عمال السياحة في شرم الشيخ: عودة زمن الرّق

14 مارس 2016
تدهور القطاع السياحي في مصر (خالد دسوقي/ فرانس برس)
+ الخط -
"أولادنا جوعانين أغيثونا"، "انهيار السياحة ليس ذنبنا"... هي عينة من اللافتات التي رفعها العمال في فنادق شرم الشيخ، بعدما أعلن هؤلاء الاعتصام منذ أكثر من أسبوعين للمطالبة بصرف رواتبهم، والتي لم يحصلوا عليها منذ أكثر من ثلاثة أشهر، وسط تهديدات مستمرة بصرفهم من العمل بلا تعويضات، ما يجعلهم في ظروف أشبه بزمن الرق.
يقول العامل في فندق في شرم الشيخ محمد عبود، والذي أخلي سبيله منذ أيام، بعد اعتقاله بتهمة التظاهر والاعتصام
"إن أوضاع العاملين في القطاع السياحي منذ عام 2011، في ترد مستمر، إلا أن الأمور تدهورت بصورة كبيرة بعد حادث الطائرة الروسية، حيث انخفضت نسب الإشغال الفندقي إلى أكثر من الضعف، إذ لم تصل نسب الإشغال في ليلة رأس السنة على سبيل المثال إلى أكثر من 2%".

ويضيف: "تغيرت نوعية السياح بدرجة كبيرة، فقد اختفى الأجانب، وحل مكانهم المصريون والعرب، وهم سياح من الدرجة الثانية. هذا التبدل والانخفاض في أعداد السياح، تحمله العمال، قبل الشركات التي كانت تعتمد بصورة أساسية على السياح الأجانب، وكانت تخفض أجور العاملين مستخدمة سلاح العمولات، والتي نحصل عليها من الأفواج السياحية المختلفة. إلا أن الشركات ذاتها اليوم ترفض الاستمرار في عملنا".
ويوضح عبود أنه فور انهيار القطاع السياحي، قررت الفنادق والشركات السياحية الاستغناء عن العمال دون أدنى تعويض، رغم أن أجورنا ضعيفة أصلاً، ولا تشكل أي ضغط أو عبء يذكر على استثماراتهم. مشيراً إلى أن راتب مسؤول أمن الافواج لم يكن يتخطى 1500 جنيه.
ويلفت عبود إلى أن ما أثار غضب العاملين في الفنادق هو تعنت الإدارة مع العمال، مؤكداً أنه فور إعلان اعتصامهم للمطالبة بصرف الرواتب، والتي لم يتقاضوها منذ ثلاثة أشهر، توجه أصحاب الفندق إلى قسم الشرطة وحرروا محاضر ضد العمال، فقامت قوات الأمن بإلقاء القبض على ما يزيد عن 15عاملاً، لم تفرج عنهم سوى بضمان محل الإقامة.

سياسات خاطئة

أما الأمين العام للنقابة المستقلة للعاملين في السياحة حمدي عز، فيقول: "شهد قطاع السياحة أزمة كبيرة خلال الفترة الماضية، بسبب عوامل داخلية وخارجية، حيث تأثر القطاع بشكل لافت بالأوضاع الداخلية، والسياسات المتضاربة التي تنتهجها الدولة". ويشير عز إلى أن هناك نوعين من العمالة في شرم الشيخ: العمالة الدائمة، وعمال "الكاجوال"؛ أي العمالة المؤقتة التي تعمل في النظافة وغيرها من الأعمال، والذين يمثلون 30% من إجمالي عدد العاملين في السياحة.

أي ما يقارب من 1.5 مليون عامل. إذ إن عدد العاملين في السياحة يصل إلى 4 ملايين مواطن مصري. مؤكداً أن "عمال الكاجوال" تم تسريحهم على مدار السنوات الخمس الماضية، كما أن رجال الأعمال لم يتوانوا خلال الفترة الماضية عن تسريح العمالة الدائمة بحجة ضعف القطاع السياحي، رغم حملات تنشيط السياحة التي تقوم بها الدولة، والتي تنفق عليها الملايين، إضافة إلى وجود السياحة الداخلية التي يمكنها أن تفي برواتب العاملين الدائمين في الفنادق.
ويطالب عز بصرف التعويضات من صندوق الطوارئ الخاص في وزارة القوى العاملة والهجرة للعاملين الدائمين، بالإضافة إلى تحمل الدولة قيمة التأمينات الاجتماعية للعاملين في القطاع السياحي، وتوقف عملية تسريح العمال من الفنادق والهيئات السياحية بشكل فوري.
من جهة أخرى، يلفت عز أن حادث الطائرة الروسية وما استتبعه من حالات إقفال تام لبعض الفنادق في مدينة شرم الشيخ وتسريح العمال، يثبت بما لا يدع مجالاً للشك، أن العاملين في القطاع السياحي هم الذين يتم تحميلهم عبء الحادث أو الأزمة، بحيث باتوا "عمالة سخرة ليس لهم دية"، فحقوقهم أرخص من فنجان قهوة يتناوله أي زبون في أي فندق، متسائلاً: "هل من حق صاحب العمل إغلاق المنشأة أو الفندق بشكل كلي أو جزئي في أي وقت، وتسريح العديد من العمال دون أي التزام اتجاههم، كأنهم ليسوا بشراً يتمتعون بحقوق؟".
أما المرشد السياحي في منطقة شرم الشيخ حسن محمد، فيقول: "تكمن الأزمة الأكبر في أن أصحاب الفنادق يرفضون أن تكون أرباحهم قليلة، لانهم اعتادوا على تحقيق أرباح تفوق 200%". ويلفت محمد إلى أنه يعيش معاناة كبيرة خلال الفترة الراهنة، حيث انخفض دخله الأساسي إلى أكثر من ثلاثة أرباع الأجر الذي كان يحصل عليه قبل حادث الطائرة الروسية، مشيراً إلى أن حملات تنشيط السياحة التي تقوم بها الدولة والعديد من مؤسسات المجتمع المدني يشوبها الفساد.
ويؤكد أن الدولة مربكة تجاه تحسين أوضاع السياحة في مصر عموماً. مشيراً إلى أن هذا الإرباك أنتج العديد من الأزمات، بينها انتشار سماسرة السياحة الذين يحصلون على 20% من قيمة ما يدفعه السائح مقابل جلبه إلى الفنادق والمطاعم. بالإضافة إلى الاعتماد على السياحة الداخلية التي تمثل 3 أضعاف السياحة الخارجية القادمة من إيطاليا وألمانيا وعدد من الدول، وهو ما يعني أن الفنادق ما زالت قادرة على العمل ودفع أجور العاملين.

اقرأ أيضاً:المصريون ضاقوا ذرعاً بالمحسوبية والمحاباة
المساهمون