علي يبحث عن مستقبل جديد

06 ديسمبر 2016
يعمل لمساعدة عائلته (العربي الجديد)
+ الخط -
قست الحرب في سورية على معظم النازحين أو اللاجئين إلى دول أخرى. يكفي أن هؤلاء حرموا من الاستقرار، واضطروا إلى العيش في مجتمعات لا تشبههم أحياناً في عاداتها وتقاليدها. كذلك، تفرقت عائلات كثيرة. ولا مجال أمام هؤلاء غير تقبّل واقعهم الجديد. فالظروف الصعبة هي التي قادتهم إلى هذا المصير. علي هو أحد الذين قست عليهم الحياة وغيّرت مسار حياتهم. كان يحلم بالحصول على شهادة في هندسة الكمبيوتر، إلا أنه تنازل عن حلمه، واكتفى بدراسة التصميم الغرافيكي.

علي شاب فلسطيني (19 عاماً)، كان يعيش في سورية قبل أن يلجأ إلى لبنان بسبب الحرب. يتحدّر من طبريا في فلسطين. سابقاً، كان يقطن في الغوطة الشرقية في دمشق. وقبل أربع سنوات، لجأ وعائلته إلى لبنان، بعد قصف بيته، وتحديداً المكان الذي اعتاد أن ينام فيه، لكنه نجا من الموت لأنه لم يكن في المنزل ذلك اليوم. في الوقت الحالي، يسكن في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا (جنوب لبنان).

يقول علي لـ"العربي الجديد": "لم أتوقّع يوماً أن يحدث ما حدث، وأن تبدأ حرب في سورية تضطرنا إلى تركها واللجوء إلى بلد آخر. كنت أحلم بدراسة هندسة الكمبيوتر، لكن الحرب واللجوء غيرا كل مسار حياتي، وصرت أشعر بأن مستقبلي في خطر".

يروي علي أنه نزح مع عائلته المؤلفة من والده ووالدته وشقيقتيه وشقيقه إلى مخيم عين الحلوة، واستأجروا منزلاً في المخيم. ولأن بدل الإيجار يبلغ 200 دولار، اضطر إلى العمل أثناء الدراسة، ليتمكن من تأمين مصاريف تعليمه ومصاريف البيت. يلفت إلى أن والده رجل مسن ولا يستطيع العمل. لذلك، يعمل وشقيقه لتأمين كل متطلبات المنزل.

كان قد التحق بمدرسة خاصة لتعليم السوريين، حاله حال لاجئين آخرين. أراد الذهاب إلى سورية لتقديم امتحانات شهادة البكالوريا التي تخوله دخول الجامعة، لكنه لم يستطع لأنه صار في عمر يجبره على الالتحاق بالخدمة العسكرية. من جهة أخرى، خشي ألا يكون قادراً على العودة إلى لبنان مرة أخرى. وكان هذا كفيلاً بإحباطه. هكذا تخلى عن رغبته في متابعة تعليمه، وعمل في مجالات وأماكن عدة في لبنان. حتى أنه تعلم برمجة الكمبيوتر وصيانته، وهو ما يحب أن يفعله. لكنه مع بدء العام الدراسي في لبنان، ترك عمله في مجال الكهرباء، والتحق بأحد المعاهد في مدينة صيدا، لدراسة التصميم الغرافيكي.

يقول علي: "صحيح أنني أحب دراسة الهندسة، إلا أنني لم أكن قادراً على فعل شيء بسبب الحرب. لذلك، قررت متابعة التعليم المهني، على أن أجري بعد ثلاث سنوات الامتحانات الرسمية في لبنان. بعدها، أصير قادراً على الالتحاق بأية جامعة في هذا البلد الجديد".

في الوقت الحالي، يعمل علي في مقهى ليؤمّن مصاريف المعهد، ويساعد عائلته. خلال النهار، يأتي إلى المعهد. وبعد انتهاء الدوام، يذهب إلى عمله ويبقى حتى ساعات الليل، ثم يعود إلى بيته في المخيّم. ويلفت إلى أنه يدخل إلى المخيم ويخرج منه بشكل قانوني، لأنه يملك أوراقاً رسمية.

من جهةٍ أخرى، يتحدث علي عن بعض معاناته وعائلته. يقول إن المشكلة الأساسية مادية، "حالنا حال العديد من اللاجئين إلى لبنان، الذين خسروا بيوتهم وأعمالهم، وإن المساعدات المادية التي تقدمها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، والتي تبلغ قيمتها 30 دولاراً للفرد الواحد، لا تكفي لسد احتياجات البيت. فكيف بتأمين بدل إيجاره؟". كذلك، توقف دعم مؤسسات أخرى، كانت تقدّم بعض المساعدات للاجئين، "حالياً، لم نعد نحصل على شيء. لذلك، أعمل وشقيقي".

في ظل هذه الظروف، لا يتمنى علي إلا أن تنتهي الحرب ويعود إلى بيته في سورية، لافتاً إلى أنه يتعذب في لبنان، ويشعر بأنه يخسر مستقبله. لذلك، يريد تلك الحياة التي كان يعيشها قبل بدء الحرب. لم يخسر علي أحداً من أفراد عائلته أو أقاربه، لكن بيته دمّر بفعل القصف، وخسر المستقبل الذي كان يريده لنفسه.

المساهمون