلكية محترفة، ليظلّ الخيار الذي يدور في فلكه هو "ناسا"، البعيدة.

أما "فرصة مريم"، لهنادي عليان، فهو روائي قصير حاول كسر عزلة مريم، العزباء والخجولة، التي تعيش بمفردها، حيث تجد باقة من الزهور داخل منزلها، في أحد الأيام، من معجب سري. وفي اليوم التالي، تجد على الباب دعوة للقاء. وبين مشاعر مختلطة من خوف وحماس وسعادة وتردّد، تقرّر الذهاب لموعدها.

عند وصولها تجد ذلك المعجب حاملاً باقة من الزهور شبيهة بتلك التي كان وضعها أمام منزلها، فتقترب منه، ثم يتدخل رجلان من الأمن، فيقبضان على الشاب، ويتركان مريم وحيدة. ولكن ما سبب دخول رجلي الأمن في المشهد؟ وما مبرر اعتقالهما للشاب؟ سؤالان لا إجابة واضحة عليهما حتى لدى المخرجة نفسها كما يبدو.

ويقدّم المخرجان زيد بقاعين وميس سلمان، عبر "أوتيل الزعتري"، وهو وثائقي مدته ست عشرة دقيقة، لمحة عن حياة وواقع أربعة لاجئين سوريين يعيشون في مخيم الزعتري، من دون أن يتضمن حبكة واضحة. هي حالات إنسانية لا تتحدث؛ حيث الراوي يسرد نصاً يتأمل جوهرهم، ويحاول أن يفتح نافذة لأحلامهم، بوصفها بديلاً عن حيواتهم الضائعة.

وفي فضاء إمكانية نجاح مشروع إنتاجي صغير، في ظلّ هيمنة كبار التجار على الأسواق المحلية، يتحرك فيلم "هيدروبونيك سلطان"، لفراس صويلح وأحمد عقيل، وهو وثائقي مدته 12 دقيقة. فشل أسامة، الذي يعمل رئيس قسم في شركة كبرى، في إنجاح مشروع زراعي صغير، بسبب تغوّل السوق، يؤكد أن لا أمل في نجاح أي مشروع إنتاجي على صعيد الأفراد في الأردن، ولكن ما هي مصداقية ذلك التغوّل على أرض الواقع؟ وما بديل الأفراد حِياله؟ سؤالان لا يقدم المخرج إجابة عليهما، مكتفياً بالإشارة من بعيد.

أربعة أفلام، إذاً، قدّمت صوراً، من بعيد، لنماذج في المجتمع، حملت في طيّاتها إدانة للذات، وتكريساً لفكرة الآخر المتفوق. صور ليست حقيقية تماماً، وليست محض خيال تماماً، بيد أنها وجدت استحساناً من قبل الجمهور، الذي كان جلّه من جاليات أجنبية.

المساهمون