وكانت الحكومة الحالية قد وعدت بصرف الأرباح للعمال، والاستجابة لمطالبهم المالية والإدارية، واتخاذ قرارات بالهيكلة لتحسين أدائها، إلا أنها لم تنفذ وعودها حتى الآن.
وقال محمد المرشدي، رئيس غرفة الصناعات النسيجية السابق لـ "العربي الجديد": إن هناك تعمداً لإفساد هذه الصناعة الوطنية "ودفعها للخسارة، " تمهيدا لبيعها وهو ما نفذته الحكومات المتعاقبة لبعض الشركات منذ رئيس الوزراء الاسبق عاطف عبيد.
وأضاف: "كل الأزمات التي تمر بها الشركات القابضة للغزل والنسيج من صنع الحكومات عبر مجموعة من رجال الاعمال المحسوبين على الحزب الوطني المنحل".
وذكر المرشدي أن استثمارات صناعة الغزل والنسيج في مصر تتجاوز 60 مليار جنيه، ما يعادل 8.57 مليار دولار، وتضم مليوني عامل سواء في الشركات الخاصة أو قطاع الاعمال المملوك للدولة.
وقال: "زيارة محلب للعمال في مصانعم لن تحل أزمة تدهور الصناعة، ولا بد من وضع استراتيجية تنفذها الدولة بداية من الفلاح ودعم سعر القطن وتسويقه خارجيا وفقا لمتطلبات السوق والبورصات العالمية".
أما فؤاد عبد العليم، رئيس الشركة القابضة للغزل والنسيج، إحدى شركات قطاع الاعمال المصري والتي يتبعها 32 شركة، فقال لـ "العربي الجديد": إنه لم يلتق رئيس الوزراء الجديد منذ توليه مسؤولية رئاسة الوزراء.
وأضاف: "الكلام عن تأسيس صندوق سيادي بقيمة 10 مليارات جنيه دون وجود رؤية مسبقة، سيكون كمن ينثر البذر في صحراء جرداء، لن يكون له عائد على المدى الطويل لتطوير هذه الصناعة".
وذكر أن القرارات المتعلقة بالهيكلة ما زالت متوقفة ولم يتم تنفيذها بعد، رافضا الافصاح عن الاسباب.
وكان وزير الاستثمار السابق، اسامة صالح، قد أكد أن هناك خطة تعتزم الدولة تنفيذها لإعادة هيكلة 32 شركة تابعة للشركة القابضة للغزل والنسيج، بتكلفة ملياري مليار جنيه.
ورفعت مصر الحد الأدنى لأجور العاملين في الجهاز الاداري للدولة إلى 1200 جنيه، مع استثناء شركات قطاع الاعمال والهيئات الاقتصادية وهيئة النقل العام.
وحققت الشركة القابضة للغزل والنسيج أرباحا تبلغ 295 مليون جنيه خلال العام المالي 2011/2012، وبحسب عبد العليم " نحن بصدد عقد جمعية عمومية للإعلان عن إيرادات العام المالي الماضي".
وكشف مسؤول بارز في الشركة القابضة للغزل والنسيج عن أن الخسائر المتوقعة للشركة، خلال العام المالي الماضي، تتراوح بين 300 إلى 600 مليون جنيه ، مشيرا إلى أن خسائر مصر السنوية في هذا القطاع المتعلقة بفرص التنمية تتجاوز 5 مليارات جنيه.
وبحسب وزارة التجارة والصناعة المصرية "بلغت صادرات مصر من القطن والغزل والمنسوجات والسجاد خلال الفترة يناير/ كانون الثاني إلى سبتمبر/ أيلول من العام الماضي بلغت 2.319 مليار دولار".
وتصدرت الولايات المتحدة الامريكية قيمة الصادرات المصرية بقيمة 717 مليون دولار، تلتها تركيا بقيمة 299.6 مليون دولار، وإيطاليا بـ 205.7 مليون دولار، والمملكة المتحدة بـ 161 مليون دولار، وألمانيا 149.4 مليون دولار.
وبلغت قيمة الواردات المصرية من القطن والغزل والمنسوجات والسجاد خلال الفترة نفسها 2.297 مليار دولار، تصدرت الواردات من الصين الشعبية القائمة بنحو 898.2 مليون دولار، وتلتها الهند بقيمة 225.9 مليون دولار، وفي المرتبة الثالثة تركيا بقيمة 225.6 مليون دولار، وإندونيسيا 101 مليون دولار، وأمريكا 77 مليون دولار.
واتهم الدكتور نادر نور الدين، استاذ الاقتصاد الزراعي في جامعة القاهرة، الدولة بأنها مسؤولة عن تدهور صناعة الغزل والنسيج في مصر، وأشار إلى أن وزارة الزراعة المصرية على مدار العشر سنوات الاخيرة لا تدعم الفلاح، مما أثر سلبا على مساحات زراعة محصول القطن.
وأضاف أن مصر ما زالت تزرع القطن طويل التيلة في الدلتا شمال مصر، والقطن قصير التيلة في الصعيد بجنوب البلاد.
وذكر أن مصانع الغزل والنسيج الموجودة في مصر تستورد القطن قصير التيلة من السودان واليونان والهند لعدم تحديثها منذ 40 عاما.
وأكد أن الدولة تدرس المساحات المزروعة سنويا من أنواع القطن، وحاجة الاسواق الخارجية إلى تسويقه قبل زراعته، حتى لا يتكدس القطن في الشون لدى المصانع.
واشترت مصر خلال العام الماضي قنطار القطن بما يتراوح بين 1200 إلى 1500 جنيه، ويبلغ الانتاج سنويا نحو مليوني قنطار سنويا، 70% منه قطن طويل التيلة.
وبلغت مساحة محصول القطن في مصر خلال العام الماضي 290 ألف فدان، مقابل 330 ألف فدان في 2012، في حين وصلت إلى 550 الف فدان في 2011.
من جانبه، قال عبد الفتاح إبراهيم، عضو نقابة العاملين في الغزل والنسيج : "رفعنا مذكرة إلى رئيس الوزراء الجديد، ابراهيم محلب، نهاية الاسبوع الماضي لتطوير صناعة الغزل والنسيج ".
وأضاف: "العاملون بالنقابة طلبوا من الدولة تدعيم صندوق زراعة الاقطان بما يعمل على مساعدة الفلاح، الذي لم يعد يزرع القطن، في ظل تدني سعره وعدم دعم الدولة لتجار القطن الذي يشترونه من الفلاح".
وقال إبراهيم: "على الحكومة دراسة تجارب دول أخرى في القطاع، خاصة الهند وماليزيا وبنغلاديش التي تتجاوز صادراتها من الملابس والغزول سنويا 20 مليار دولار" .
وأوضح عبدالفتاح ابراهيم، عضو نقابة العاملين في الغزل والنسيج ورئيس غرفة الصناعات النسيجية السابق، أن مصر حتى الآن لم تفعل اتفاقية الجات التي وقعت عليها بشأن فرض رسوم على المنسوجات والغزول ، مشيرا إلى أن الرسوم الحالية على المنسوجات 10% للدولة، تم رفعها إلى 20%.
وأضاف: "هناك 2400 مصنع متوقف للغزل والنسيج في مصر على مدار3 سنوات". وقال: "إذا كانت الدولة راغبة في تطوير الصناعة فعليها أن تدرب العمال ، والعامل المصري في الغزل والنسيج يمتلك مهارة عالية رغم كل ما يقال عنه ".
وأكد مجدي طلبة، صاحب مصنع "كايرو قطن سنتر" أن مصر لديها مزايا كبيرة لصناعة الملابس القطنية لقربها من الأسواق العالمية في أوروبا وأمريكا، عبر اتفاقية الكويز، التي تنص على تصدير منتجات الملابس إلى أمريكا على أن يدخل في مكوناتها 11.3 % مكون اسرائيلي .
وذكر أنه على الرغم من هذه المزايا، إلا أن صادرات مصر من الملابس والمنسوجات لا تتعدى 2.4 مليار دولار سنويا، مقابل صادرات الهند وبنغلاديش التي تتجاوز 20 مليار دولار سنويا لكل منهما.
وقال "ما زالت مصر لا تفرض تسعيرة جمركية على الملابس الواردة اليها فضلا عن عدم مكافحة التهريب" ويصل 50% من الملابس الموجودة في السوق المحلي عن طريق التهريب.