رغم وصف العام الماضي 2018 بالأسوأ اقتصادياً في قطاع غزة، بفعل الحصار الإسرائيلي المستمر منذ عام 2006، وفرض السلطة الفلسطينية عقوبات على القطاع منذ أكثر من عام ونصف، إلا أن المؤشرات الحالية تنبئ بتزايد المعاناة، ولا سيما مع إعلان مؤسسات إغاثية عالمية تقليص تمويلها، ما ينذر بتوقف العديد من الأعمال، ويزيد من معاناة العمال الذين توقف صدى مطارقهم.
وشهد العام الماضي 2018 ارتفاعاً ملحوظاً في معدلات الفقر والبطالة، ولا سيما في صفوف العمال في القطاع، لتصل إلى ما نحو 54.9%، إذ بلغ عدد المتعطلين ما يزيد عن 295 ألف عامل، فيما فاقت معدلات الفقر 80%، وفق بيانات الإحصاء الرسمية.
يقول رئيس الاتحاد العام لعمال فلسطين في غزة سامي العمصي لـ"العربي الجديد"، إن 2018 كان الأسوأ على العمال في القطاع خلال السنوات الأخيرة، نتيجة لارتفاع أعداد المتعطلين ومعدلات الفقر.
ويوضح العمصي أن القطاعات العمالية تعيش واقعاً مزرياً بغزة، نتيجة لاستمرار الحصار الإسرائيلي للعام الثاني عشر على التوالي إلى جانب الإجراءات التي فرضتها السلطة الفلسطينية، وغياب التمويل الدولي والمشاريع التنموية.
ويشير إلى أن الحصار الإسرائيلي وحظر إدخال ما يزيد عن 400 صنف عبر المعابر، التي تربط القطاع بالأراضي المحتلة عام 1948، انعكس بالسلب على الأيدي العاملة بغزة وتسبب في ارتفاع معدلات البطالة.
وينوّه إلى أن غياب المشاريع التنموية نتيجة غياب التمويل الدولي المدفوع من أجل إقامة مشاريع جديدة، أثّر بشكلٍ سلبي وساهم في ارتفاع نسب البطالة في صفوف العمال، أو حتى خريجي الجامعات والكليات المحلية في القطاع.
ويرى النقابي الفلسطيني أن التوقعات للعام الجاري 2019 في ضوء المؤشرات الحالية، توحي بأن الأمور متجهة نحو المزيد من السوء بفعل استمرار الواقع السياسي على النحو الحالي، إلى جانب انعكاسات الانقسام والتجاذب السياسي على غزة.
ويتوقع رئيس الاتحاد العام لعمال فلسطين بغزة، أن يشهد العام الجاري مزيداً من الارتفاع في معدلات البطالة في ظل غياب الأفق وانسداده في وجه الغزيين، وخصوصاً الفئة العمرية بين 20 إلى 35 عاماً التي تشكل البطالة ارتفاعاً كبيراً في صفوفها.
ويعتمد أكثر من 80% من سكان قطاع غزة على المساعدات الإغاثية، التي تقدمها المؤسسات الدولية والإغاثية، نتيجة لاستمرار الحصار الإسرائيلي وارتفاع معدلات الفقر والبطالة.
من جانبه، يصف الخبير والمختص في الشأن الاقتصادي محمد أبو جياب، في حديث لـ "العربي الجديد"، أنّ عام 2018 شهد إغلاق منافذ العمل للعديد من المصانع، إلى جانب تضرر نحو 60 ألف مشغل في الصناعات الإنشائية وغياب التوظيف الحكومي، بالإضافة لانعدام التمويل الدولي.
ويعتبر أبو جياب أن المجتمع الغزي يعتبر مجتمعاً عاطلاً من العمل، وهو نتيجة لانعكاسات الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ عام 2006، إلى جانب إجراءات السلطة الفلسطينية المفروضة منذ إبريل/ نيسان 2017، التي تتضمن حسومات تصل إلى 50% لرواتب موظفي السلطة في غزة.
ويلفت إلى أن غياب التمويل الدولي للمشاريع التنموية في القطاع، ساهم أيضاً في تعزيز مشكلة البطالة وارتفاع معدلات المتعطلين عن العمل خلال العام الأخير، إلى جانب التوقعات السلبية بارتفاعها خلال العام الجاري.
ويضيف أن عام 2019 سيكون أسوأ من العام الماضي، وفقاً للمؤشرات الدولية والتقارير الرسمية الصادرة عن سلطة النقد والسلطة الفلسطينية مؤخراً، وهو ما يتضح من انسداد في الأفق وحالة الانغلاق على المستوى السياسي.
ويقدر عدد المصانع التي أغلقت أبوابها بشكل طوعي خلال الأعوام الأخيرة بنحو 450 مصنعاً، بينما يرجح أن تشهد الفترة المقبلة مزيداً من الإغلاق على صعيد المؤسسات والمصانع وتسريح الأيدي العاملة منها، وفق أبو جياب.
ووفقاً لتقرير أصدرته اللجنة الشعبية لكسر حصار غزة أخيراً، فإن نسبة البطالة بين الشباب تصل إلى 65% في وقتٍ بلغت الخسائر الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة في غزة 300 مليون دولار خلال 2018.
وكان تقرير للبنك الدولي صادر في نهاية شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، قد كشف عن شحٍّ كبير في السيولة النقدية لدى الفلسطينيين في غزة، وحدوث انهيار اقتصادي متصاعد، ما يمهد لخطرٍ فادح في تلبية الحاجات الأساسية للسكان. وذكر أن فرداً واحداً من أصل اثنين في قطاع غزة يعاني من الفقر، كما أن المساعدات المتوفرة حالياً للقطاع عاجزة عن توفير النموّ.
ووفق رئيس اللجنة الشعبية لكسر الحصار جمال الخضري، في تصريحات لـ"العربي الجديد" في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، فإن 85% من سكان غزة باتوا يعيشون تحت خط الفقر، مشيراً إلى توقف أغلب المصانع بشكل كامل وجزئي، وهذا كله قد أثّر على القدرة الشرائية في غزة، وأحدث فيها ركوداً في كل القطاعات.
وأشار الجهاز المركزي للإحصاء، مؤخراً إلى أن 37% من الشباب في غزة يرغبون في الهجرة إلى الخارج، مقارنة بنحو 15% في الضفة الغربية.