علي بن صميخ المري لـ"العربي الجديد": ضغوطنا ستنجح حتماً

05 يونيو 2018
المري: وجدنا دعماً وتعاطفاً من العالم (كريم جعفر/فرانس برس)
+ الخط -
نجحت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، منذ اللحظة الأولى لفرض الحصار على قطر في الخامس من يونيو/حزيران 2017، في تصدر مشهد مواجهة الحملة ضد الدوحة، خصوصاً في ما يتعلق بالجوانب التي أضرت ولا تزال بالمواطن والمقيم في قطر. ويؤكد رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان علي بن صميخ المري في مقابلة مع "العربي الجديد"، بمناسبة مرور عام على الحصار، على حجم الدعم والمساندة الذي نالته بلاده، من البرلمانات والمنظمات الحقوقية الدولية. ويرى في إدراج ملف الحصار والانتهاكات ضمن آليات حقوق الإنسان في البرلمان الأوروبي، خطوة كبيرة في مسألة التعجيل بالحلول لرفع معاناة الضحايا والمتضررين.

* لماذا لم يترجم الدعم الدولي الحقوقي والبرلماني لقطر في وجه دول الحصار، وضد الانتهاكات التي لحقت بالمواطنين والمقيمين، إلى ضغوط حقيقية لرفع الحصار وحل المشاكل الإنسانية الناجمة عنه؟
مند الوهلة الأولى للحصار وتداعياته الإنسانية، وجدنا دعماً وتعاطفاً كبيرين من طرف المنظمات الدولية والعديد من البرلمانات. وترجم ذلك في تقارير تلك المنظمات والبعثات البرلمانية كالمفوضية السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، ومنظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، وبعثات لتقصي الحقائق. وتعتبر تقارير هذه المنظمات عن الأوضاع الإنسانية جراء الحصار، انتصاراً قانونياً تحقق في ظرف وجيز جداً، وقد تُرجم ذلك إلى ضغط كبير على تلك الدول، مما جعلها في وضعية الدفاع والتبرير تارة والاعتراف الصريح بالانتهاكات تارة أخرى. بالتأكيد هذا غير كافٍ، وحالياً تم إدراج ملف الانتهاكات الحقوقية ضمن آليات حقوق الإنسان في البرلمان الأوروبي، وهذه خطوة كبيرة في مسألة التعجيل بالحلول لرفع معاناة الضحايا والمتضررين. بالتالي، رغم تعنت دول الحصار، فإن الضغط مستمر وحتماً سوف يأتي بنتائجه. فالملف الإنساني أصبح مطروحاً بقوة الآن في كل اللقاءات أو التحركات الدبلوماسية، وأصبحت هناك قناعة بأن الإسراع في حله قد يؤدي إلى نجاح أية مساع لحل الأزمة الخليجية.

* ثمة ملف ضاغط، هو شعائر العمرة والحج التي لم تعد متاحة للقطريين وللمقيمين في دولة قطر بعد الأزمة الخليجية. هل من خطط لديكم للضغط من أجل دفع السعودية للسماح لهم في أداء العمرة والحج؟
منذ البداية طالبت اللجنة، السعودية بعدم تسييس الشعائر الدينية والسماح للمواطنين والمقيمين بممارسة حقهم المشروع في أداء مناسك الحج والعمرة. إلا أن كل تلك النداءات قوبلت بالرفض أو بوضع مزيد من العراقيل، في إطار تسييس الشعائر الدينية واستعمالها ورقة للضغط السياسي. وقد قامت اللجنة الوطنية بطرح انتهاك الحق في ممارسة الشعائر الدينية في كافة المحافل الدولية وعلى رأسها المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، والتي قامت مشكورة بالعديد من الخطوات لحلّ هذا الإشكال.
كما أن المقرر الخاص بحرية المعتقد في الأمم المتحدة قام بتوجيه نداء عاجل إلى السعودية حول هذا الأمر. نحن مستمرون اليوم في طرق أبواب المنظمات والمحافل الحقوقية الدولية وكذلك منظومة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، لرفع تلك الانتهاكات عن المعتمرين والحجاج من دولة قطر. كما ستقوم بكافة الإجراءات اللازمة لمقاضاة السعودية لمطالبتها بالتعويض عن الأضرار التي تسببها للمعتمرين والحجاج وعن الخسائر المادية التي تكبدتها مكاتب وحملات تنظيم الحج والعمرة.



* تطالبون الحكومة القطرية بنقل ملف الحصار وإجراءات دول الحصار إلى الأمم المتحدة. هل ترون أن هذه المطالبة يمكن أن تنصف المواطنين وتساهم برفع الحصار عن قطر في حال تمت تلبيتها؟
أي تحرك من أية جهة كانت حكومية أو غير حكومية مرحب به ويخدم قضية إنصاف الضحايا، لذلك طالبنا حكومة قطر بالتحرك عبر القنوات الدبلوماسية والقانونية للتخفيف من معاناة الضحايا وإنصافهم، ورحبنا بإنشاء الحكومة لجنة التعويضات. كما أن الحكومة القطرية تعاقدت مع مكتب محاماة دولي لتحريك قضايا التعويضات، كما قامت بعض الأجهزة الحكومية برفع العديد من الشكاوى أمام المنظمات والوكالات الدولية المتخصصة، فالعمل جار بالإجراءات القضائية والتحكيمية.

* هناك حديث عن رفع دعاوى أمام المحاكم الدولية لتعويض المواطنين عن خسائرهم. متى تتوقعون شيئاً ملموساً بهذا الصدد؟
الإجراءات القانونية والقضائية منها وشبه القضائية خصوصاً، تستغرق وقتاً طويلاً للأسف، خصوصاً أمام الآليات والمحاكم الدولية. التحركات القانونية التي قامت بها اللجنة خلال هذه السنة تمحورت حول 5 مسارات: 1) مسار المنظمات الدولية للحصول على إدانة دولية للحصار وتداعياته، ونجحنا في ذلك. 2) مسار الإجراءات الخاصة إذ تم رفع كل الحالات والشكاوى التي تلقتها اللجنة الوطنية إلى المقررين الخاصين بالأمم المتحدة كل حسب تخصصه. وقد أصدر ستة مقررين نداءات عاجلة ومساءلة إلى البحرين والإمارات، وأصدر سبعة مقررين نداء عاجلا ومساءلة إلى السعودية. وتعتبر هذه المخاطبات إدانة صريحة من المقررين ومساءلة دولية تشكل ضغطاً كبيراً على تلك الدول وإثبات أن ما تعرضت له دولة قطر، هو إجراءات تعسفية أحادية الجانب، وطالب المقررون دول الحصار بالإفصاح عن الآليات والإجراءات المتخذة لرفع الغبن عن الضحايا وتعويضهم. وهؤلاء المقررون هم المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير؛ والمقرر الخاص المعني بحق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية؛ والمقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان للمهاجرين؛ والمقرر الخاص المعني بالأشكال المعاصرة للعنصرية والتمييز العنصري وكراهية الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب؛ والمقرر الخاص المعني بتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها أثناء مكافحة الإرهاب؛ والمقرر الخاص المعني بالحق في التعليم؛ والمقرر الخاص المعني بحرية الدين أو المعتقد. 3) مسار الإجراءات شبه القضائية، وهنا قامت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان وبعض المنظمات المعنية باللجوء إلى إجراءات الشكاوى أمام اللجان التعاقدية في الأمم المتحدة، وكذلك رفع التقارير لها إلى جانب إجراءات الشكاوى أمام بعض الوكالات الدولية المتخصصة وسوف يبت في بعض هذه القضايا لاحقاً. 4) مسار الإجراءات القضائية، وهذا المسار يتطلب وقتاً طويلاً سواء من حيث التحضير للملفات والإجراءات والنظر في الجهات القضائية المختصة، وسواء على الصعيد الوطني لدولة قطر أو أمام المحاكم في دول الحصار أو الجهات القضائية الدولية المختصة. وهنا يجب التذكير بأن دول الحصار أغلقت كافة سبل التقاضي أمام الضحايا في انتهاك صارخ للحق في التقاضي. وقامت لجنة التعويضات بالتعاقد مع مكتب محاماة دولية لهذا الغرض. 5) مسار التحكيم الدولي بشأن الشركات المتضررة والأفراد الذين لهم أملاك في تلك الدول وقد بدأت بعض الجهات المعنية في الدولة بالتحرك في هذا الموضوع. لقد استطاعت اللجنة الوطنية في ظرف قصير، تحريك مسارات عديدة وما زلنا مستمرين حتى ينصف آخر ضحية من ضحايا الحصار.

* هل تعتبر أنكم نجحتم كلجنة في الحد من تضرر المواطنين والمقيمين من الحصار، سواء تعليمياً أو صحياً أو غير ذلك؟
قضايا الحصار والضحايا والمتضررين أصبحت معروفة للعالم أجمع، وما تعرّضت له دولة قطر ليس قطعاً للعلاقات الدبلوماسية أو الاقتصادية، وإنما هو حصار جائر وإجراءات تعسفية أحادية الجانب وعقاب جماعي ضد قطر، وضد المجتمعات الخليجية. وقد تمكنا من تبيان ذلك وفضحه، وتقرير البعثة الفنية للمفوضية السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة أثبت صحة ذلك، بل ذهبت المفوضية إلى الحديث عن حرب اقتصادية تعرضت لها قطر، وأن الاجراءات المتخذة من دول الحصار غير قانونية وتمييزية. لقد نجحنا في كشف أن ما تعرضت له دولة قطر كان أعظم وأخطر من مجرد إجراءات دبلوماسية، بل كانت الدولة مستهدفة في أمنها وشعبها وسيادتها، ونجحت اللجنة الوطنية في تعرية العديد من مطالب دول الحصار التي تناقض كلها القانون الدولي وخاصة تلك التي تعارض اتفاقيات حقوق الإنسان.

* أين وصلت جهود اللجنة في متابعة قضية المواطنين محسن الكربي وطلال الرشيد اللذين جرى اعتقالهما من قبل السلطات السعودية؟
للأسف الشديد المواطنون القطريون أصبحوا مستهدفين من دول الحصار، وهذا يدخل في إطار تضييق الخناق على حرية التنقل وتهديد وترهيب المواطنين والمقيمين. وفي حالة السيد محسن صالح الكربي الذي اعتقل على الحدود اليمنية السعودية، فحتى الآن لا نعرف مكانه ولم يسمح لعائلته ومحاميه بالتواصل معه، وقد تواصلنا مع المنظمات الدولية والمفوضية السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة والفريق العامل المعني بالحجز التعسفي. كذلك خاطبنا لجنة التحقيق الوطنية في اليمن وهي من الآليات التي أنشأتها الحكومة الشرعية في اليمن للتحقيق في الكشف عن مصيره وتمكينه من حقوقه، وننتظر رداً منها. أما حالة السيد نواف بن طلال الرشيد فهي تعتبر اختطافاً وإخفاء قسرياً قامت به السعودية ضده، وقد خاطبنا كافة الجهات الدولية المعنية بما فيها المفوضية السامية لحقوق الإنسان والفريق المعني بالاختفاء القسري، والفريق المعني بالحجز التعسفي. كما أصدرنا نداء عاجلاً لكافة المنظمات لأن الأمر خطير جداً كما ذكرت، إذ يتعلق باختطاف واختفاء قسري يعاقب عليه القانون الدولي. وبالفعل قام الفريق المعني بالاختفاء القسري في الأمم المتحدة بمخاطبة السلطات السعودية مطالباً إياها بالكشف عن مصيره. كما دعت المفوضية السامية لحقوق الإنسان في بيانها الصادر بتاريخ 29 مايو/ أيار الماضي، السلطات السعودية إلى تقديم معلومات فورية عن مكان وجوده.



دلالات