علي دوابشة .. أشعر بالخجل

05 اغسطس 2015
+ الخط -
"استيقظنا هذا الصباح على يوم حزين. قتل الطفل الرضيع علي دوابشة الذي كان نائما في سريره، والإصابات الخطيرة التي لحقت بأبناء أسرته، شقيقه، والده وأمه التي تكافح من أجل حياتها، جرح قلبنا جميعا. يفوق شعوري بالألم شعوري بالخجل، ألم على قتل رضيع صغير، ألم على أنّ أبناء شعبي اختاروا طريق الإرهاب، وفقدوا إنسانيّتهم".‏‎

تحت عنوان "أشعر بالخجل"، صدرت هذه الكلمات، يا للهول، ويا للصدمة، عن الرئيس الإسرائيلي رئوفين ريفلين، وهو المحامي والسياسي والرئيس السابق للكنيست، والليكودي المتطرف. صدمته بشاعة الجريمة المكررة على مدار أكثر من 60 عاما من النكبة العربية الكبرى، فقال تلك الكلمات، ورفعها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لكنه لم يتوقع أن يثير عاصفة كهذه في الشبكة، وانتقادات من قبيل:
"أحمد ريفلين، أنت حقّا مثير للاشمئزاز". "اختار أبناء شعبي طريق الإرهاب وفقدوا إنسانيّتهم؟ "أي تعميم وحشي هذا؟ "بدلا من تهدئة النفوس، يختار الرئيس تحديدًا تأجيجها". "أنت بالتأكيد لست رئيسي". وجاء في الردود أيضًا "رئيس للعرب وليس لليهود". "أخجل بك كيهودي، الخطأ الأكبر أنه تم اختيارك رئيسا، أنت مصدر خجل للشعب اليهودي. لماذا عندما يرتكب العرب العمليات الإرهابية كل يوم لا تردّ، هذا مثير للاشمئزاز، عليك أن تخجل".
تأتي جريمة إحراق الرضيع دوابشة حياً، بعد عام من إحراق الطفل محمد أبو خضير، في وقت ملغم بالمصائب التي تصرف اهتمام الأمة عن إدانة حقيقية لهذه الجريمة، اللهم إلا عبر بيانات تنديد جافة، في أحسن الأحوال.
تعري جريمة إحراق الرضيع دوابشة، ذي الـ18 شهراً، ضعفنا وعجزنا وتشرذمنا وتهافتنا وتنازعنا وانقسامنا السياسي أمام العالم، وتكشف، بما لا يدع مجالا للشك، عجز النخب الفلسطينية، سلطة وفصائل، عن الدفاع عن حقوق شعبها، وتحقيق طموحاته بحياة كريمة فوق أرضه.
تنبري نخبنا الفلسطينية للتنديد بالاقتحامات شبه اليومية للمسجد الأقصى، قبلة المسلمين الأولى، متناسين أن هدم الكعبة المشرفة، فضلا عن المسجد الأقصى، اهون على الله من إراقة دم امرئ مسلم بغير حق، فما بالكم بارتكاب جريمة إرهابية نازية، بحق رضيع لم يملك للدفاع عن نفسه سوى الصراخ على أمة غيبها الجهل والسكر والتخمة بالمال والنفط .
منذ حرب الخليج الأولى، ومنذ أصبح الطريق إلى فلسطين يمر تارة من الكويت، وتارة يمر من بغداد، وتارة من صنعاء، وأخيرا أصبح الطريق إلى القدس يمر من الزبداني، لم تعد القضية الفلسطينية القضية المركزية للأمة، حيث انصرفوا عنها إلى الدفاع عن أنفسهم تارة في وجه شعوبهم، وتارة في وجه دواعش العصر الجدد، المجللين تارة بعباءة ولاية الفقيه، وتارة بعباءة خلافة الدولة.
لن تجرؤ الإدارة الأميركية على إغضاب إسرائيل، بإدانتها في أي محفل دولي، ولن تحرك ساكناً، حتى لو أحرق الشعب الفلسطيني بأكمله، اللهم إلا من بيان يعبر عن القلق. أما السلطة الفلسطينية في رام الله، فلا يتوقع أن تتخذ أي موقف فدائي، مثل وقف أو حتى تعليق مؤقت للتنسيق الأمني مع الاحتلال، وفي أحسن الأحوال، لن تخرج عن الدعوة إلى تفعيل المقاومة الشعبية التي تمنعها وتقمعها عملياً، أو التهديد باللجوء إلى محكمة الجنائيات الدولية التي لا ترد غاصباً، ولا تطفئ نيران غضب حتى طفل فلسطيني.
اعتبر بعضهم اعتراف نتنياهو، وللمرة الأولى، بأن ما حصل "عمل إرهابي"، تقدماً يعبر ربما عن صحوة ضمير، لكنه لا يعدو أن يكون ضريبة كلامية، عليه دفعها لتبريد نيران الغضب الدولي، والتمويه على الداعم الحقيقي لهذه العمليات الإرهابية، وحكومته هي الإرهابية الأولى في العالم، وليس متوقعاً محاسبة القتلة أو معاقبتهم، حيث ألصقت التهمة بالمستوطنين، في تسمية تضليلية، لصرف الاتهام عن الإرهاب اليهودي المستند إلى نصوص توراتيه ورعاية حكومية وتربية دينية لا سامية، قائمة على إبادة الأغيار.
المطالبة بتحرك عربي لعقد اجتماع لمجلس الأمن من المتوقع أن يصطدم بالفيتو الأميركي الجاهز، كما أن عقد قمة عربية طارئة يبدو مطلبا غير واقعي في ظل واقع تحرق فيه شعوب عربية بأكملها في سورية والعراق واليمن، ثم لا تنعقد القمة، فهل ستنعقد من أجل مجرد إحراق رضيع، وفلسطيني أيضاً.
7B62544C-2905-4EC5-9BF3-8CE568ADF7B0
7B62544C-2905-4EC5-9BF3-8CE568ADF7B0
عماد توفيق (فلسطين)
عماد توفيق (فلسطين)