عملية السلايمة: المقاومة الفردية مستمرة

07 مارس 2015
جُرح 7 إسرائيليين في عملية الدهس (تورغوت ألب بويراز/الأناضول)
+ الخط -
مرة أخرى، وعكس ما توقّعه الاحتلال، تضرب العمليات الفردية أهدافاً عسكرية إسرائيلية، في القدس المحتلة، ما شكّل صدمة كبيرة لدى أجهزة الأمن وسلطات الاحتلال، على الرغم من اتخاذها مختلف تدابير الوقاية والحماية، في أعقاب مجموعة هجمات نفّذها مقدسيون العام الماضي، وهزّت الأمن الاسرائيلي في المدينة.

جديد العمليات الفردية، عملية دهسٍ نفّذها الشاب محمد محمود السلايمة (22 عاماً)، أمس الجمعة، أوقعت سبع إصابات إسرائيلية على الأقلّ، ووصفتها سلطات الاحتلال بـ"العملية الجريئة". وأفاد شهود عيان أن "عناصر من شرطة الاحتلال أطلقت النار على سائق السيارة، قبل اعتقاله".

وينتمي السلايمة إلى حي رأس العمود، شرق البلدة القديمة من القدس، وكان أحد أعمامه، غسان، المنتمي لحركة "حماس"، أسيراً سابقاً في معتقلات الاحتلال. وتقول إحدى شقيقاته إن "ما قام به شقيقها فاجأ العائلة"، في وقت أكد والده، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، قبل اعتقاله وأحد أنجاله، إن "محمد لا ينتمي لأي فصيل ولم يسبق له أن اعتُقل".

بيد أن أصدقاء محمد قالوا إنه "كان يشعر بالغضب في الآونة الأخيرة، حيال الاعتداءات المتصاعدة ضد الأقصى، وحيال الممارسات العنيفة لشرطة الاحتلال ضد الشبان المقدسيين، فقام بتعديل صورته الشخصية على موقع فيسبوك، مستبدلاً إياها بصورة لراية خضراء كُتب عليها عبارة حماس". وذكرت العائلة أن "حياة نجلها في خطر، ومُنعت من التواصل معه، وسط حراسة مشدّدة في مستشفى هدايا الإسرائيلي".

اقرأ أيضاً: الاحتلال الإسرائيلي يجدّد طرق التعذيب الوحشية للمعتقلين

وكانت عملية الدهس قد وقعت بالقرب من مقرّ قيادة حرس الحدود الإسرائيلي، في حي الشيخ جراح، شمال البلدة القديمة من القدس، على خط التماس بين شطري المدينة. ولم يكن مكانها بعيداً عن مكان حادث الدهس الذي نفّذه الشهيد ابراهيم العكاري، أواخر العام الماضي، الذي لم يكتفِ بالدهس في حينه، بل غادر سيارته وباشر بطعن آخرين، وهو ما حدث مع السلايمة. ما دفع مفتش عام الشرطة لعقد اجتماع طارئ في مقرّ حرس الحدود، تقرّر في أعقابه تشديد القبضة الحديدية في القدس، ونشر أعداد إضافية من الجنود وعناصر الأمن.

وتخشى سلطات الاحتلال من أن تكون العملية مقدمة لعمليات أخرى مماثلة، كما حدث العام الماضي، وأكدت أوساطها الأمنية أن مكافحة هذا النوع من العمليات الفردية تُعتبر تحدياً كبيراً لها، لأنه لا يُمكن التنبؤ بها مسبقاً. وشهد العام الماضي أكثر من خمس عمليات دهس في القدس ومحيطها، أوقعت عدداً من القتلى والجرحى، وأغلقت سلطات الاحتلال في أعقابها منازل بعض منفّذي هذه العمليات.

وترى أوساط فلسطينية في القدس أن "القمع الذي يمارسه الاحتلال، يفضي إلى مثل هذا النوع من الهجمات، التي ينفذها شبّان غاضبون يعانون الاعتقال والقمع والتنكيل، بالتزامن مع استهداف المقدسات، وتواصل اقتحامات الأقصى، واعتداءات المتطرفين اليهود على المواطنين وممتلكاتهم، وكان آخرها إحراق كنيسة في محيط البلدة القديمة".

ويقول مدير مركز "القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية"، زياد الحموري، في هذا الصدد، إن "هذا النوع من العمليات الارتجالية العفوية، يعكس حالة كبيرة من الغضب والسخط، لا يُمكن وقفها إلا بزوال الاحتلال". وأشار إلى أن "الأوضاع في القدس بلغت مدى كبيراً من الخطورة، وبات المقدسيون يشعرون معها بالغضب". وأضاف: "ماذا تتوقعون من ردود فعلٍ حين يراقب الشباب المقدسي الدعاية الانتخابية في إسرائيل، وما تطرحه الأحزاب الإسرائيلية من برامج فاشية وعنصرية؟ ألن يزيد هذا من إحساسهم بالخطر الشديد الذي ينتظر مستقبلهم؟".

الثابت أن العملية ستدفع الاحتلال إلى تشديد قمعه في القدس، على مشارف انتخابات الكنيست في 17 مارس/ آذار الحالي، وهو ما كشفه المفتش العام للشرطة، بالاضافة إلى تعزيز إجراءات الأمن داخل إسرائيل، تحديداً عند محطات توقف الحافلات والأماكن العامة. وقد تؤدي العملية إلى المزيد من التشدد والتطرف للأحزاب الإسرائيلية، التي جعلت من القدس والأقصى مادة دسمة في دعايتها الانتخابية.

اقرأ أيضاً: ميزانية الأمن الإسرائيلية خارج السجال الانتخابي